الفصل السابع

أغلقت حاسوبها النقال وانتقلت لغرفة نومها كى تريح عقلها قليلا قبل أن تعود مرة أخرى للتفكير ببقية الحالات التى يجب أن تتابعها مرة أخرى
لم تكد تغلق عيناها حتى تعالى صوت هاتفها الخاص بالعمل والذي يجب ألا تغلقه بايه وقت
أجابت الهاتف لتجد نحيب من الطرف الآخر وكلمات متقطعة
دكتور ناجى
آنا
نعم هذه أنا
ما بك؟ هل الأمور بخير؟
لا، ليست كذلك أنا لست بخير ابدا
ما الأمر هلا اخبرتنى
لقد حاولت، لقد حاولت أن ابتعد عنه لكننى عدت له، لم استطع
لا تحزني وتحمل نفسك أكثر الأمر لا يستحق حقا فالأمر لن يفيد هكذا
لكننى لم اتحمل لمسة اى رجل آخر
تنهدت امل وتحدثت بصوت هادئ
اسمعينى أنا انت لست بحاجة لكل هذا، فالأمر لا يستدعى كل هذه الثورة فانت ببداية الطريق ولن تستطيعي أن تتعافي منه ببساطة هكذا
لكننى عدت إليه
بالطبع فعلت فانت ألقيت نفسك باختبار وباعلى درجاته وليس أمر عارض
كيف؟
لقد أدخلت نفسك بدوامة الخروج من عادة لارتمى بأحضان أخرى الأمور لا تكون هكذا عزيزتى يجب أن تمنحي نفسك الفرصة لتقديم الأمور حقا
لكنني..
قاطعتها امل بهدوء
ليس هناك لكن أنا سنأخذ الأمور بروية قليلا دون تسرع والان هلا ارتحت قليلا ومحاولة الا تفكرى بالأمر نهائيا
سأحاول
بل يجب أن تفعلى أنا كى لا يحدث ما حدث اليوم فانت بدأت التعافي فلا تتراجعى
وكيف بدأت التعافي وانا مازالت معه
بمجيىك لطبيب أنا فانت بدأت التعافي منذ حددت وجهة صحيحة لتساعدك
شعرت امل بهدوء أنا الذي تبعه كلمات ممتنة منها
شكرا دكتور سأخذ بنصيحتك حقا وارتاح قليلا على أحد السلام
أنهت امل المكالمة وقررت أن ترتاح بعقلها حقا قد شحن بما مرت به طيلة الأيام الماضية وسأحاول أن تستغل يوم عطلتها بالغد للإجابة على بعض الرسائل الأخرى التى وصلتها

على الطرف الآخر قرأت منى رسالة الطبيبة واسرعت بمسحها كما سبق ومسحت رسالتها فهى لن تترك الفرصة لأحد أن يعلم بسرعة فيكفي أن سترها الله طيلة هذه السنوات، ما أن فكرت بالأمر قررت أن تخبر ذلك الجار بما فعلته وسترى رد فعله فإذا كان حقا يريد بها خيرا سيساعدها على العلاج وربما كان هناك سببا لما فعله هو الآخر

