الفصل الخامس

استنيت لحد ما مشيت وجريت بسرعة وقررت ارجع البيت قبل منها. لازم اوصل قبل ما ترجع علشان ما تعرفش وما تشكش ولا واحد في المليون وصلت البيت كنت عرقان جدا دخلت تحت البطانية وعملت نفسي نايم علشان ما تاخدش بالها من العرق اللي مغطيني. بعد شوية سمعت باب الشقة بيتفتح ببطء وبصوت وكان عالي. سمعت صوت حاجة تقيلة بتتجر على الارض. خطوات تقيلة بتتحرك ناحية الاوضة. هي طبعا .غمضت عيني وانا بترعش من الخوف وبدعي ان كل حاجة تعدي الليل على خير. فتح الباب ودخلت سلافة دخلت بهدوء وقعدت جنبي على السرير واتغطت وكنت سامع صوت انفاسها. وكل اللي مسيطر علي ان انا اتجوزت شيطان. اول لما النهار طلع طلبت من هدى تروح تقعد يومين عند عمي وما رضيتش اقول لها السبب او احكي لها عن اي حاجة. بس في الحقيقة انا كنت خايف. خايف جدا. كنت عاوز اعرف كل شيء عن سلافة اللي اكتشفت ان وراها اسرار كتير جدا ولكنها مش مفهومة. غموض. وصلت هدى بيت عمي ورجعت خلال الطريق بحاول افكر. هدى سألتني صحيح بالمناسبة هو انت موديني ليه هناك؟ انا شايف اعصابك بايظة والافضل تغيري جو. ويا ستي هم يومين وابقي ارجعي. انا كلمت عمي وهو في انتظارك. انت صدقتني. صح؟ صدقت ايه؟ تقصدي ايه؟ صدقت ان مراتك وراء كل المصايب دي. قصدك ايه؟ هاقولها لك اكتر من كده ايه؟ سلافة ورا كل اللي بيحصل. انت مش عايز تصدق ده ليه؟ هتعمل ده ليه؟ ولو فرضنا انا ما شفتش منها ازى ولا شر؟ كمال خرجها من بيتنا. اسمع كلام اختك. خليها تبعد عنا وبشرها ده كله. ما اقدرش يا هدى اعمل ده دلوقتي. انا لازم اعرف الحقيقة الاول. يبقى انت عارف يبقى صدقني. وعشان كده موديني عند عمي. انا خايفة عليك. خايفة عليك منها. بلاش تحكي لعمك على اي حاجة. لحد ما نشوف اخرتها ايه. بعد لما وصلتها رحت عديت على سلافة في المحل. كان مقفول سألت اتقال لي ان المحل بقى له اسبوع ما بيتفتحش. وهي طول الايام اللي هناك بتروح فين؟ يلا. رجعت البيت وقتها كانت الساعة عشرة بالليل اول ما دخلت البيت غرقان في الضلمة. لمحت واحدة واقفة في الضلمة. هم. كنت فاكرها سلافة. لكن لما قربت شفت اللي خلى قلبي يتنفض ما بين ضلوعي. اتجمدت في مكاني. اتقرب مني ببطء ايه انت مين؟ انا مراتك. وصرخت وقبضت ايدها على رقبتي كانت قوية جدا وبتخنق في. وكانها بتخترقني. واختفت. ولقيت سلافة جاية تجري علي وبتقول لي في ايه حصل ؟ ايه حصل ايه؟ يا سلافة مش كفاية اللي حصل بسببك؟ سببي انا! انا هدخل اغير هدومي. انا مجهد. نبقى نتعشى ونبقى نشوف الكلام اللي عندك وعندي. فضلت بر عاملة نفسها مش فاهمة حاجة ودخلت اوضتي وبدأت اغير هدومي. بطني كانت وجعاني جدا. سندت على الحيطة والالم بيزيد. وبدأت احس ان انا عايز ارجع. مديت ايديا طلعت حاجة زي كورة شعر من بوقي. ايوة. حاسس ان معها روحي بتطلع. مش قادرة اتنفس. مش قادرة اقوم تاني من على الارض. صوتي ما بيخرجش. زغللة بتيجي في عيني وشفت الباب بيتفتح وسلافة بتدخل. حسيت لوهلة ان ملامحها متغيرة. سلافة. الحقيني. انا باموت. اتبدل المشهد لقيت نفسي في مكان تاني. كنت بفتح عينيا واحدة واحدة. حاسس ان انا متكتف ومتقيد ومش عارف اتكلم اصلا. صداع رهيب. الرؤية صعبة. ضلمة. هدوء مخيف. ريحة اموات. صوت غربان. ايوة صوت غلبان وصوت نباح كلاب. انا فين؟ انا في اوضة ضيقة ما فيهاش اساس وكلها تراب اسود والحيطان بتاعتها مليانة شقوق وخيوط عنكبوت. حواليا ست بنات مرميين على الارض ومتربطين بحبال وسلاسل. انا مش قادر اقوم من مكاني. ولمحت حاجة وواقفة على باب الاوضة. صامتة تماما. قفلت عيني من الخوف ورجعت فتحتها تاني. كل اللي قدرت اشوفه وشوه. مخلوق طوله كان حوالي مترين. واطي علشان يقدر يدخل من الباب. جسمانه ضخم. ما قدرتش اشيل عيني من على وشه علشان اشوف باقي شكله. ملامحه بدأت توضح اكتر. في وسط الضلمة بدأت اشوفه بيتشكل على هيئة سلافة مراتي. منظرها بشع. وشها متفحم. شعرها بيقع في الارض. كانت مسخة. مسخ فيه شبه بس من مراتي. لفت راسها وبصت لي وضحكت ضحكة مخيفة مرعبة. وبتقرب مني. قبل ما توصل عندي لفة ناحية الست بنات. وقفت قدام اول بنت ومسكت الخنجر ضخم وغرست الخنجر في وش البنت. وسلخت وشها. وهي سعيدة ومبسوطة كانها بتقطع خضار مجرد ما سلخت وش اول بنت راحت للتانية وعملت نفس الشيء فضلت من واحدة للتانية ومكملة في سلخ وشوش البنات وبتجمعهم في ايديها. صرخاتهم فزيعة مرعبة. تخيل وشه بيتسلخ وهم عايشين. ست بنات والدور عليا بعدهم كنت بزحف على الارض بصعوبة وباحاول ابعد. شايفاني ومبتسمة وما بتقربش حتى مني. كانت منهمكة في جمع جلود وشوش البنات. ومش مهتمة بي اصلا. لما خلصت ظهر معاها تمثال الوشوش السبع وبدأت تلزق على كل وش من التماسيل جلد وش بنت كانها بتغطيه وبتلبسه وبتكسيه بالوشوش بقى عندها ست وشوش كده اتبقى الوش السابع كبير. بس هو اللي ما فيش عليه جلد. سلافة اتحركت ناحيتي. وفي ايدها السكينة وبتبص نظرة كلها شر. وغضب زائد وفجأة المشهد تتبدل تاني.

ولقيت نفسي في البيت واقف قدامها. وبتبص لي ببراءة وبتقول لي بهدوء. ما لك يا حمار ؟ ما لك انت عمال تصرخ ليه؟ انت خضتني؟ انت ايه اللي جري لك اليومين دول؟ تحب اتصل بالدكتور يجي يشوف مالك لأ انا كويس ما فيش داعي لدكاترة انا هنام. هي هدى فين يا كمال؟ هدى راحت عند عمي وهتقعد هناك يومين تلاتة انت عاوزاها في حاجة؟ لا ابدا مش عاوزاها كنت بس عاوز اطمن عليها. ما تقلقيش. هي اكيد احسن مني بكتير. سبتها ودخلت اوضتي وانا مش عارف اعمل ايه. انا حتى الهرب ما عنديش الجرأة ان انا اهرب. على السرير وما حدش يسخر مني لما اقول ان انا نمت. والله العظيم انا نمت. نمت نوم عميق جدا. تاني يوم كنت مقرر ان انا لازم اروح بيتها واعرف هي لما دخلت البيت عملت ايه؟ كلمتها في التليفون وقلت لها انا هتأخر في الشغل واحتمال ارجع باليل متأخر ردت عليا بمنتهى البراءة عادي جدا وكأنها زوجة جميلة رحت على طول على بيتها القديم ولحسن الحظ المنطقة ما فيهاش سكان كتير زقيت باب البيت ودخلت حيطان البيت لونها اصفر وقديمة وشكلها بشع جدا. ما اعرفش عملت كده ليه بس لقيت نفسي بدأت اخبط كمان على الحيطان. الصوت له صدى. دليل ان فيه باب هنا سري. كويس ان مخي دلني على اي حاجة اعملها صح. فضلت ادور ادور لحد ما لقيت باب. باب خشب داخل لجوة زي ما يكون محفور في الحيطة ومتغطي تماما بورق حيطة. مخليه مش باين. حتى اكرة الباب متشالة عشان ما يبانش. وكان اوكرة الباب اللي اتشالت كان فيه فتحة. حاولت ابص منها علشان اشوف ايه اللي ورا الباب. الدنيا ضلمة جدا. والضلمة مسيطرة على الموضوع. تحت الموبايل بتاعي ونورت به وبصيت تاني. واللي شفته كان سلم حجري منحوت نازل لتحت فتحت الباب او بمعنى اصح كسرته. ودخلت اشوف السر اللي ورا الباب ده ايه واللي مخبياه سلافة. لقيت اوضة صغيرة وسلم نازل لتحت. من غير تفكير قررت انزل مع السلم واشوف هياخدني لايه. ووقفت على بداية السلم وقررت احاول اكتشف ايه اللي تحت قبل ما انزل. بصيت ناحية اليمين وناحية الشمال وبدأت انزل. نزلت السلم ببطء علشان السلم مش مزبوط كشاف الموبايل بيترعش في ايدي وانا بنزل بمنتهى البطء والحزر. صوت الخبط اللي سمعته من شوية خلاني خايف. ماشي قلقان ومتوتر وببص ورايا يا ترى في ايه هنا؟ السلم مش طويل وفي اخره وقدام نور الكشاف فيه باب تاني باب خشب مقفول بسلسلة. خشب قديم جدا. مسكت القفل بايدي وحاولت اشده والقفل كان قديم لدرجة انه اتفتح في ايدي. ايوة كان هلكان متهالك في الكتف وفتحت الباب ببطء قبل ما ادخل سمعت صوت الخبطة مرة تانية بس المرة دي كان اقوى واعلى وكان جاي من جوة الاوضة ايديا بتترعش وانا بوجه الكتشاف جوة الاوضة ومش شايف كويس. ما فيش وقت للخوف ما فيش وقت الاستسلام لازم اكمل اللي بدأته. الباب اللي دخلت منه كان هو المدخل او المخرج الوحيد للاوضة. مشيت بالكشاف جوة الاوضة لقيت على الباب مكتوب حاجة زي طلاسم وتعاويز انا ما كنتش شايفها اول ما دخلت. جوة الاوضة نفسها الحيطان مليانة رموز محفور عليها بلغة مش مفهومة. اما الارض فكان فيها اثار خربشة غريبة على الارض الخشبية. سمعت صوت الخبط بيتكرر تالت وبيقرب مني بسرعة. الصوت كان ورايا بيزيد زي صوت خطوات تقيلة على الارض. لفيت بالكشاف حواليا لكن الضلمة محاوطاني من كل مكان وبلعة نور الكشاف. فضلت الف حوالين نفسي زي لحد ما الكشاف وقع مني. وطيت عشان اجيبه. وفجأة وقفت في مكاني. وجسمي اترعش واتخشب وانتفضت من مكاني. اترعشت لدرجة ان انا ما قدرتش اسيطر على الموبايل اللي كان في ايدي. وكان هيقع مني مرة تانية. قدام عيني وفي ركن من اركان كانت واقفة واحدة ست باصة في الارض ما بتتحركش. باصة لركن الاوضة كأنها متعاقبة او متزنبة. مخيفة و مرعبة . اتحركت ببطء شديد ورفعت رجل من رجليها وبدأت ترجع بها لورا ببطء كأن جسمها متني من كتر من قلة الحركة. كانت بتتحرك ببطء مرعب. اتشليت مش عارف اتحرك مش عارف افكر. كل اللي بعمله ان انا باراقبها. وهي بتحرك رجلها لورا في الهوا. ببطء شديد جدا. لحد ما حطيتها على الارض. جسمها كان متشنج وهي بتتحرك بطريقة غريبة. حطت رجلها على الارض وثبتت دقيقة تقريبا. اتحركت تاني بنفس الطريقة وبنفس البطء وبدأت تمشي ناحيتي. الدنيا بتلف بيا ومرعوب وخايف ودايخ. كانت بتتحرك بطريقة غريبة كانها ما تعرفش يعني ايه الحركة او ناسياها. في الوقت ده انا رجعت بضهري لورا وفي نفس الوقت هي بصت لي. شفت ملامحها لاول مرة. ملامح كأنها صورة ممسوحة باستيكة. ما فيش عينين ما فيش مناخير. مجرد فم واسع كبير جدا. اسنان متكسرة. وقالت بصوت محبوس .خليها تخرجني من هنا ! فوقت من الصدمة . الخوف بيجتاح جسمي كله. جريت وقفلت الباب ورايا بسرعة من غير السلسلة وجريت على السلم. وقفلت الباب التاني اللي قفله وطلعت برة القبو خالص. وقفلت بابه هو كمان ورايا. سمعت صوت صرخات مخيفة جاية من جوة. في اللحظة دي حسيت كأن هو شديد اشد ما يكون بضربة موجهة لي. زقني في اوقات على ضهري على الارض.

قمت بسرعة وجريت برة البيت وسبت الباب مفتوح. الحقيقة انا ما عنديش الجرأة ان انا افضل في المكان ده اللحظة تانية. سلافة ملعونة. ده اللي انا متأكد منه. بس في حاجة لازم اعملها. هي اللي هتوضح لي الصورة الكاملة. صابر. الموجود في السجن واللي بعت لي الجواب. لازم اوصل له واتكلم معه باي طريقة. استنيت تاني يوم واول حاجة عملتها الصبح اني ركبت التاكسي ووصلت عند بوابة السجن. وبصعوبة قدرت اخد تصريح للمقابلة. الساعة بس قليلة لكنها اكيد كافية اعرف منها حاجات كتير جدا. جوة السجن قعدت في اوضة صغيرة فاضية مخصصة للزيارات وبعد شوية جه صابر زوج سلافة السابق. راجل في نهاية الاربعينات او بداية الخمسينات. وشه شاحب بدقنه حط وشه في الارض. شد الكرسي اللي وقاعد جنب مديني ايديه اسلم علية بس هي بتترعش وقال لي بدون مقدمات ازيك يا استاز كمال؟ ايه ده انت تعرفني؟ تعرف اسمي كمان؟ الله! انا عارف عنك كل حاجة. صحيح انا في السجن بس لي احباب كتير برة وهم اللي قالوا لي ان سلافة اتجوزتك. وكمان واحد منهم اتطوع انه يوصل لك الجواب بتاعك. وده بقى ليه؟ اشمعنى؟ عشان انا مش عاوز يحصل لك زي اللي حصل لي. وانت ايه اللي ممكن تحكي لي؟ انا عارف ان اللي هقوله دلوقتي يبان غريب خليني اكمل كلامي مش معني للاخر. اسمعني باهتمام لان اللي هقوله ممكن ينقز حياتك في يوم من الايام. الموضوع بدأ يا استاز من خمس سنين وقتها كنت متجوز وكانت حياتي مستقرة وكل حاجة ماشية والحمد لله كانت سلافة ده اسم مراتي سلافة يعني اللي هي مراتي دلوقتي اصبر يا استاز وهتعرف كل حاجة ما تستعجلش وسبني اكمل زي ما قلت لك ما فيش وقت في يوم من الايام جت بنت غلبانة واقفة على باب المحل وكانت لابسة لبس بسيط عليها التعب وان بقى لها كم يوم ما بتنامش ولا بتاكل. كنت شغال في محل الانتيكات والتحف وكانت حالة البيع والشرا كويسة. لحد لما فيهم شفتها. بنت جميلة ولابسة لبس بسيط واضح عليها الفقر والتعب. واقفة على باب المحل وبصوت واضح قالت انها بتدور على شغل وعرفتني بنفسها وقالت اسمها اسيا. اشفقت عليها وجبتها البيت عندي وقلت تساعد مراتي في شغل البيت واهو كله في سواب. اول كم يوم كانت تشتغل بكل اخلاص لدرجة ان خلاص بقت واحدة من البيت بنتنا. اللي ما خلفنهاش. خصصنا لها اوضة صغيرة في البيت تعيش فيها اسيا في الاول كانت تتصرف بطريقة عادية ملاحزناش عليها حاجة استاز غير لما جابت التمثال معاها البيت التمثال كان عبارة عن سبع وشوش لازقين فبعض وقالت انها اشترته من واحدة مش مصرية افريقية تحديدا انا محطتش فبالي رغم غرابة شكل التمسال بس طلبت منها تحط عليه ورق وبلاش تعلقه في البيت. لان شكله كده مش مريحني. الايام اللي بعد كده ما حصلش شيء عنيد غير ان في يوم حلمت بكابوس وحش اوي. حلمت ان انا واقف في وسط ترب واسعة وناس كتير عمالة تدور في دواير حواليا. رجالة وستات. كل الرجالة لهم نفس الملامح وكل الستات لهم برضه نفس الملامح. كلهم بعض كأنهم مستنسخين من بعض. وظهرت بنت كانت واقفة في وسطهم ساكنة تماما زي التمثال وباصة في الارض وشعرها نازل على وشها. حاجة بتقول لي ان دي قاسية. بدأت ترفع وشها بالراحة جدا وشفت ابشع وشي في حياتي. كانت اسيا بس ملامحها بشعة. عينيها جت في عيني ولون عينيها زي لون الدم.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي