الفصل 42

-ستغادر يا أخي العزيز .. ستغادر عندما تعلم أن أبي كتب نصف القصر لي والنصف الأخر لك .. ونصف المزرعة والأراضي لي والنصف الأخر لك
حدق جوزيف به بعدم تصديق ثم نهض من مكانه وجلس على المقعد المقابل له متسائلا في دهشة :
-ماذا ؟! .. كيف حدث هذا ؟!
انحنى بظهره قليلا مستند بمرفقيه على فخذيه قائلا :
-تحدثت مع أبي واقترحت عليه أن يكتب كل شيء بأسمائنا .. عندما أخبرته أنني علمت بكل شيء وأن عمي ليس له حق في أي شيء
حرك جوزيف مقلتيه يمينا ويسارا يفكر ثم قال بتوجس :
-جان أسمع .. ما فعله أبي خطأ .. إذا علم عمي حتما سيغضب وتحدث الكثير من المشاكل
-لا تقلق .. هذا حقنا
دق الباب فنظر جان إليه وأذن بالدخول لتدخل ساره بابتسامتها المعتادة وفي يدها ساره الصغيرة ، فقد طلبت من أديل أن تأخذها ليراها جان و وافقت ، وقفت تنظر إليهم وبعد تبادل السلام تركت يد الصغيرة لتفتح حقيبة يدها ، فيما نظر جان إلى الصغيرة التي كانت تنظر إلى الأرض في صمت ، أخرجت الصور ومدت يدها إلى جوزيف الذي كان يحك جبينه غير منتبه لها ، فأخذ جان الصور ليفحصها ثم وضعهما على المكتب ونهض قائلا :
-الصور رائعة يا ساره ..
لتبتسم له متمته بالشكر ثم نظر إلى الصغيرة ومد يده وضعها على شعرها لترفع رأسها تنظر إليه وهو يتساءل :
-ابنتك ؟!
أرتفع حاجبيها في دهشة ثم ضحكت ضحكة خفيفة قائلة :
-لا .. أنا لست متزوجة .. هي ابنة صديقتي المقربة
ليحرك رأسه بخفة ثم قال مبتسما :
-تشبهك
نظر جوزيف إلى الطفلة فيما تساءلت ساره باهتمام بعد أن شكرت جان على مجاملته :
-هل أنت بخير جوزيف بك ؟!
لينظر إليها بعدم تركيز قائلا :
-لا لست بخير .. أشعر بألم في رأسي
تذكرت انها تحمل حبوب لألم الرأس وعلى الفور أخرجتها من الحقيبة ومدت يدها بها قائلة :
-خذ واحده وستنسى الألم نهائيا
أخذها جوزيف دون تردد وابتلعها بكوب من الماء ثم استند برأسه إلى المقعد ، فيما جاء اتصال إلى جان ، فنظرت ساره إليه وتقدمت نحوه بخطوتين دون أني ينتبه ، وعندما تناول هاتفه رفعت رأسها قليلا محاولة ترى من المتصل ولكن فشلت ، فوقف جان جانباً يتحدث في الهاتف ثم تركهم وغادر
******
القصر بغير عادته ، هادئ ولم يعتاد دانييل بك على هذا الهدوء ، فكان دائما يستمع إلى مشاكسات أبنائه في أنحاء المنزل ، ولكن الأن يشعر وكأنه وحيد بلا أبناء ، جان ترك المزرعة وعاد للعمل مع شقيقة دون أن يعلم السبب ، وجوزيف لم يعد يأتي بعد طرده من القصر بسبب انفصاله عن جين ، دلف إلى المكتب و وقف ينظر إلى صورة زوجته ، يخبرها بعينيه أنه اشتاق إليها كثيراً كما اشتاق إلى أبنائه ..

استمع إلى صوت لويز توبخ مكفي وتعاملها بقسوة ، فوضع الصورة مكانها برفق ثم خرج إلى تلك المزعجة ، و وقف واضعا يديه في جيب سرواله يستمع إلى حديثها بحده :
-أنتِ امرأة حمقاء لا تفاهمين شيء على الاطلاق .. وسوف تتركين عملك هنا وسيأتي غيرك
كانت تنظر إلى الأرض تبكي ، فتدخل دانييل بك بثقة متسائلا :
-ومن سيسمحك لكِ لويز بطردها ؟ .. جوزيف أم جان ؟!
لتنظر إليه بشموخ واعتزاز ، منذ أن تؤكل الشباب المنزل وهي متحكمة بكل شيء وتيقنت أن كل شيء ملكها الأن ، أشارت برأسها كأمر إلى مكفي بإن تذهب ، فذهبت إلى المطبخ على الفور ، ثم عقدت لويز ذراعيها تنظر إليه بابتسامة باردة وقالت :
-ليس أحد دانييل بك .. أنا من اتخذت القرار
-ولكن هذا ليس منزلك لتأخذي قراراتك بنفسك
رفعت رأسها للأعلى لترى توماس واقفا على الدرج ثم عادت بالنظر إلى دانييل بثقة أكثر من اللازم قائلة :
-بل منزلي .. أنا السيدة الوحيدة هنا وابنتي من بعدي
ليبتسم على حديثها بسخريه ثم تقدم خطوتين فقط وقال بهدوء :
-هذا غير صحيح .. المنزل ملك لأبنائي الأن والمزرعة أيضا وكل شيء يخصني
اختفت ابتسامتها على الفور وتساءلت في دهشة :
-ماذا؟!
ليهبط توماس الدرج ينظر إلى عمه بحده وكأنه يود قتله ، ثم وقف بجوار والدته وتساءل بحده :
-كيف تتجرأ على فعل هذا ؟!
صفق له وهو يضحك ساخراً ثم توقف عن الضحك وتحدث بثقة وهو يشير لكل شيء حوله :
-كل هذا ملكي .. وأيضا المزرعة ..
ثم أشار إلى والدته وتابع بحنق :
-تحدث مع والدتك وهي تخبرك بكل شيء .. أنا لم أبين لك أنت وشقيقتك حتى لا تشعرين انكم أقل من أبنائي
ثم أردف بحسم :
-ومنذ الأن ستعاملون معاملة الضيوف
ثم تركهم وذهب لينظر توماس إلى والدته وعيناه تتساءل كثيراً ، لتجيب على أسئلته دون أن ينطق بها وعلم بكل شيء ليقف مصدوم لدقائق يستجمع بهم أفكاره ، ثم عصر قبضة يده وقرر الذهاب إلى باريس في أسرع وقت
******
وصل إلى المنزل وجاء يصعد الدرج أوقفه صوت بكاء أوجين أتي من الجنينة ، فزفر بصوت مستمع ثم غير مساره إلى الجنينة وخرج إليها ، ثم جلس بجوارها يتطلع إلى الأمام فنظرت إليه ثم مسحت دموعها وظلت تنظر إليه للحظات من الصمت ثم عادت بالنظر إلى الأمام ، وكسر جان أخيرا حاجز الصمت الذي بينهم بسؤاله :
-لماذا تبكين ؟!
أغمضت عيناها وقالت بصوت مبحوح من كثرة البكاء '
-نفس السبب يا جان الذي يبكيني فكل مرة أتي من عند الدكتور
نظر إليها مقطب جبينه متأثرا بحالها ، تتمنى أن تنجب منه طفلا وهو غير مهتم ولا يريد ، حتى لا يظلم طفل معه ينجب وسط أسرة لم يجد تبادل الحب بينهم ، ولكن هو يساعدها على الذهاب إلى المستشفيات والمتابعة مع دكاترة متخصصه للعلاج ، رفع يده ليضعها على شعرها فنظرت إليه بحزن ، ثم اقتربت منه واستندت برأسها على صدره متشبثة في قميصه ، ليجد نفسه يمسح على ذراعها ثم ضمها إليه ، وصلت له رسالة على الهاتف ، ليخرج الهاتف فنظرت أوجين إليه وهو يفتح الهاتف باسم سري ( أديل ) ، فرفعت رأسها عن صدره تنظر إليه في دهشة ، فيما فحص جان الرسالة التي أرسلت من شقيقة ، ثم أغلق الهاتف ..

نظر إلى أوحين وعيناه تتساءل لما تنظر إليه هكذا ، فتساءلت بعدم تصديق :
-لا زالت تفكر بـ أديل ؟!
نظر إلى هاتفه ثم وضعه في جيب معطفه متسائلا :
-لماذا تقولين هذا ؟!
نهضت واقفه وصاحت :
-الفتاة التي تركتك ورحلت .. تركتك تتعذب وحدك في بعدها لا زالت تفكر بها
نهض واقفا أمامها قائلا بعصبية :
-نعم لا زالت أحبها .. قلبي اذا توقف عن حبها سيتوقف عن النبض
جزت على أسنانها بحنق قائلة :
-توقف عن حبها يا جان .. يكفي هذا العذاب الذي تسببه لي ولك
جز أضراسه بشدة حتى استمع إلى صريرها ثم اندفع بألم قائلا :
-لا استطيع .. لا استطيع يا أوجين .. لقد حاولت كثيرا ولكن قلبي كان يؤلمنني .. بمجرد أن أتوقف عن التفكير بها أشعر وكأن قلبي توقف عن النبض .. هي الشريان هي الحياة هي كل شيء بالنسبة لي ..
ثم جحظت عيناه وهو يشير إليها متابعا بحده :
-لا تطلبين مني مجددا أن أتوقف عن التفكير بها
ثم تركها وصعد إلى غرفة النوم مغلقا الباب خلفه بقوة ، ثم تناول الحاسوب وجلس على حافة الفراش ، وقام بفتح شاشته ثم دخل على موقع التواصل الاجتماعي وفتح قائمة البحث ، ليظهر الكثير من الصفحات باسم أديل قد تم البحث عنها في السابق ، لم يسأم جان وبدأ في كتابة الاسم مجددا ليظهر له نفس صفحات البحث ، وأخذ يبحث عن غيرهم ولكن بلا جدوى ..

بعد دقائق ليست قليلة فتحت أوجين الباب تنظر إليه وهو أمام الحاسوب ولكن قد بدل ثيابه وأكمل البحث ، أغلقت الباب بظرها ولا زالت تنظر إليه بعينين اهلكتهم الدموع ، ثم تقدمت نحوه لتجلس على حافة الفراش تطلع إلى الفراغ في صمت ، فيما أغلق جان شاشة الحاسوب بعد أن فقد الأمل أن يجدها ، وبعد لحظات من الصمت نظرت إليه وقالت بنبرة مؤلمه :
-جان لا اريدك ان تحبنني .. فقط ابقى معي حتى أنجب طفل وأنا بنفسي سأطلب الطلاق
أخرج تمهيده قوية من صدره وقال بخيبة أمل :
-لا داعي للانفصال أوجين .. سنظل معا
اومأت رأسها بالإيجاب ثم تناولت الحاسوب وضعته على المنضدة ، فيما وضع جان رأسه على الوسادة متوسد ذراعيه أسفل رأسه ينظر إلى الأمام بتعمق كأنه يرى أديل أمامه ، التي لا تفارق ذهنه أبدا ، أطفأت أوجين نور الغرفة ثم مددت بجواره ونظرت إلى ظهره للحظات ثم اقتربت منه وأحاطت خسره لتضم نفسها إليه ، فنظر إلى يدها ثم مدد على ظهره لتضع رأسها على صدره وقالت سرا :
-أعلم انك معي جسد فقط يا جان .. وقلبك وعقلك مع أديل
***
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي