الفصل، الثاني، والأربعون
الم رهيب عصف بذراعه و لكنه تمالك نفسه و سحب راما من ذراعها و القاها علي الأرض و دفعها بقدمه خلف السيارة و هو يصرخ بهيستيرية:
_ إختبئي يا راما هيا أسرعي و كما عودتك سابقا إتفقنا.
هدرت به قائلة بصياح:
_ لقد اصبت و ذراعك ينزف.. فليلحقنا أحد.
رأي بعينه تقدم تلك السيارة التي خرج منها الطلق الناري فأسرع و اخرج سلاحه و مرره من تحت السيارة للجهة الاخرى ناحية راما قائلا بجدية:
_ راما اسمعيني جيدا.. انا لو اطلقت النار علي أحدهم سيقتلني الآخر الامل فيكي حبيبتي كي اكون بخير.. فقط تعاملي مع السلاح كما علمتك و أصيبي الاثنان بنفس الوقت حبيبتي.. فهمتي.
التقطت راما السلاح و سحبت نفسا طويلا و نظمت انفاسها و هي تختبئ خلف إطار السيارة الكاوتشي و اجابته بنبرة مرتجفة:
_ لن اسمح لأى مكروه ان يصيبك يا زيد.. حياتي قبل حياتك.
اغمض عينيه و قال الشهادة حتي رأي رجلين عملاقين ترجلا من السيارة.. فتصنع الإعياء لإلهائهم و بالفعل اقتربوا منه و هما يتطلعان ناحيته بنظرات شرسة و في لحظة خاطفة حدث ما حدث...
عدلت راما من وضع المرآة الجانبية للسيارة و إشرأبت برأسها تطالع تقدمهم حتي اطمأنت لقربهم فوقفت بحركة سريعة و خرجت منها طلقتان سريعتان استقرتا بصدر هذين الرجلين و ساد الصمت بالمكان....
تجمع حولهم عدد كبير من المارة و أصحاب المحلات يطالعونهم بخوف.. بينما ركضت راما و التفت حول السيارة و ارتمت بجسدها بجوار زيد الذى يحاول كتم تدفق الدماء من ذراعه و هي أخذت تصرخ بكل من حولها:
_ لماذا تقفون هكذا.. فليتصل احدكم بسيارة الإسعاف.
اخرج زيد هاتفه من سترته و ناولها اياه غارقا في دماء كفه و هو يقول بتأوه خفيف:
_ فلتهاتفي حازم و تطلبي منه المجئ إلينا حالا يا راما.
حملت الهاتف و عبثت به قليلا حتي اتاها صوت حازم فصرخت به قائلة بذعر وهي تطالع دماء زيد علي كفها:
_ حازم.. لقد اطلقوا طلقة نارية علي زيد و اصابته ارجوك احضر الاسعاف و تعال الينا بسرعة.
وقف حازم منتصبا و حمل سلاحه و مفاتيح سيارته و خرج راكضا و هو يقول لها بنبرة آمرة:
_ أرسلي لي موقعك علي هاتفي حالا يا راما و انا دقائق و سأكون معكما لا تقلقي.
دلف حازم لمكتب آسر و قال له بنبرة عالية:
_ آسر تعال معي فزيد احدهم اطلق عليه طلقاً نارياً.
وقف آسر مشدوها و قال بتعجب:
_ زيد!!! و هل زيد هنا بالمنصورة؟!
رفع حازم عينيه بملل و قال بضيق:
_ من الافضل ان تتبعني بدلا من أسألتك و ستعرف كل شئ.
ارسلت له راما موقعهما علي الهاتف لتنتبه علي زيد الذي وقف و سار ناحية هذين الرجلين و انحني علي احدهم و تمسك برقبته بذراعه السليمة و سأله بغضب اعمي:
_ من ارسلكم اعترف قبل ان ارسلك الى الجحيم يا حقير.
اجابه الرجل بصوت متحشرج و هو يقاوم ألم صدره و نزيفه:
_ لا تدعني اموت و انا ساخبرك بكل شئ ارجوك.
انتبه زيد علي رنين هاتف هذا الرجل فاخرجه من جيب بنطاله و تطلع بشاشته لتقف راما بجواره و قالت من بين دموعها:
_ زيد ارجوك ارتاح فنزيفك يزداد انا اموت قلقا عليك.
طالعها بنظرات قوية و قال لها:
_ انا بخير يا حبيبتي لا تقلقي.
ثم ضغط علي تسجيل المكالمة و اجاب الاتصال قائلا:
_ ألو.
اتاه صوتا قائلا بنبرة قاتمة:
_ قتلتوها أليس كذلك ام استطاع هذا الضابط الحقير ملاعبتكم من جديد.
اجابه زيد بضحكة عالية:
_ هذا الضابط الحقير سيضع رأسك اليوم تحت حذائه.. لقد وقعت هذه المرة يا عزام و لن تنفعك سلطتك و لا حصانتك البرلمانية سأمحيك و امحو اسمك كانك لم تكن يوما اعدك .
اتاه ذلك الصوت مجددا و هو يقول بتعجب:
_ هذا انت؟!
استند زيد علي سيارته و قال بإبتسامة ساخرة:
_ نعم انه أنا و امامك دقائق و ستكون محتجز عندنا بعد هذا التسجيل الصوتي لك و لرقمك.. سقطة ستدفع ثمنها غاليا.
انغلق الخط بوجهه فإحتفظ بالهاتف في جيبه و اخرج هاتفه هو و هاتف اللواء و قال له:
_ السلام عليكم سيدى.. لقد استطعت ان اوقع عزام بشر اعماله و لدى تسجيل بصوته معترفا بأنه كان ينتوى قتل راما ارجوك إقبضوا عليه حالا قبل ان يهرب لأي مكان.
اجابه اللواء بحزم:
_ لن يستطيع الهروب لا تقلق فهو مراقب و بشدة هذه المرة هل انت بخير صوتك اقلقني؟!
تطلع زيد براما التي لا تنضب دموعها و قال:
_ انا بخير و راما بخير فقط طلق نارى مر بجوار ذراعي فأصابني بخدش خفيف لا تقلق و حازم في الطريق اليّ.
سأله اللواء بترقب:
_ هل هرب من اطلق عليك هذه الطلقة؟!
ابتسم زيد و قال و هو مازال يتطلع براما:
_ كانوا اثنان و لم يهربا بل اصابتهم راما بطلقين ناريين بإحترافية يا سيدى.. احدهم اعتقد انه سيموت و الآخر هو أملنا بإعترافه سينتهي كل شئ.
تنهد اللواء براحة و قال:
_ حسنا ساتابعك طوال الوقت و الآن سأتركك لاعطي اوامرى بالقبض علي هذا المجرم.
اغلقا الهاتف فلاحظوا صف حازم لسيارته و ركض ناحية زيد و طالعه بنظرة شمولية و هو يقول بلهاث:
_ زيد انت بخير؟! ما هذه الدماء انطق؟!
اجابته راما و هي تتمسك بذراع زيد:
_ طلقة اصابت ذراعه و يجب نقله للمشفي حالا.
بينما سأله آسر بقلق:
_ هل جرحك سطحي يا زيد ام عميق؟!
لم يجبه.. لأن حازم حثه علي السير معه قائلا:
_ تعال معي بسيارتي يا زيد كي نطمئن عليك.
تطلع زيد بالرجلان و قال بإصرار :
_ لن اتركههم رجلي علي رجلهم فهم أملي بالايقاع بهذا المجرم.
تطلع حازم بآسر و قال:
_ آسر لو تفضلت تحفظ عليهم و شدد المراقبة جيدا فهما ورقتان مهمتان.
اجابه آسر بإنصياع و هو يطالع زيد بإشفاق:
_ لا تقلق يا حازم انقله الا المشفي بسرعة و انا سأهتم بأمرهما.
نقل حازم زيد للمشفي و إطمأن عليه و راما لم تتركه ثانية.
......................................................
................
فى المساء إستعدت آية و مريم للذهاب للطبيبة النفسية و كلها حماس و أمل ان تعود لها ذاكرتها و تعود لها نفسها التائهة مجددا.. عله افضل لها..
ألبستها مريم من ملابسها و لأول مرة تخرج من البيت و شعور بالخوف يسيطر عليها و علي نظراتها و حركاتها و مريم كانت تحاول طمانتها و إحتوائها بكل الطرق...
دلفا لعيادة الطبيبة و انتظرا بعض الوقت حتي حان دورها دلفت معها مريم بالبداية فرحبت بها الطبيبة قائلة:
_ تلميذتي النجيبة سعيدة برؤيتك يا مريم.
صافحتها مريم قائلة بإبتسامة متسعة:
_ انا الأسعد يا دكتورة بسمة.. يعلم الله انني لا انسي افضالك عليّ و مساعدتك لي و دائما ما أدعو لكِ.
اشارت لها الطبيبة و لآية بالجلوس و هي تقول بحب:
_ يا حبيبتي هذا واجبي و بنجاحك المستمر اكبر فرحة و سعادة لي رغم انكِ بكلية و تخصص بعيد عن تخصصي لا انكر انه طلبك بان اساعدك بالبداية تعجبت له حتي فهمت شغفك و حبك للعلوم و ربطها بعلم النفس.. اتوقع لكِ مستقبل باهر يا حبيبتي.
اومات لها مريم برأسها و قالت بإمتنان:
_ شكرا جزيلا لك يا دكتورة.
تطلعت مريم بآية التي تطالعهما بعدم فهم.. و اعتدلت بجلستها و آشارت عليها قائلة بعملية:
_ هذه آيات يا دكتورة بسمة.. الجميع شخص حالتها بأنها فقدان للذاكرة نتيجة حادث سيارة و حتي الآن لم نعثر علي أهلها و لم اجد اكفأ منكِ لمساعدتها.
تطلعت بسمة بآية و قالت لها بإبتسامة خافتة:
_ كيف حالك يا آيات؟!
اجابتها اية بحذر:
_ انا بخير و الحمد لله.
تطلعت بسمة بمريم و قالت لها بعملية:
_ مريم حبيبتي لو سمحتِ اتركينا بمفردنا بعض الوقت كي ابدا عملي معها.
وقفت مريم ممتثلة لأمرها و قالت:
_ حسنا سانتظرك بالخارج يا آيات و اي شئ تطلبه منك الدكتورة بسمة افعليه علي الفور يا حبيبتي اتفقنا.
اجابتها اية بتوتر:
_ اتفقنا.
تركتهما مريم و خرجت.. ارتدت بسمة نظارتها و فتحت دفترا و حملت قلمها و تطلعت بآية و قالت لها:
_ حبيبتي آيات انا هنا لمساعدتك و اي شئ ستقوليه لي لن يغادر باب هذه الغرفة مهما حدث لذلك ارجو منك ان تقصي عليّ كل شئ منذ افاقتك بالمشفي حتي هذه اللحظة.
قصت لها آية كل ما حدث معها منذ أن إستيقظت فى المشفى حتى جلستها معها.. فقالت لها الطبيبة بعملية :
_ اعتقد ان حالتك هي فقدان ذاكرة نفسي و ليس لسبب عضوى.
ضيقت آية عيناها بعدم فهم و سألتها بتعجب:
_ لا افهم شيئا.. هلا وضحتِ لي قليلا الامر؟!
نزعت بسمة نظارتها و قالت لها بتوضيح اكثر:
_ الفقدان العضوى يكون سببه في حالتك مثلا الحادثة التي تعرضتي لها و سببت الفقدان و لكني علي يقين ان حالتك هي فقدان ذاكرة نفسي.
ضغطت الطبيبة زر فدخلت عليها مساعدتها لتقول الاولي:
_ اخبري الانسة مريم ان تدخل من فضلك.
خرجت المساعدة و دلفت مريم و جلست بمقعدها لتقول لها آية بضيق:
_ الطبيبة تقول ان الحادث الذي تعرضت له ليس السبب الرئيسي لفقداني للذاكرة.
تطلعت مريم بالطبيبة و قالت لها:
_ تقصدين يا دكتورة بسمة انها فقدت الذاكرة لسبب او لحدث مرت به و انسحبت من تلك الصدمة و محت كل شئ سبق الحادث اليس كذلك؟!
اجابتها الطبيبة مؤكدة و موضحة و هي تقول بنبرة هادئة:
_ بالظبط ضيفي علي ذلك ان فقدان الذاكرة دائما ما يصيب مراكز الذاكرة التقريرية و لا يؤثر بالسلب علي ذاكرة المهارات التي اكتسبتها في حياتها كالقراءة و الكتابة.
فقالت لها مريم للإيضاح :
_ وهل حالتها تلك سهل علاجها؟! وهل ستعود لها ذاكرتها بيوم؟!
اجابتها بسمة قائلة:
_ اكيد.. و لكن ستحتاج لصدمة قوية كتلك التي سببت لها الفقدان و هذا ما يصعب الأمر علينا خاصة انكم لم تعثروا علي اهلها ربما حل مشكلتها معهم؟!
طالعت مريم آية بإشفاق و قالت بهدوء:
_ لله الأمر من قبل و من بعد.
...................................................
.................
عاد حازم لبيته ليلا مرهق هو و راما ليجد والدته تقرأ وردها
ما ان راتهما حتي وقفت و سألتهما بتلهف:
_ طمنوني علي زيد احقا هو بخير كما اخبرني بالهاتف؟!
اجابتها راما بنبرة منهكة:
_ نعم يا خالتي بخير لا تقلقي مجرد جرح سطحي و الحمد لله.
ربتت احلام علي ذراعها و قالت بإشفاق علي ملامحها المتعبة:
_ الحمد لله.. ادخلي لغرفتي و بدلي ملابسك و نامي يا حبيبتي تبدين مرهقة كثيرا.
احتضنت راما كفها بين راحتيها و قالت بإمتنان:
_ بما انه تم القبض علي المحرض لقتلي فأبي سيأتي غدا ليعيدني الي بيتي.. ساشتاق لحنيتك و عطفك يا خالتي كثيرا.
تنهدت احلام بحزن و قالت:
_ لقد اعتدت علي وجودك معي يا حبيبتي و انا ايضا ساشتاق اليكِ و لكن الهاتف سيقربنا من بعضنا ساهاتفك كل يوم بالفيديو كي اراكي و اطمئن عليكِ.
اومأت راما براسها و قالت:
_ و انا سأزوركم دائما و لن انسي فضلكم عليّ.
ثم طالعت حازم الذي يطالعها بحزن و قالت:
_ لن آخذ اي خطوة بحياتي قبل ان اعود اليك كما اعتدت الفترة السابقة.. فانا اخيرا اصبح لي اخ يخاف عليّ و يهتم لأمرى.. ليا طلب وحيد عندك.
ابتسم حازم بخفوت و قال لها:
_ انتِ تأمرى يا راما.
تطلعت لباب غرة آية و عادت بعينيها اليه و قالت:
_ آيات مسكينة و تستحق الشفقة لا التوبيخ.. تفادى الصدام معها ارجوك.
اتسعت ابتسامته و قال مسرعا:
_ كنت اعلم انكٌ ستطلبين هذا الطلب و سافعل ما بوسعي كي لا اراها امامي علني لا اصطدم بها.. تصبحون علي خير.
و تركهما وذهب لغرفته فمر على غرفة آية ليشعر ببرد شديد فنظر داخل الغرفة و وجدها تقف فى نافذتها والهواء يبعثر خصلات شعرها الناعمة فأطرق رأسه مسرعا وطرق الباب مبتعدا عنه..
إنتبهت له آية فوضعت حجابها على رأسها وعادت تنظر من النافذة متفادية الاصطدام معه.. دخل حازم الغرفة وقال بنبرة محتدة :
_ ستصابين بالبرد مجددا فلتغلقي تلك النافذة و نامي لقد تأخر الوقت.
إلتفتت اليه بعيون باكية ووجه أحمر.. شعر بوخزة شديدة بقلبه و هو يطالع انكسار عيناها فسألها بقلق :
_ لماذا تبكين؟!
جففت دمعاتها بكم اسدالها و قالت بطفولة:
_ لا شئ فقد كنت أناجي ربي.
فقال لها حازم متعجبا :
_ الا يمكنك مناجاته و النافذة مغلقة فالبرد وصل للخارج.
إقتربت منه وقالت بغضب :
_ لو سمحت اشغل نفسك بحالك و اتركني بحالي.
ضحك حازم ضحكة عالية وقال ببديهية :
_ اشغل نفسك بحالك طبعا تعلمتيها من سجدة و اناجي ربي اكيد من مريم.. انا متعجب من شخصيتك تشبهين الاسفنجة تمتصين اي شئ يقال أمامك و تقوليه مثلهم.
نظرت له بقوة وقالت بحيرة :
_ أنت دائما هكذا علي هذا الحال؟!
وضع حازم يديه فى جيبه وقال ببرود :
_ اي حال تقصدين انا لا افهمك؟!
رفعت اناملها و بدات بالعد عليهم و هي تقول بحدة:
_ عصبي و دائم الصياح و مغرور و متكبر و سخيف و دمك ثقيل للغاية.
سحب حازم مسدسه من سترته ووضعه بجانب رأسها وقال بغضب :
_ أعتقد انكِ تسبينني أليس كذلك ام انني اتوهم ؟!
بلعت آية ريقها بصعوبة وإتسعت عيناها حتى كادا أن يخرجا من محجريهما فقال فى نفسه :
_ و اخيرا تظهرين خوفك مني.. لقد هدمت غرورك و قوتك الواهية أخيرا.. اول نقطة لصالحي ايتها المجنونة.
أعاد حازم المسدس مكانه وقال بعبوس :
_ انا المخطئ لأنني قلقت عليكِ.. انتِ عديمة الأدب و تستحقين طريقتي الجافة معك.
شهقت بخفوت و سالته بتلهف:
_ هل قلقت عليّ حقا؟!
طالع لهفتها و لمعة عينيها فإنتصب في وقفته و قال:
_ ان مرضتِ فسأحضر انا الطبيب و اشترى الادوية و اتعب امي معكِ و يكفينا ما قسيناه سابقا.
إستجمعت قواها وتحكمت فى تنفسها وقالت بنبرة محتدة :
_ اخرج من غرفتي حالا فأنا اريد ان انام.
اشتعلت عيناه وإقترب منها وجذبها من ذراعها وقال بشراسة :
_ هل تعلمين لو بمرة وقعتي تحت يدى ماذا سافعل بكِ.. فقط تخيلي لانه مهما اخذك خيالك سيكون نقطة بما افكر به حاليا.
ككل مرة يقترب منها.. نفس الشعور.. نفس الانفاس العابثة و دقات قلبها المتمردة...ف
_ إختبئي يا راما هيا أسرعي و كما عودتك سابقا إتفقنا.
هدرت به قائلة بصياح:
_ لقد اصبت و ذراعك ينزف.. فليلحقنا أحد.
رأي بعينه تقدم تلك السيارة التي خرج منها الطلق الناري فأسرع و اخرج سلاحه و مرره من تحت السيارة للجهة الاخرى ناحية راما قائلا بجدية:
_ راما اسمعيني جيدا.. انا لو اطلقت النار علي أحدهم سيقتلني الآخر الامل فيكي حبيبتي كي اكون بخير.. فقط تعاملي مع السلاح كما علمتك و أصيبي الاثنان بنفس الوقت حبيبتي.. فهمتي.
التقطت راما السلاح و سحبت نفسا طويلا و نظمت انفاسها و هي تختبئ خلف إطار السيارة الكاوتشي و اجابته بنبرة مرتجفة:
_ لن اسمح لأى مكروه ان يصيبك يا زيد.. حياتي قبل حياتك.
اغمض عينيه و قال الشهادة حتي رأي رجلين عملاقين ترجلا من السيارة.. فتصنع الإعياء لإلهائهم و بالفعل اقتربوا منه و هما يتطلعان ناحيته بنظرات شرسة و في لحظة خاطفة حدث ما حدث...
عدلت راما من وضع المرآة الجانبية للسيارة و إشرأبت برأسها تطالع تقدمهم حتي اطمأنت لقربهم فوقفت بحركة سريعة و خرجت منها طلقتان سريعتان استقرتا بصدر هذين الرجلين و ساد الصمت بالمكان....
تجمع حولهم عدد كبير من المارة و أصحاب المحلات يطالعونهم بخوف.. بينما ركضت راما و التفت حول السيارة و ارتمت بجسدها بجوار زيد الذى يحاول كتم تدفق الدماء من ذراعه و هي أخذت تصرخ بكل من حولها:
_ لماذا تقفون هكذا.. فليتصل احدكم بسيارة الإسعاف.
اخرج زيد هاتفه من سترته و ناولها اياه غارقا في دماء كفه و هو يقول بتأوه خفيف:
_ فلتهاتفي حازم و تطلبي منه المجئ إلينا حالا يا راما.
حملت الهاتف و عبثت به قليلا حتي اتاها صوت حازم فصرخت به قائلة بذعر وهي تطالع دماء زيد علي كفها:
_ حازم.. لقد اطلقوا طلقة نارية علي زيد و اصابته ارجوك احضر الاسعاف و تعال الينا بسرعة.
وقف حازم منتصبا و حمل سلاحه و مفاتيح سيارته و خرج راكضا و هو يقول لها بنبرة آمرة:
_ أرسلي لي موقعك علي هاتفي حالا يا راما و انا دقائق و سأكون معكما لا تقلقي.
دلف حازم لمكتب آسر و قال له بنبرة عالية:
_ آسر تعال معي فزيد احدهم اطلق عليه طلقاً نارياً.
وقف آسر مشدوها و قال بتعجب:
_ زيد!!! و هل زيد هنا بالمنصورة؟!
رفع حازم عينيه بملل و قال بضيق:
_ من الافضل ان تتبعني بدلا من أسألتك و ستعرف كل شئ.
ارسلت له راما موقعهما علي الهاتف لتنتبه علي زيد الذي وقف و سار ناحية هذين الرجلين و انحني علي احدهم و تمسك برقبته بذراعه السليمة و سأله بغضب اعمي:
_ من ارسلكم اعترف قبل ان ارسلك الى الجحيم يا حقير.
اجابه الرجل بصوت متحشرج و هو يقاوم ألم صدره و نزيفه:
_ لا تدعني اموت و انا ساخبرك بكل شئ ارجوك.
انتبه زيد علي رنين هاتف هذا الرجل فاخرجه من جيب بنطاله و تطلع بشاشته لتقف راما بجواره و قالت من بين دموعها:
_ زيد ارجوك ارتاح فنزيفك يزداد انا اموت قلقا عليك.
طالعها بنظرات قوية و قال لها:
_ انا بخير يا حبيبتي لا تقلقي.
ثم ضغط علي تسجيل المكالمة و اجاب الاتصال قائلا:
_ ألو.
اتاه صوتا قائلا بنبرة قاتمة:
_ قتلتوها أليس كذلك ام استطاع هذا الضابط الحقير ملاعبتكم من جديد.
اجابه زيد بضحكة عالية:
_ هذا الضابط الحقير سيضع رأسك اليوم تحت حذائه.. لقد وقعت هذه المرة يا عزام و لن تنفعك سلطتك و لا حصانتك البرلمانية سأمحيك و امحو اسمك كانك لم تكن يوما اعدك .
اتاه ذلك الصوت مجددا و هو يقول بتعجب:
_ هذا انت؟!
استند زيد علي سيارته و قال بإبتسامة ساخرة:
_ نعم انه أنا و امامك دقائق و ستكون محتجز عندنا بعد هذا التسجيل الصوتي لك و لرقمك.. سقطة ستدفع ثمنها غاليا.
انغلق الخط بوجهه فإحتفظ بالهاتف في جيبه و اخرج هاتفه هو و هاتف اللواء و قال له:
_ السلام عليكم سيدى.. لقد استطعت ان اوقع عزام بشر اعماله و لدى تسجيل بصوته معترفا بأنه كان ينتوى قتل راما ارجوك إقبضوا عليه حالا قبل ان يهرب لأي مكان.
اجابه اللواء بحزم:
_ لن يستطيع الهروب لا تقلق فهو مراقب و بشدة هذه المرة هل انت بخير صوتك اقلقني؟!
تطلع زيد براما التي لا تنضب دموعها و قال:
_ انا بخير و راما بخير فقط طلق نارى مر بجوار ذراعي فأصابني بخدش خفيف لا تقلق و حازم في الطريق اليّ.
سأله اللواء بترقب:
_ هل هرب من اطلق عليك هذه الطلقة؟!
ابتسم زيد و قال و هو مازال يتطلع براما:
_ كانوا اثنان و لم يهربا بل اصابتهم راما بطلقين ناريين بإحترافية يا سيدى.. احدهم اعتقد انه سيموت و الآخر هو أملنا بإعترافه سينتهي كل شئ.
تنهد اللواء براحة و قال:
_ حسنا ساتابعك طوال الوقت و الآن سأتركك لاعطي اوامرى بالقبض علي هذا المجرم.
اغلقا الهاتف فلاحظوا صف حازم لسيارته و ركض ناحية زيد و طالعه بنظرة شمولية و هو يقول بلهاث:
_ زيد انت بخير؟! ما هذه الدماء انطق؟!
اجابته راما و هي تتمسك بذراع زيد:
_ طلقة اصابت ذراعه و يجب نقله للمشفي حالا.
بينما سأله آسر بقلق:
_ هل جرحك سطحي يا زيد ام عميق؟!
لم يجبه.. لأن حازم حثه علي السير معه قائلا:
_ تعال معي بسيارتي يا زيد كي نطمئن عليك.
تطلع زيد بالرجلان و قال بإصرار :
_ لن اتركههم رجلي علي رجلهم فهم أملي بالايقاع بهذا المجرم.
تطلع حازم بآسر و قال:
_ آسر لو تفضلت تحفظ عليهم و شدد المراقبة جيدا فهما ورقتان مهمتان.
اجابه آسر بإنصياع و هو يطالع زيد بإشفاق:
_ لا تقلق يا حازم انقله الا المشفي بسرعة و انا سأهتم بأمرهما.
نقل حازم زيد للمشفي و إطمأن عليه و راما لم تتركه ثانية.
......................................................
................
فى المساء إستعدت آية و مريم للذهاب للطبيبة النفسية و كلها حماس و أمل ان تعود لها ذاكرتها و تعود لها نفسها التائهة مجددا.. عله افضل لها..
ألبستها مريم من ملابسها و لأول مرة تخرج من البيت و شعور بالخوف يسيطر عليها و علي نظراتها و حركاتها و مريم كانت تحاول طمانتها و إحتوائها بكل الطرق...
دلفا لعيادة الطبيبة و انتظرا بعض الوقت حتي حان دورها دلفت معها مريم بالبداية فرحبت بها الطبيبة قائلة:
_ تلميذتي النجيبة سعيدة برؤيتك يا مريم.
صافحتها مريم قائلة بإبتسامة متسعة:
_ انا الأسعد يا دكتورة بسمة.. يعلم الله انني لا انسي افضالك عليّ و مساعدتك لي و دائما ما أدعو لكِ.
اشارت لها الطبيبة و لآية بالجلوس و هي تقول بحب:
_ يا حبيبتي هذا واجبي و بنجاحك المستمر اكبر فرحة و سعادة لي رغم انكِ بكلية و تخصص بعيد عن تخصصي لا انكر انه طلبك بان اساعدك بالبداية تعجبت له حتي فهمت شغفك و حبك للعلوم و ربطها بعلم النفس.. اتوقع لكِ مستقبل باهر يا حبيبتي.
اومات لها مريم برأسها و قالت بإمتنان:
_ شكرا جزيلا لك يا دكتورة.
تطلعت مريم بآية التي تطالعهما بعدم فهم.. و اعتدلت بجلستها و آشارت عليها قائلة بعملية:
_ هذه آيات يا دكتورة بسمة.. الجميع شخص حالتها بأنها فقدان للذاكرة نتيجة حادث سيارة و حتي الآن لم نعثر علي أهلها و لم اجد اكفأ منكِ لمساعدتها.
تطلعت بسمة بآية و قالت لها بإبتسامة خافتة:
_ كيف حالك يا آيات؟!
اجابتها اية بحذر:
_ انا بخير و الحمد لله.
تطلعت بسمة بمريم و قالت لها بعملية:
_ مريم حبيبتي لو سمحتِ اتركينا بمفردنا بعض الوقت كي ابدا عملي معها.
وقفت مريم ممتثلة لأمرها و قالت:
_ حسنا سانتظرك بالخارج يا آيات و اي شئ تطلبه منك الدكتورة بسمة افعليه علي الفور يا حبيبتي اتفقنا.
اجابتها اية بتوتر:
_ اتفقنا.
تركتهما مريم و خرجت.. ارتدت بسمة نظارتها و فتحت دفترا و حملت قلمها و تطلعت بآية و قالت لها:
_ حبيبتي آيات انا هنا لمساعدتك و اي شئ ستقوليه لي لن يغادر باب هذه الغرفة مهما حدث لذلك ارجو منك ان تقصي عليّ كل شئ منذ افاقتك بالمشفي حتي هذه اللحظة.
قصت لها آية كل ما حدث معها منذ أن إستيقظت فى المشفى حتى جلستها معها.. فقالت لها الطبيبة بعملية :
_ اعتقد ان حالتك هي فقدان ذاكرة نفسي و ليس لسبب عضوى.
ضيقت آية عيناها بعدم فهم و سألتها بتعجب:
_ لا افهم شيئا.. هلا وضحتِ لي قليلا الامر؟!
نزعت بسمة نظارتها و قالت لها بتوضيح اكثر:
_ الفقدان العضوى يكون سببه في حالتك مثلا الحادثة التي تعرضتي لها و سببت الفقدان و لكني علي يقين ان حالتك هي فقدان ذاكرة نفسي.
ضغطت الطبيبة زر فدخلت عليها مساعدتها لتقول الاولي:
_ اخبري الانسة مريم ان تدخل من فضلك.
خرجت المساعدة و دلفت مريم و جلست بمقعدها لتقول لها آية بضيق:
_ الطبيبة تقول ان الحادث الذي تعرضت له ليس السبب الرئيسي لفقداني للذاكرة.
تطلعت مريم بالطبيبة و قالت لها:
_ تقصدين يا دكتورة بسمة انها فقدت الذاكرة لسبب او لحدث مرت به و انسحبت من تلك الصدمة و محت كل شئ سبق الحادث اليس كذلك؟!
اجابتها الطبيبة مؤكدة و موضحة و هي تقول بنبرة هادئة:
_ بالظبط ضيفي علي ذلك ان فقدان الذاكرة دائما ما يصيب مراكز الذاكرة التقريرية و لا يؤثر بالسلب علي ذاكرة المهارات التي اكتسبتها في حياتها كالقراءة و الكتابة.
فقالت لها مريم للإيضاح :
_ وهل حالتها تلك سهل علاجها؟! وهل ستعود لها ذاكرتها بيوم؟!
اجابتها بسمة قائلة:
_ اكيد.. و لكن ستحتاج لصدمة قوية كتلك التي سببت لها الفقدان و هذا ما يصعب الأمر علينا خاصة انكم لم تعثروا علي اهلها ربما حل مشكلتها معهم؟!
طالعت مريم آية بإشفاق و قالت بهدوء:
_ لله الأمر من قبل و من بعد.
...................................................
.................
عاد حازم لبيته ليلا مرهق هو و راما ليجد والدته تقرأ وردها
ما ان راتهما حتي وقفت و سألتهما بتلهف:
_ طمنوني علي زيد احقا هو بخير كما اخبرني بالهاتف؟!
اجابتها راما بنبرة منهكة:
_ نعم يا خالتي بخير لا تقلقي مجرد جرح سطحي و الحمد لله.
ربتت احلام علي ذراعها و قالت بإشفاق علي ملامحها المتعبة:
_ الحمد لله.. ادخلي لغرفتي و بدلي ملابسك و نامي يا حبيبتي تبدين مرهقة كثيرا.
احتضنت راما كفها بين راحتيها و قالت بإمتنان:
_ بما انه تم القبض علي المحرض لقتلي فأبي سيأتي غدا ليعيدني الي بيتي.. ساشتاق لحنيتك و عطفك يا خالتي كثيرا.
تنهدت احلام بحزن و قالت:
_ لقد اعتدت علي وجودك معي يا حبيبتي و انا ايضا ساشتاق اليكِ و لكن الهاتف سيقربنا من بعضنا ساهاتفك كل يوم بالفيديو كي اراكي و اطمئن عليكِ.
اومأت راما براسها و قالت:
_ و انا سأزوركم دائما و لن انسي فضلكم عليّ.
ثم طالعت حازم الذي يطالعها بحزن و قالت:
_ لن آخذ اي خطوة بحياتي قبل ان اعود اليك كما اعتدت الفترة السابقة.. فانا اخيرا اصبح لي اخ يخاف عليّ و يهتم لأمرى.. ليا طلب وحيد عندك.
ابتسم حازم بخفوت و قال لها:
_ انتِ تأمرى يا راما.
تطلعت لباب غرة آية و عادت بعينيها اليه و قالت:
_ آيات مسكينة و تستحق الشفقة لا التوبيخ.. تفادى الصدام معها ارجوك.
اتسعت ابتسامته و قال مسرعا:
_ كنت اعلم انكٌ ستطلبين هذا الطلب و سافعل ما بوسعي كي لا اراها امامي علني لا اصطدم بها.. تصبحون علي خير.
و تركهما وذهب لغرفته فمر على غرفة آية ليشعر ببرد شديد فنظر داخل الغرفة و وجدها تقف فى نافذتها والهواء يبعثر خصلات شعرها الناعمة فأطرق رأسه مسرعا وطرق الباب مبتعدا عنه..
إنتبهت له آية فوضعت حجابها على رأسها وعادت تنظر من النافذة متفادية الاصطدام معه.. دخل حازم الغرفة وقال بنبرة محتدة :
_ ستصابين بالبرد مجددا فلتغلقي تلك النافذة و نامي لقد تأخر الوقت.
إلتفتت اليه بعيون باكية ووجه أحمر.. شعر بوخزة شديدة بقلبه و هو يطالع انكسار عيناها فسألها بقلق :
_ لماذا تبكين؟!
جففت دمعاتها بكم اسدالها و قالت بطفولة:
_ لا شئ فقد كنت أناجي ربي.
فقال لها حازم متعجبا :
_ الا يمكنك مناجاته و النافذة مغلقة فالبرد وصل للخارج.
إقتربت منه وقالت بغضب :
_ لو سمحت اشغل نفسك بحالك و اتركني بحالي.
ضحك حازم ضحكة عالية وقال ببديهية :
_ اشغل نفسك بحالك طبعا تعلمتيها من سجدة و اناجي ربي اكيد من مريم.. انا متعجب من شخصيتك تشبهين الاسفنجة تمتصين اي شئ يقال أمامك و تقوليه مثلهم.
نظرت له بقوة وقالت بحيرة :
_ أنت دائما هكذا علي هذا الحال؟!
وضع حازم يديه فى جيبه وقال ببرود :
_ اي حال تقصدين انا لا افهمك؟!
رفعت اناملها و بدات بالعد عليهم و هي تقول بحدة:
_ عصبي و دائم الصياح و مغرور و متكبر و سخيف و دمك ثقيل للغاية.
سحب حازم مسدسه من سترته ووضعه بجانب رأسها وقال بغضب :
_ أعتقد انكِ تسبينني أليس كذلك ام انني اتوهم ؟!
بلعت آية ريقها بصعوبة وإتسعت عيناها حتى كادا أن يخرجا من محجريهما فقال فى نفسه :
_ و اخيرا تظهرين خوفك مني.. لقد هدمت غرورك و قوتك الواهية أخيرا.. اول نقطة لصالحي ايتها المجنونة.
أعاد حازم المسدس مكانه وقال بعبوس :
_ انا المخطئ لأنني قلقت عليكِ.. انتِ عديمة الأدب و تستحقين طريقتي الجافة معك.
شهقت بخفوت و سالته بتلهف:
_ هل قلقت عليّ حقا؟!
طالع لهفتها و لمعة عينيها فإنتصب في وقفته و قال:
_ ان مرضتِ فسأحضر انا الطبيب و اشترى الادوية و اتعب امي معكِ و يكفينا ما قسيناه سابقا.
إستجمعت قواها وتحكمت فى تنفسها وقالت بنبرة محتدة :
_ اخرج من غرفتي حالا فأنا اريد ان انام.
اشتعلت عيناه وإقترب منها وجذبها من ذراعها وقال بشراسة :
_ هل تعلمين لو بمرة وقعتي تحت يدى ماذا سافعل بكِ.. فقط تخيلي لانه مهما اخذك خيالك سيكون نقطة بما افكر به حاليا.
ككل مرة يقترب منها.. نفس الشعور.. نفس الانفاس العابثة و دقات قلبها المتمردة...ف