عاد لمنزله وهو لا يكاد يريد امامه، لا يصدق أن الله قد منحه فرصة أخرى ليكفر عما فعله وهو شاب ارعن، لم ينس ما فعله به طيلة سنوات كانت بها زوجة له دون ممارسة كاملة، كان يظن الأمر عاديا وأنه مقبول لها لكنه غفل عن كونها طفلة أجبرت على ذلك وهو من فعل، تفاصيل عن تلك الحقيقة حين وجدها تستمتع بما يفعله لكنها لم تكن كذلك لقد كانت خائفة تحاول أن تسترضيه كى لا يؤذها، حين سافر وتغيرت حياته وحمل مسؤولية نفسه وما يفعله راح يفكر بحياته السابقة وما فعله بها، أراد أن يكفر عنا فعله كله وكانت هى إحدى تلك الامور
كان يتابع اخبارها حين يسأل والدته عنها وكانت تخبره أنها مثال للفتاه المؤدية التى احسن والديها لها، كانت توصف التزامها وابتعادها عن أى مشاكسات تقوم بها الفتيات مما اراحتى قليلا فقد كنت اخاف أن تسلك مسلكا اخر به ضررها لكنها لم تفعل مما لراحه قليلا، رغم إصرار والدته على تزويجه إلا أنه رفض رفضا تاما فعل ذلك كونه لن يستطيع أن يرتبط بغيرها ويدمر حياته بأن يعاقب بزوجته أو بنته يوما ما فقد حمد الله أنه لم يرزق باخت والا انتظر العقاب بها لكن الله كان رحيما به
وقد كانت دعواته بأن يتوب الله عليه وان يعطيه إشارة لذلك ولم يصدق نفسه حين أخبرته والدته أنها تريد أن تخطبها له، لم يصدق تدابير الله للأمر فقبل البشري وأخبر والدته بأنه سيعود بإجازة لاتمام الخطبة وهو ما لم تصدقه والدته لكنه أخبرها بألا تخبر أحدا كى يتم الله الأمر على خير
وقد صمدت والدته كى يصدق وعده ويعود ليتزوج وحين عاد انتظر أن يراها ولو صدفة لكنه لم يلمحها وقد أخبرته والدته بأن تلك عادتها نادرا ما تخرج وان حدث تكون برفقة والدها أو والدتها حتى وإن أرادت أن تشترى شيئا من مكان قريب تصطحب شقيقتها معها وراحت تتغنى بادبها وتمنى جميع رجال الحى بأن يخطبوها لكن والدها يرفض
قبض قلبه حين أخبرته ذلك وظن أنه سيرفضه هو الآخر لكنه قرر أن يجرب ولن ييأس حتى يقبله
حين رآها ذلك اليوم لم يصدق نفسه فقد باتت حقا فتاة تخطف الأنفاس بجمالها وخجلها الذي بأن بنظراتها التى لم ترفع عن الأرض غير حين عرفته والدته بها فنظرة الصدمة التى رسمها لم تكن غير حسرة على ما فعله بهذه الوردة وتمنى أن يعود به الزمن كى يكفر عن خطؤه ذلك
لم يضيع الوقت وتحدث لوالدها وأخبره عن رغبته لخطبتها وقد توقع رفضه لكنه أسعده بموافقته المبدئية وطلب منه أن يحضر ليتحدث معها وأخبره بأن الله سيوفق
حين حضر ووجودها مرعوبة منه علم أنها لم تنس ماحدث فحاول أن يعتذر منها ويخبرها أنه هو الوحيد الذي سيستطيع أن يعالجها مما هى فيه
تمن أن توافق وهو يعلم أنها تكرهه وربما تحتقره بل مؤكد لكن لا حيلة في الأمر فهو سيحاول أن يعوضها عما حدث بكل طريقة ممكنة

لم تجف دموعها كعادتها كل ليلة حين تتذكر ما فعلته بابنتها الوحيدة، لقد تركتها لذلك الوحش وغادرت
لم تنس أنها كانت غيرى من الفتاة الصغيرة التى سحرت زوجها وأخذته منها لم تصدق ما كانت تقوله وتوسلاتها لها بأن تحميها، كانت عمياء عن كل هذا فالشاب الذي يصغرها بعشر سنوات كان قد استولى على تفكيرها تماما بجسده وأحكامه بها فلم تر ما كانت تعانيه صغيرتها لكن تحول الفتاه من بريئة لامرأة مغوية كان سببا في غيرتها وهى ترى زوجها مستمتعا معها، اصواتهما معا ومنظرهما وهما يمارسان الجنس أمامها أوقد النيران بصدرها ولم تشعر غير وهى تتهم الفتاه أمام ابنها وتتبراةمنها وتغادر معه لولاية أخرى حيث يعمل كطبيب وتعيش حياة رغدة وتتعرف على رجلا اخر بينها انساها كل ما مر لكنها لم تنس ابنتها وبدأت ترى ما حدث وشعرت أنها مذنبة، حين أرادت أن تعاقب نفسها أخبرت زوجها وابنها بما حدث حقا وتوقعت أن يعاقبوها لكن زوجها حاول أن يخفف عنها أما ابنها فقد صدم بكونه ترك شقيقته مع ذلك الذئب وحين عاد ليبحث عنهما علم أنهما غادرت الولاية التى كانوا يسكنون بها ولم يعثر عليها للان، لم تفتر همته للبحث عنها خاصة أنه قاطع والدته فى البداية لكنه لم يحب أن يعيد الخطأ مرتين وعاد ليحدثها بتقطع طيلة السنوات الماضية
رآها زوجها فضمعا إليه وهو يحاول أن يخفف عنها
إهدار عزيزتى سنجدها
لا اظن ذلك فالرب يعاقبنى حقا على ما اقترفته
لا، فأنت قد توبتى إليه وهو سيردها اليك يوما ما لا تقلقي
حقا اتمنى ذلك فقلبي يحترق بما فعلته بها ولكن هل ستسامحنى على ما فعلته وهل ستقبل أن تعود للعيش معى وما الذي فعله بها ذلك الوعد وهل أكملت دراستها أم أنه حولها لعاهرة له دون شك
لا تقلقي لا اظن ذلك فهى فتاه قوية
تمنت حقا أن تكون ابنتها كذلك فهي لن تتحمل أن تراها مدمنة للكحول مثلا او مشردة بالشوارع
تنهدت الجدة وهى تتذكر حفيدها الوحيد الذي يعانى من وحدة قاتلة بعيدا عن كنف أسرة تسعده، لم يغب عن فكرها كونه يلفظ اى تجمع أسرى كى لا يتذكر ما كان يحدث له بكتف عائلته، والده الذي تغير معظم الوقت كى يوفر لهم العيشة المحترمة التى كانوا يعيشونها، والتى لم تقدرها زوجته وراحت تعاشر كل ذكر يمر بطريقها، عكس ما كان بمنزل جديه الذي بنى على الاحترام وكون المرأة مخلصة لزوجها فجدته لم تتزوج أو تصادق اى رجل خلفا لجده احتراما لذكراه
تعلم أن الفتى أصيب بالتشتت بين تلك الحياة ونجوم والدته لكن الصدمة كانت حين حاولت والدته قتل. والده وإظهارها أنه هو من كان يحاول قتلها
اكتشافه تلك المؤامرة ومحاولته قتلها فعلا أصابت عقله الصغير بصدمة كبيرة كل من حوله. علم أنها أثرت بحياته فيما بعد

بكرسي مكتبه جلس يداعب كبس الإضاءة للمصباح الموضوع على مكتبه، كانت الغرفة تضيى وتخبو بفعل حركته تلك معقله الذي كان يعيد شريط ذكرياته بالسنوات المنصرمة كشريط سينما، مشهده وهو يمسك بمسدس والده المحشو ويسلطه على والدته ويطلق النار لتصيبها الرصاصة وتتلولى من الالم، احتدت ملامحه وهو يتذكر تلك اللحظة التى تصيبه بالنشوة كونه يشعر بالتشفي بها
تلك اللحظة التى جعلته يدمن الالم بوجوه النساء دائما حتى بات يستمتع بذلك كى يصبح رجلا مسيطرا يعشق الم النساء بكل طريقة كى لا يجد خائنة بينهن مثل والدته، لكن تلك الطبيبة التى تخالف الصورة التى عهد عليها النساء، صورة كان قد أبعدها بعقله لكنها طفت على السطح وهو يراها تماثل تلك الصورة يوما بعد يوم، تصرفاتها، ابتعادها عن الجميع ترفعها عن الخطأ كل ذلك جعلها حقا مثالا امرأة ظن أنها لم تعد موجودة لكنها ظهرت له ببساطة في اللحظة التى كل بها حياته الرتيبة تلك التى يحكم بها الامور دون حاجة منه حتى للتحدث لكنها سيطرة وارفة الهدف منها إرضاء ميول غير سوية أما هو يريد طاعة حقيقية وود حقيقي، يريد امرأة أن تسلمه زمام أمورها بحب دون الحاجة لأمر اخر لا عقاب أو ثواب، فهو ليس اله هو بشر يريد أن يشعر بكونه رب أسرة لامرأة تعتمد عليه لا تخافه تحترمه لا تعبده هو يريد امرأة تشاركه حياته، ميوله أموره كلها تناقشه ويناقشها لكن دون أن يفقد سيطرته تلك عليها بل على العكس كلما دامت عشرتهم زاد اعتمادها عليه وتعلقها به ومحاولتها لارضاؤه حبا به واحتراما له
يعلم أنه إذا ما تحدث مع أحدهم عن ذلك سيتهمه بأنه منافق وليس ساديا حقيقيا وتلك هي الحقيقة ربما فالأمر فرض عليه لكنه ادمن الشعور المصاحب له وما يأخذه ممن يرافقهن من لذة الالم والطاعة وإن كانت زائفة فهو ادمن ذلهن كونه لم يعشق من قبل كى يحترم من ترافقه فكلهن يعبدن الشهوات وكل الطرق تؤدى إليها لن ينافق نفسه فالأمر منوط بالشهوة وما تقدمه له النساء بهذه العلاقة لكن ما يريده حقا فلا احد يعلمه وكم يامن أن تفهم امل ذلك ربما وجد بها ضالته لكنه يدعو الله أن تنجح باختباراته القادمة والا تقع بفخ رهانه مع نفسه بأنها ليست مثل باقي النساء اللاتى عرفهن طيلة حياته ممن يريدن أمرا واحدا لكن الحب والاستقرار ليس احداهن

انت قولت انى مش هقرا رسالتك لكن أنا قرأتها بالفعل ومش هنكر أنها شدتنى جداا ومنتظرة البقية فعلا لذلك هنتظر تواصلك معايا واه متفتكرش انى هحكم عليك وواضح جدا انك مش مريض أو حاجة لكن محتاجة اعرف تفاصيل كمان عشان اقدر احكم على الأمور فعلا واقدر اساعدك
تنهد دايمون بعدما اطلق زفيرا في الهواء ، سحب سجارة من علية سجائره التي باتت لا تفارقه
التقط واحدة ووضعها في فمه ثم أشعلها بقداحته المميزة التي أهداها له حبيبه يوم ميلاده ، فهي منقوشة بحروف من ذهب تحمل حروف إسميهمها باللغة الانجليزية ، نفخ دخانه ثم أطفئ القداخة وعاد مرة أخري ليشعلها أمام عينيه أبعدها قليلا عنه ثم أخذ يتفرس في هذا اللهيب المخيف الذي يتصاعد وشبه البركان الصادر منه مثل هذا اللهب لكن الفرق بينهم ان القداحة سينتهي ما بها من غاز بعدما يستخدمها مثل روحه التي باتت منهكة ومظلمة وخائفة ، إنتهت ظل يطالع القداحة حتي خبتت نارها رويدا رويدا لم يترك زرها حتي إنطفأت ، كم يتمني ان يكون هكذا لكنه سرعان ما تدارك انه بالفعل هكذا ، تذكر عندما تمني ان تتحول حياته التي يعيشها الي كابوس يستيقظ منه ويحكي تفاصيله كلها داخل الحمام كي ينتهي من هذا كله .
لكنه يعلم يقينا ان كل هذا لم ولن يكون كابوسا بل هو الحقيقة الوحيدة الثابته فلا يوجد لديه اي حقائق اخري سوي انه منبوذ من نفسه التي باتت وحيدة ومعلقة داخل مصير مجهول لا يدرب عنه شيئا .
ازاح السيجارة من فمه ثم نظر إليها بضيق وهو يطفئها داخل المطفأة ويفركها بشدة وكأنه ينتقم منها بغل وضيق ، توقفت أنامله في تلك الاثناء وهو يطالع الشاب الذي حرج توا من الحمام ، يرتدي قميصا نسائيا من اللون الاحمر ويتمايل امامه مثل أفعي ويبتسم له
أغلق حاسوبه المحمول ولم ينتبه إلي الرسالة التي أرسلت إليه ، نهض لهذا الشاب كي يقيم معه علاقة محرمة كعادته ، يريد ان يقلع عن هذه العلة القاتلة التي باتت تهدد صحته وحياته فقد يصحو بين ليلة وضحاها دون ان يعلم انه ناقوس الخطر قد اوشك علي ان يصدح صوته في الهواء

اتجه نحوه بخطوات واثقة فقد أشعل الشاب رغبته كثيرا لينهض متجها إليه ثم إنقض عليه مثل أسد جامح استطاع ان يفرغ مابه من ضغط قاتل ولكن اي ضعط وهذا يحدث مرارا وتكرارا دون حدوث اي شئ يذكر له فربما مايحدث معه هو ان حياته فارغة من أي شئ او مغامرة تذكر ، فهو يستيقظ صباحا مع حدبيبه الجديد .بعدما إنتهي قام بارتداء ملابسه الداخلية ، وإتجه نحو الحمام كي يأخذ دشا دافئا ، وقف أسفل الماء الدافئ بنعم به
بهدوء ، فقبل ان يتجه للحمام طلب من الشاب الا يدخل عليه ، اراد ان يقف بهدوء بل جلس داخل المغطس وأراح جسده داخل المياه الساخنة ، اراد ان يعاود تنشيط ذاكرته ، اراد ان يسترجع ذكريات باتت بعيدة المنال ، تذكر زوجته الجميلة في ليلتهما الاولي ، صهباء وذات بشرة بيضاء مميزة ، تذكرها وهي تقف امامه بقميص نومها الابيض الذي كان ان يختفي من شدة جمالها المميز
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي