الفصل الرابع

( الفصل الرابع )
_______________________

________________________

انا اسفة ....فقط كلمة لفظتها ثم نهضت مسرعة خارج المطعم بعد ان سمع صوت نحيب طفيف حتى توهم انه تخيل هذا في نبرتها ، رفضته بكل قسوة لتجرح ما تبقى له من اي شعور انساني تعايش عليه الايام الماضية ، هالة خزي تغلف روحه و كبريائه بعد ان ذهبت تاركة اياه بمفرده وسط عالم كان قد آلفه معها ..ارتاح معها ...تأقلم على حياته الجديدة معها ...تقبل وجود ابنته قليلاً بسببها ....اعجب بنفسه كرجل و اعادة به الثقة مرة اخرى ثم هجرته وحيداً ؛ حسناً ايلافي الى هنا و يكفى لن اجبرك البقاء مع كفيف احمق مثلي فأنتي امرأة الروح الشبابية تعشقها و تركض خلفها متلهفة كيف لكِ ان تضمرى هذا مع رجل معاق

نهض حمزة بعد ان سمع سائقه يساعده للوصول لسيارته كي يعود للمنزل ، قام محطم الروح و الكبرياء لم يرى و لاول مرة يعلم انه اعمى لعدم وجودها معه مساندة له

_____________________________________

_ سقطت بقوة على فراشها محطمة الروح و مهشمة القلب ، وتينها يؤلمها من كثرة اللوم انها رفضته و ذهبت و عقلها يشيد لها بأن هذا هو الصواب فهي الفتاة التي وعدت نفسها منذ زمن انها لن تتزوج بأى رجل الا اذا كان يبادلها المشاعر و الحب الخالص بينما حمزة يريدها ام لطفلته و حلاً لمشاكله لكن السؤال هل اذا عاد لعنفوانه الذي ظلت تسمع عنه لسنوات اثناء عملها بالفرع الاخر مع مراد سيظل هو يبادلها الاحترام و الود ام سليفظها و يختار اخرى جميلة و تشابهه في الحالة الاجتماعية و يكتب لها رسالة شكر و امتنان على كل اخلاصها و تفانيها في خدمته طوال الفترة الماضية لكن لا

نطقت بحسرة ممتزجة بقوة : لا لا يا حمزة انا مش هوصل للالم اللي عيشته من سنين على ايد كاظم معاك بس المرة دي هتدمر بجد لان كاظم كان مجرد اعجاب و مراهقة انما انت حب بجد ...حب عمري
_________________________________

_ في سيارته امام بناية اميرة ، قبض على كفها بشدة يود ادخالها بين عروقه و دمائه ينظر لها بعمق و امتنان لما اوصلته من شعور جميل نقي و بريئ معها هي فقط ...اميرة اميرته ...لا يعلم تسرعه بنطق كلمة احبك كان صحيح ام لا لكنه ارثى ذلك انه قد يساعده في خطته و لم يلحظ ان هناك شئ لامس جدار قلبه يهاجم بشراسة يود الدخول بأي طريقة

ابتسم لها : تصبحي على خير يا ميرتي

ضمت شفتيها بخجل : و انت من اهله يا يااا يا مم مراد

كاد يتحدث لكن رنين هاتفها قاطعهم لتجيب على والدتها : ماما انا وصلت اهو ووو

صرخت والدتها برعب : الحقيييني يا اميرة اختك تليفونها غير متاح و لما رنيت على المس نسمة ردوا عليا ان صاحبة الموبيل عملت حادثة و في المستشفى

انتفضت اميرة بذعر على شقيقتها: انتي بتقولي ايه يا ماما ....انا هروح المستشفى بسرعة جايز فيه غلط و هتصل بيكي
رفضت والدتها بشدة : انا لبست و نازلة دلوقتي مش هقدر استحمل

هتفت الاخرى ببكاء مكتوم : لا متخافيش جايز هي بخير انا هتأكد و هكلمك في الفون تاني متنزليش بالليل كدة

انهت المكالمة تحاول الهبوط من السيارة فسحبها تجاهه : انتي رايحة فين و فيه ايه

تجمعت العبرات في مقلتيها : هروح لاختي المستشفى و هاخد تاكسي ، روح انت عشان تعبتك النهاردة

اشتد غضبه من حمقها فقاد سيارته مسرعاً حيث مقر المشفى
____________________________
_ وصلوا الى الاستقبال ليسأل مسرعاً عن اسم شقيقتها فكان هذا رد الموظفة : مفيش حد بأسم هاجر هنا ..اللي جم في الحادثة اتنين واحدة متوفية و مجهولة الهوية و طفلة و التانية اسمها نسمة شاكر مختار

صرخت اميرة بقوة هابطة على الارض بركبتيها : هاااااااااجر اختتتتي لاااااا مماتش مستحيييل طب اقول ايه لماما لاااا مش مصدقة اني مش هشوفها تانني

حاول مراد تهدئتها لكنه فشل فنادى بعنف في العاملين : انتوووا فينننن وظيفتكم ايه حد يلحقها

التفت الممرضات حولها ليحقنوها بمهدئ فأرتخت اعصابها بين ذراعيه شاعراً بالشفقة تدق قلبه عليها ، حضنها و حملها الى المصعد ثم الى غرفة فارغة بأرشاد احد العاملين واضعاً جسدها الهامد الصغير على الفراش بحزن

سمع الطبيب يقول خلفه : الصدمة كانت شديدة عليها ، هتفوق كمان ساعتين ياريت بلاش ضغوط تتعرضلها

اومأ له بالايجاب فما رآه اليوم جعله يفقد النطق ربما فجلس على اقرب مقعد بجانبها يمسك هاتفه بأرتعاش يضغط على زر الاتصال بصعوبة : نوح

تنهد نوح بضيق : مراد معلش هقفل دلوقتي بدور على نسمة مش في البيت و عايز ارن عليها

ابتلع ريقه بقلق على صديقه : نوح اسمعني ...نسمة مراتك ااااا ايه ....نسمة عملت حادثة و هي في العمليات دلوقتي في مستشفى ***

على الجانب الاخر سقط الهاتف من بين يديه بعدم تصديق واضعاً كلتا كفيه على رأسه بضعف و خوف فنبضات قلبه المرتجفة تحاكيه ان هناك ما هو اسوأ
__________________________________

_ صباح اليوم التالى كان يجلس بوجل متألماً على ما اصاب طفلته ...تلك السعادة و صوت ضحكاتها في كل مكان يطن في اذنه لا يعلم كيف يستطيع ان يعيش بدون صغيرته حنين و ما هو رد فعل نسمة عما حدث هل ستتقبل الحياة بدون ابنتهم ام ماذا و كيف له ان يداويها وهو محطم من جميع الجهات ، الى الآن لم يراها وجهاً الى وجه فهي محتجزة بغرفة العناية المركزة فقط رأها من خلف زجاج الغرفة مخاطة بكم هائل من الشاش على الجسد و الوجه و الخراطيم الطبية تخترق انفها و فمها و اوردتها الضعيفة التي تنبض بهدوء يتسائل اهي متألمة ام الغيبوبة التي تمر بها تهون اوجاعها

شعر بكف يربت على كتفه بحنو : ان شاء الله هتقوم بالسلامة متخافش ....انا هروح دلوقتي مع اميرة التلاجة عايزينها تتعرف على الجثة

هز رأسه بضعف ثم نظر للاسفل بتهالك فأغمض مراد عينيه بحزن على حالة نوح رفيق عمره فهو يعلم ان نوح رقيق المشاعر رغم قوته محباً لاسرته جداً ، يدعو الله ان يرزقه بحياة افضل الايام القادمة

_______________________________

_ دلفت مكتبه بعد ان اذن لها بالدخول فرأت بجانبه فتاة صارخة الجمال شابة تبدو في العشرينات ترتدي ملابس ...لحظة و من قال انها ملابس فهي تعتبر لا ترتدى من الاساس فقط فستان قصير جدا بدون اكتاف ازرق اللون يظهر بياضها تلك الصهباء الحقيرة ماذا تفعل بجانب حمزة

نظفت حلقها قائلة بجدية : صباح الخير يا دكتور حمزة ، قالولي في القصر انك نزلت بدرى و جيت الشركة ، خير فيه تعديل جديد في جدول حضرتك ؟

هتف بعملية : اه فيه ...انتي من النهاردة تقدرى ترجعي شغلك كمساعدة في الشركة بس و مساعدتي الخاصة انسة كارما هتكون بدالك

حاولت الاحتفاظ بوجهها الهادئ حتى لا تنال منها الصهباء المقيتة : ممكن لحظة من وقتك ؟

امر الصهباء المقيته عفواً اقصد كارما بالذهاب خارجاً فنفذت امره : اتفضلي خير ؟

جلست بحنق تردف : انا متفهمة و بحترم قرارات حضرتك بس ممكن اعرف سبب اعفائي من شغلى معاك و كمان فجأة كدة ظهرت مساعدة جديدة بتثق فيها

اسند ظهره على مقعده الجلدي : تعالي ولعيلي سيجارة

امتعضت كثيراً من تصرفه البارد ثم فعلت ما قاله لتقترب منه دون عمد منها لكنه اغمض عينيه بضعف لرائحتها الرقيقة التي لازالت تجتاح روحه بلا منافس : شكرا ....( عادت لمجلسها فأكمل ) ...مش حابب اتعبك اكتر في المساعدة الخاصة و كمان انتي كبيرة سناً مش حمل بهدلة ، كارما بنت صديق والدي و انا اعرفها من زمان بثق فيها و لما طلبت منها متأخرتش متقلقيش على مستقبل الشركة يعني

غييرة هل احدكم يشم رائحتها تحترق من تصرفه اخبرته بأستنكار : انا كبيرة في السن ؟!! انا !!!! تمام زي ما حضرتك تشوف ...عن اذنك

ذهبت تغلق الباب بعنف من شدة غضبها ثم نظرت لتلك المائعة بضيق مااااااذااااااااا لحظة ماااذا قال ...يعرفها منذ زمن يا ويلاتي اذاً يعلم هيئتها و جمالها و شكلها جيداً ، تباً داخلها يحترق بلا هوادة تستشيط بلا رحمة لحالها ايعاقبها على رفضها له ...حسناً كما يحب فهي لن تركض خلف رجل ابداً و لما تحزنين يا ايلاف اليس ذلك ما كنتي تعلميه و تتوقعيه فليحدث الان افضل من المستقبل ، ابتسمت بسخرية على حالتها لخبر نفسها ( امض يا قلبي فليس لك من محب في تلك للدنيا ) بينما الآخر يضحك دون توقف كرجل محنك فهم ان الأمر ازعجها فاردف : و لسه يا ايلاف هجيبك لحد عندي مش حمزة علام اللي يترفض

__________________________________
_ صباح الخير ....اردفتها بوجه بشوش كعادتها لتزيح الستائر بنشاط فأمتعضت ملامحه واضعاً ذراعه يغطي عينيه من قوة شروق الشمس ثم اعتاد فأبعده عن وجهه ناظراً لتلك الماثلة امامه تقرب طاولة الطعام الصغيره المتحركة من فراشه ، فتاة حمقاء اخرى في نظره ضئيلة الجسد و قصيرة بشعر ناعم مجموع برابطة مطاطة و منظار طبي مستدير على وجهها تناظره بأبتسامة

رمقها بسخرية : اخرجي برة و هاتيلي اي حد يديني المهدئ بتاعي

ابتسمت رغم ذوقه المتدني : بس انت مش هتاخد مهدئات تاني يا كاظم

استشاط منها فكيف لها ان تجبره و تناديه بأسمه مجرد : انتي مين ؟ و لا مش مهم اعرف بس لازم تفهمي ان كاظم علام مش بيتأمر و خصوصاً لو متخلفة زيك

رفعت حاجبها الايمن بتعجب ثم استدارت تنظر للمرآة الصغيرة هاتفة : بس انا مش متخلفة يا كاظم ، انا دكتورة رنا خطيب المسئولة عن علاج نفسيتك البايظة

استند على مرفقيه و تناول طعامه بلا اهتمام : بايظة ؟!!! لا واضح انك دكتورة شاطرة اوي ، بقولك ايه يا بت اخرجي برة و اندهيلي حد كبير في المركز الغبي ده يكون مسئول عن نفسيتي ...البايييظة

قالها بفم متهكم ملتوي فجلست تتناول طعامها معه فنظر لها بضيق ناري : انتي اتجننتي و بتاكلي معايا كمان ده اللي ناقص

نهض على حين غرة فانقلبت الطاولة بالطعام على ملابسها لتصبح مطبخ صغير متنقل فابتسم بدهاء ليثير غيظها : يلا يا صغننة بدل ما تعيطي هاتيلي حد كبير

نظرة خالية من اي شعور ثم بقوة سحبته ناحيته من ملابسه تحتضنه من خصره متلاصقة به مما اثار دهشته و جعل عيناه تجحظ بصدمة
_________________________________
_ تتقدم بخطوات ضعيفة مرتجفة امام غرفة التلاجات يساعدها مراد خلفها ان تسير بلا خوف عليها انهاء تلك المهمة الصعبة ....بفم مرتعش مع تكاثف العبرات في مقلتيها لتتساقط بلا توقف ، صوت انفاسها المتهدج بذعر ان ترى صغيرتها بين ذراعى الموت ، موقف لا تحسد عليه مؤلم موجع تركها مراد امام الباب لتدلف هي مع العاملة و العامل للداخل تضع كفيها على وجهها تنتحب لصوت فتح التلاجة الخاصة بطفلتها هاجر فرأت ما لا تصدقه وجه متيبس ازرق مليئ بالكدمات و مشوه

صرخت خارجة تركض الي حيث خارج القسم لتسقط ارضاً واضعة رأسها بين ساقيها و ذراعيها تبكي بشدة مستندة بظهرها على اقرب حائط فانحنى مراد امامها على ركبتيه بأعين مشفقة دامعة هامساً : اميرة اهدي مش عايز اشوفك كدة ارجوكي

اتت ممرضة من اول الرواق تحدثهم : حضرتكم تبع المدام اللي جت في حادثة امبارح في العناية

نهض مراد يتكلم بصوت خفيض : ايوة

اعطيته حقيبة بلاستيكية : دي المتعلقات بتاعتها ..عن اذنكم

هزت رأسها بنفي : ممم مش ممم مش هاجر اللي جوة مش هاجر

جلس على ركبتيه ليعطيها الحقيبة ففتحتها بأمل : دي سلسلة هاجر و هدومها اللي خرجت بيهم امبارح

جحظ مراد بسعادة لاميرة و اخر حزن علي رفيقه المسكين : اللى في العناية دي هااجر

اومأت له ببعض الامل ليحتضن رأسها على صدره العريض يربت بحنان على خصلاتها لتبكي هي من سعادتها ان شقيقتها لازالت على قيد الحياة
________________________________

________________________

_ يضع كفه مفرود الانامل على الزجاج العريض لغرفة العناية المركزة التى تقبع بها هاجر المسكينة منذ شهر كامل حالتها غير مستقرة تتعرض لنوبات ضعف نبضات القلب و توقفها احياناً ، كان شعور قاسي ان يصدم انها ليست زوجته و حبيبته هى التى على قيد الحياة ، فقد طفلته و نسمة رفيقة الدرب و القلب فوقت علمه الحقيقة تعرض لانهيار عصبي حاد لم يستفيق منه الا صباح هذا اليوم لا تزال ضحكات اسرته تطن روحه اللحظات السعيدة و الحزينة و غيرها من المواقف الصعب تخطيها مفرده تراوضه دون رأفة او شفقة ، لقد وعد نفسه ان يهتم بهاجر عوضاً عما حدث لها بسبب سيارة زوجته فلم تكن الصغيرة لها اي ذنب لينتابها كل تلك الالام و التجربة القاسية في هذا السن المبكر و حتى ترتاح زوجته في قبرها من ذلك الاثم الغير مقصود سيقف بجانبها و يتعهد بمصاريف جامعتها كما فعلت نسمة من قبل و كانت خير مساند لها لكن قلبه يرتجف ان يحرمها القدر و عائلتها من هذه الفرحة

سمع صوت صديقه يناديه فأستدار له : انا كويس يا مراد متقلقش

قبض على ذراعه ليجلسه بجانبه على احد المقاعد : هتقوم بالسلامة يا نوح بس مش عايزك تشيل نفسك فوق طاقتها ارجوك و روح بيتك بقا

اغمض عينيه فاركاً وجهه بتعب : احجزلي في اي فندق اليومين دول يا مراد ، مش هقدر ادخل البيت و هى مش فيه ، نسمة سابتني يا مراد و اخدت حنين معاها سابوني لوحدي

تنهد بشفقة على حال صديقه : اهدى يا صاحبي ، دي اعمار ادعيلها ....انا هسيبك دلوقتي و هختارلك اوتيل مناسب احجزلك فيه

رفع مراد رأسه على صوت اقدام آتية بقرب غرفة هاجر ليجد السيدة هدى والدة اميرة و بجوارها ابنتها فجاءت عينه بعين اميرة الشاحبة و الهزيلة لتبعد هى عينها عنه بأنزعاج واضح فأبتلع ريقه بضيق متذكراً ما حدث منذ شهر

( عودة منذ شهر )

_ حاول ازالة حالة العصبية التى امتلكت نوح فكتف جسده بذراعيه صارخاً : اهدى يا نووووح و اقعد كل ده مش هيفيد بحاجة و كلنا هنموووت اهددددددى

هتف بجهور : سيبني بقووووولك عايز اموت و ارتاح ، هعيش ليه بعدهم كله بسببي كلللله بسببي بسبببك انت بس لااااا مش هدارى عليك تانى و مش هسكت تانى انا خسرتهم بسبب سكوووتى عن افعالك الزبالة

واجهه بتساؤل فأكمل الاخر : ايووووة ربنا عاقبنى بيهم و ان ياما سكت عنك يا مراد بس انا مش هعمل كدة تانى و قرارى النهااااائي هتسيييب اميرة في حالها و تنساها من لستة البنااات بتوعك اميييييرة لااااا سااامع مش هيحصل و لو معقلتش هنسى انى صاحبك و اخوك و هعترفلها بخططك عليها و هقولها انه بيضحك عليكي

تركه بغضب قائلاً : انت اتجننت هتبيعنى و نخسر بعض علشان واحدة

سقط على ركبتيه ارضاً ينتحب كالصغار : خسرتهم بسبب سكوووتى بسبببك كنت شيطان اخرس ورراك و اقول بكرة يعقل بس اه يا مراد مستعد اخسرك كمان بس مش هخسر ربنا

جلس بجانبه يحتضنه مقبلاً فروة رأسه : بس يا نوح بس يا صاحبي اهدى هعملك اللى انت عايزه ، احنا من زمان مع بعض و هنكمل مع بعض و مش هسمح لحاجة او حد يفرقنا

____________________________

_ في اليوم المقابل في غرفة مكتبه بالشركة قام بطلبها عبر الهاتف لتدلف غالقة الباب خلفها تناظره بأعين حمراء لا تكف عن الدموع و النواح بسبب ما جرى لشقيقتها التى تفتقدها منذ ايام

شعر بالشفقة عليها لكنه وعد رفيقه : اقعدى يا اميرة عايزك في موضوع

جلست على اقرب مقعد بتعب ليكمل قائلاً : انا مضيت على قرار نقلك كمساعدة لمستر كاظم تقدرى تاخدى اي متعلقات و تروحى لمكتبك الجديد

صدمت من قراره فهتفت بتساؤل : مراد انا عملت ايه و ..
صرخ بها بكل غرور : اسمي مستر مراد و اوعي تتخطي حدودك معايا

اخذت تضحك بهدوء ثم تعالت ضحكاتها بهيستيريا لتردف : انت من كام يوم كنت جنبي قولتلى مش هتخلى عنك و قولتلى انك بتحبنى ... لو انا ضايقتك في حاجة قولى متسيبنيش ارجوك يا مراد انا انا ....اناااا ببادلك نفس الشعور

نهض من مقعده مقترباً منها قائلاً : كانت زلة لسان وقت كنا بنقضيه حلو و خلص و بالنسبة لوجودى جنبك فكان مجرد شفقة او مساعدة مش اكتر بس يا اميرة الحقيقة واضحة جدا و لازم تبصي لنفسك في المرايا و ليا احنا مننفعش لبعض ، انا غنى ووسيم و ابن عيلة و انتى حالتك الاجتماعية و الثقافية مش هتتناسب معايا ، متزعليش يا اميرة بكرة تلاقي اللى شبهك و يسعدك

جف حلقها و ابتلعت الكلام قبل خروجه من فمها كما تدمرت كرامتها على يد شخص لا يمت للرجولة بشئ فنهضت كالميتة تخرج من غرفة مكتبه تجمع بروح ميتة متعلقاتها لتترك له الشركة و العمل بأكمله
بينما هو بمجرد خروجها ادمعت عيناه : انا اسف يا اميرة كان لازم اجرحك عشان تنسينى انا مش بحبك و كنتى مجرد لعبة لكن مش هخسر نوح صاحبي عشانك


( عودة للوقت الحاضر )
________________________________
_ فتحت الخادمة باب القصر لايلاف مرحبة بها كثيراً كأنها تفتقدها بكثرة منذ غيابها عنهم هذا الشهر الذي كان اشبه بالكابوس بسبب وجود تلك الكارما الصهباء ، بادلتها ايلاف التحية ثم اتجهت تبحث عن مهرة بعد ان قالت لها السيدة عبير عن محلها

اثناء سيرها وجدت السيدة نازلى تهبط من الدرج فابتسمت لها : نازلى بنفسها ، وحشتيني عاملة ايه

احتضنتها بود هاتفة : بكاشة لو كنت وحشتك مكنتيش سيبتينا كدة و مهرة كمان بتعيط بعدك

ضيقت فمها الصغير بحزن : غصب عنى اصل....

قاطع حديثهم صوت كارما تصرخ على الصغيرة : انتى مبتفهميش ليه قولتلك بابي مش فاضي لقرفك و زهقان و ممكن يزعق فيكي

نظرت للاسفل بحزن : بس انا هوريه رسمتى و خلاص يا طنط مش هزعله

نفخت زفيرها بعصبية ملتقطة رسمة مهرة تمزقها بلامبالاة امام اعين مهرة المتحسرة : يووووه و ادى الزفتة رسمتك اهى

ادمعت اعين مهرة بشدة تحاول كتم آلمها فهى تخشى ان اصدرت صوتاً تزعج والدها و يعود مرة اخرى لمعاملتها بسوء ، تحبه كثيراً و علاقتهم تحسنت قليلاً فعليها الصمت الآن و التحمل من اجله

اتجهت ايلاف بغضب الى كارما تلطمها بعنف على وجنتها فصرخت الاخيرة متألمة بينما هتف حمزة حينما خرج من غرفته فجأة : كااارمااااا

انضمت بمكر تبكى كالحية بين احضانه : الحقني يا حمزة المتوحشة ايلاف دى ضربتنى بالقلم

ربت بحنان عليها ليتجه الى الاخرى : انتى مين سمحلك تعملى كدة و بأى حق تهيني ضيوفي في بيتي ، امشي اخرجى برررة و مش عايز اشوف وشك لمدة اسبوع في الشركة كمان ....مكنش ناقصني انا غير غيرة ستات من بعض

صدمة احتلت وجه نازلى و دموع مهرة المنهمرة على وجهها بحزن على والدتها كما تدعوها اما هى اسبلت اهدابها في صمت لتلملم اشلاء كرامتها المحطمة تاركة له المكان اجمع فركضت خلفها نازلى تناديها : ايلااااف استنى يا بنتى اقفي ارجوكى

عادت الام مرة اخرى تردف بغضب : انت مش من حقك تزعقلها و ده بيتي انا استضيف فيه اللى يعجبنى و اذا كان فيه حد المفروض يتمنع من دخول القصر فهي اللى اترمت في حضنك قدامنا كلنا بعد ما كسرت بخاطر بنتك و زعقتلها و قطعت رسمتها اللى بقالها ساعات بترسم فيها علشان تفرحك بيها ، ايلاف صدر منها رد فعل ام ناحية بنتها اللى اتكسرت قدامها

شارات العصبية ممتزجة بالالم تفاقمت على ملامحه ليردف : اللى سمعته ده حقيقي يا كارما ؟

صمتت تتنفس بخوف من ردة فعله فجهر : ردددي

ارتعشت شفتيها قائلة : ااا ااايووو

قاطعها يجرها من خصلاتها لخارج القصر : بنتى لااااا....دفعها ثم اغلق الباب بقوة واضعاً كفيه على وجهه ينهر نفسه على حماقته
________________________________

_ تركض اميرة خلفها بضيق حينما هجمت بعفوية مطلقة على غرفة المكتب الخاصة بكاظم : اسفة يا مستر كاظم هى دخلت غصب عنى

اشار لها بهدوء : مفيش مشكلة يا اميرة تقدرى تتفضلي

اومأت له ثم خرجت لتجر الفتاة اقدامها تجلس على الاريكة الجلدية ( تربع ) ساقيها حول بعضهم : قولت هربت منى في المستشفى اجيلك انا هنا علشان العلاج نكمله

رفع حاجبه بنزق : رنا اخرجى برة عندى شغل مش فاضيلك و انا مش مريض علشان اتعالج عندك

نهضت مقتربة ببطئ من جلسته تنحنى قليلاً : انت اول مرة تقولى يا رنا ( استقامت مكملة ) ميبقاش قلبك اسود يا كظكظ بقا مش كل علشان حضنتك و هدومك بهدلتها و ايه يعنى لو عملتها بقصد منى

تنهد برتابة منها : بقولك ايه يا ماما تعرفي طريق باب الشركة ؟

فتحت مقلتيها تقول ببرائة مصطتنعة : اه ليه ؟

ادار القلم الحبري بين اصابعه : جدعة ...اخرجى بقا و سيبيني في حالى شوفيلك مريض تحلي مشكلته

جلست كما السابق : اتفضل اطلبلي نص فرخة و شويبس علشان افطر و اعالجك كويس

صدم هاتفاً : نعم ياختى ...نص فرخة تفطرى و كل ده بيروح فين ان شاء الله

فردت كفها في وجهه : الله اكبر ...احسدنى بقا ( كرمشت وجهها بطفولية ) والله جعانة بجد

شعر كأنه امام مهرة طفلة حمزة فأبتسم بقلة حيلة رافعاً سماعة الهاتف ليطلب لها اطعمة حتى تملئ معدتها الصغيرة
________________________________
_ تتسامران معاً و هن يأكلها جميع انواع التسالى من ( لب و فول سودانى و فشار ) ثم نظرا لبعضهن و انخرطا في ضحكات عالية لا مثيل لها فلكل فتاة منهن قصة تؤلم جوفها لكنها تحاول التظاهر بالتعافي

بقولك ايه انا جعت يلا نعمل اندومى ....هذا ما اردفته ايلاف

نهضت معها تجاه المطبخ : يلا خو احنا ورانا ايه ، هى خالتك فين بتنام بدرى ليه كدة

وضعت النودلز في المياه الساخنة : خالتى بتصحي من الفجر فبتنام على العشا كدا

صبت الطعام في الاطباق و اخذت كل منهما كوب من المياة الغازية ليعودان لجلستهم : اختك اخبارها ايه دلوقتى يا اميرة

تناولت الملعقة ثم تحدثت بحزن : الحمد لله حالتها استقرت و الكسور خفت بس الغيبوبة مستمرة و لسه على الاجهزة

ربتت على كفها بحنان : المهم ان طلعت من العناية يا حبيبتى ( غيرت الموضوع بمزاح ) والله ما فيه في خيبتشششي

ضحكت الاخرى تخبرها : حظنا بيئة يا بنتى ، بجد حمزة مسيطرة عليه حرباية ربنا يعينه

ابتسمت بأرهاق لتتناول علبة النوتيلا تأكل بالملعقة ثم رقائق الشيبسي خلفه : اختك مبختة طالعالى منين الولية الصفرا دى معرفش لا دى برتقالى يا بت

مزحت بمشاكسة : ايه ده مش الاكس الحربوءة بتبقى صفرا غيروا القاموس و لا ايه ؟

انخرطت في القهقهة على احزانها العميقة : بس يا متخزوقة

وضعت كفها على فمها فضربتها اميرة بالوسادة آخذة علبة الشيكولاه تكمل اكلها بغيظ : هى نور دى لسه سكرتيرته ؟

اكملت طعامها تخبرها : نور مين ؟ اااه البت اللي بتشع دي اللى زي لهطة القشطة اللى ماشية في ديل مراد في كل حتة بس حقيقي هى نور على نور و متدينة اوى

ادمعت عيناها بغيظ : انتى بترفزيني يعنى يولعوا يا رب تتشقلب على منخيرها الكبيرة

اخرجت ملعقة الشيكولاه فارغة من فمها : بس مش برتحلها يعنى انتى روحك احلى و مرحة ، بصراحة معرفش مراد اتعمى في عينه و لا ايه

كرمشت ملامحها كالصغار قائلة : بجد ؟ انا احلى ؟

حزنت على حالتها : طبعاً يا هبلة ...بت بحبك خودى قلوب مش خسارة فيكي

قالت بأنزعاج طفولى مصطتنع : هاتى

سمعا صوت رنين الباب فنهضت ايلاف تفتحه : مين المتخلف اللى بيزعج الناس دلوقتى

صدمت لوجوده ماثل امامها بجواره السيد محمد سائقه الذي تركه و هبط للاسفل كما امره : ايلاف ...ااا ااا انا

هبطت الدموع متألمة على وجنتيها : نعم ؟

كلمة ثقيلة على لسانه و كبريائه لكنه اقسم انها الانثي الوحيدة التى تستحقها : اا اسف

اخبرته بعتاب موجع : اسف على ايه يا د. حمزة انت احرجتنى بطردك ليا من بيتك و جرحتنى انا بقى انااا!!! يا حمزة بغييير من دى وو

قاطعها بهمس محب : انتى مينفعش تحطى نفسك في جملة مع دى ، انتى ضافرك بألف من عينتها

ازلت عبراتها المنهمرة مقوسة فمها بتذمر : انا مشوفتش ده منك بالعكس انت اذيتنى شعورياً و خلتنى مش طايقة نفسي ...انا كنت بدافع عن مهرة و انا مش هسامحك عشان ظنك ده فيا وووو

قاطعها لمرة اخرى : بحبك

جحظت عينيها بقوة لتنظر له بدهشة ثم سقطت ارضاً مغشى عليها
________________________________

_ حمدالله على سلامتك ....القتها الممرضة الخاصة برعاية هاحر بعد ان استفاقت و تفقدها الطبيب مراقباً مؤشراتها الحيوية منذ ساعات

تنفست بعمق تنظر بصمت لها فأردفت الاخرى بثرثرة و هى تحقن المحلول : جوزك نوح ده كان هيموت عليكي مرتحش يوم و انتى في الغيبوبة يا ريتك كنتى شوفتيه ازاى ملهوف و بيحبك و الحمد لله بقا ربنا نجاكى علشانه المسكين خس النص

رمشت هاجر بأعينها ثم ارتخى جفنيها مستحضرة النوم رغماً عنها فخرجت الممرضة تاركة اياها تلى ذلك دلوف نوح يرمقها بألم و ذنب كبير لحالتها

جلس بقربها على مقعد بجانب فراشها يقبض على كفها الصغير : انا اسف ، محدش فينا كان يعرف القدر مخبي ايه سامحيها ارجوكى علشان ترتاح في قبرها ، نسمة ( سرح في حديثه يتخيلها امامه )

بينما عند تلك اللحظة استفاقت على صوته تحاول فتح جفنها الثقيل بأرهاق : بحبك اوى و عمرى ما هحب غيرك ...سامحيني لو قصرت في حقك و مردتش على مكالماتك غصب عنى والله ، اكيد كنتي بتستغيثي بيا و انا اتلهيت في شغلى زى الغبي ، انا ندمان يا حبيبتى وحشتيني اوى يا ريت لو ترجعيلي و يرجع الزمن كنت منعتك تخرجي و تسيبني اليوم ده

قبضت بضعف على يده هامسة : مسمحاك يا نوح و رغم ااا انن انى ممم مش فاكرة ححج حاجة بس اكيد اا القلب اللى ججج جواك كنت بحبه

جحظ عيناه بدهشة من حديثها و رفع رأسه يبصرها بصدمة مردفاً : هاجر انتى ...

هزت رأسها بأبتسامة : ايوة يي يييااا حبيبي انا فوقت

دلف الطبيب مهللاً : حمدالله عالسلامة يا هاجر ، اهلاً بشمهندس نوح ممكن تسمح بدقيقة من وقتك ؟

نهض كالمغيب لازالت علامات الذهول تعتلى وجهه : دكتور ....هاجر...

اومأ له بآسف : ايوة بالظبط هاجر فاقدة الذاكرة و ده عرفته من الاشعة و اللى طريقتك دلوقتى بتأكده

هتف بعدم تصديق : دى ...دى فكرانى جوزها و بتقولى يا حبيبي

ربت على كتفه بمؤازرة لحالته : للاسف يا بشمهندس نوح انت مضطر تجاريها في اعتقادها و كأنك فعلاً جوزها لان اى تصحيح افكار دلوقتى هيدخلها في صدمة احنا في غنى عنها
_____________________________
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي