الفصل الثالث

( الفصل الثالث )
___________________________
_ تسجل ملاحظاته على الدفتر الخاص بها لتعمل عليها واحدة تلو الآخرى كما يتطلب بينما عيناه تجول عليها من رأسها الى اصبع قدمها المطلى باللون البنفسجى الغامق كلون فستانها ، يتسائل الى بحر تجرفه تلك القصيرة الحمقاء ...اجل يعترف انها صغيرة حنونة بلهاء ، جميلة لكنه يمقط النساء الحمقاوات لا يستهويه ذلك النوع

اصدر اخيراً تنهيدة : تمام كدة يا اميرة خلصنا ، تقدرى تكملى شغلك
حمحمت بخجل قبل ان تسأله بقلق : صوتك تعبان ، انت كويس ؟
ابتسم داخله مستغلاً برائتها ليفرك كفيه على وجهه : جدا يا ميرا ...انتى عارفة الحمل تقل عليا الفترة اللى فاتت قبل رجوع حمزة للشركة

اقتربت قليلاً تربت بحنان على كتفه : معلش يا مستر مراد وقت و اهو عدى و ربنا يوفقك دايماً

قبض على كفيها الصغيرين يقبلهم فأرتعشت بحرج : ربنا يخليكي ليا اميرتي و ميحرمنيش من حنيتك على عليا ...بس لو مش عايزة تتعبيني اكتر خليها مراد بس

سحبت كفيها بهدوء : انا عندى شغل عن اذنك

ذهبت من امامه كفراشة تحاول الفرار من براثن صيادها بينما التوت شفتاه بأبتسامة هازئة : اعملى تقيلة يا اميرة كلها حركات فاكرة نفسك هتضحكي بيها عليا بس على مين دانا مراد علام و هجيبك يعنى هجيبك
_____________________________

_ برااافو عليكي يا هاجر ممتازة ....اردفتها نسمة زوجة نوح و هى تدرس شقيقة اميرة مادة الفيزياء

تنهدت هاجر بقلق : خايفة اوى يا ميس نسمة محصلش الكلية اللى نفسي فيها

ربتت على خصلاتها البنية بحنو : لا انا متأكدة انك هتدخلى طب زى ما حلمتى يا هاجر ...صدقيني انتى فعلا ممتازة و ذكية و مجتهدة بس بقا متنكديش على نفسك عايزة بكرة اسد في اللجنة

ضحكت بود لا تنكر فضل استاذتها : اوعدك هنفذ ده
_________________________
_ ينتظر في العيادة خارج غرفة الكشف او الادق التى تحولت الى غرفة عمليات مطمئناً انه سيتخلص هذه المرة ايضاً من الطفل لكن بالاحرى سيتخلص من اسيا معه سيحررها و يطلق سراحها ليتفرغ لجوهرته كما اسماها الا و هى ايلاف ، هو كان اغبى رجل على وجه الارض حينما تخلى عنها من اجل تلك العابثة

اعتدل ليرى صديقه متوتر فسأله : مالك يا زياد ؟

رفع عينيه بتيه : مش عارف اقولك ايه يا كاظم بس....

ضيق بين حاجبيه : بس اييييه انطق ماتت ؟

نفى بهزة من رأسه : لا بس عقبال ما قولتلهم جهزوها لقيتها هربت
قبض على معطفه الطبي : انت بتقووول ايه ، انت اتجننت يعنى ايييه هربت و الولد منزلش ؟

ابتلع ريقه بخوف : لا ملحقتش اشوفها

دفعه بعنف يتنفس بشراسة يحاول استيعاب فعلتها الحمقاء لماذا ستحتفظ بطفل هو لن يعترف به امد الدهر ...إذاً كما تريد فلتتحمل العاقبة
____________________________________
_ يراقب تفاعلها مع صغيرته مهرة ، يستمع لحركاتهم و صوت لعبهم سوياً يشعر بسعادة خفية رغم رفضه للطفلة لكنه مبتهج بوجود ايلاف كثيراً يود ضمها و اخفائها بين ضلوعه هو بات لا ينكر ذلك

براافو حبيبتي ..برافو مهرتي ........قالتها بحب بعد ان اكملت مهرة تركيب المكعبات على شكل هرمى مجسم

قبلتها الصغيرة ببراءة : ميرسي يا مامى بحبببك اوى

ابتسمت لها متسائلة : مهرة انتى ليه بتقوليلي يا مامى

احتضنتها بعاطفة دافئة : عشان انتى مامى انا ميهمنيش اسمك ايلاف او الفت بس انتى مامى

اندهشت مردفة : مامى كان اسمها ألفت ؟

كانت تلك الاثناء ذهبت مهرة في عالم الاحلام الخاص بها على كتف ايلاف فأبتسمت الاخيرة تحملها ناهضة الى فراشها الوردى الذي يشبه بالتأكيد احلامها الوديعة ثم خرجت
______________________

ارتعبت حينما وجدته يقف خارج الغرفة فشهقت : خير فيه حاجة يا دكتور حمزة

لم يعلم ان الحمق اصبح صديقه في وجودها ليقول : كنت جاى اطمن على مهرة

سعدت لكلماته فهذا يعنى انه سيحن على قلب تلك البريئة و يعوضها غضبه السابق : بجد؟!!!! تعرف مهرة هتفرح اوى لما تحس بحنانك اللى هى محرومة منه

امتعضت ملامحه بضيق : عايز اقعد في الجنينة ممكن تساعديني ؟
امسكت كفه لترشده : اه طبعاً اتفضل

تلامسه لكفها جعله يشعر بنعومته و يدقق بذلك فكيف لامرأة في عمرها الاربعيني او الخمسينى ربما ...بنعومتها تلك

اردفت بحماس : وصلنا الجنينة تحب تقعد فين ؟

ابتسم بحسرة على بصره : اى حتة مش هتفرق معايا يا ايلاف

ضحكت بقوة تخبره : اول مرة تقولى ايلاف عالطول بتناديني يا غلاف

تاه في زقزقة صوتها ذو الاوتار الرقيقة مبتلعاً ريقه ليهمس : خلينا نقعد على شيزلونج اللى قدام ال ( pool )
اجلسته ثم شعر بأقدامها يتباعد صوتها : انتى هتمشي ؟

اعتدلت له تجهر : خليك زى مانت انا هاجى تانى

تركها تفعل ما تريد على مضض فهو لا يحبها تذهب بعيداً عنه

عادت بعد قليل تحمل كوبان من الشيكولاه الساخنة المحلاه باللبن لتناوله احداهم : ايه ده ؟

ارتشفت من كوبها بتلذذ قائلة : دى شيكولاته باللبن هتحبها اوى دوقها

رفع حاجبيه برفض متحدثاً : انتى بتحبيها ؟

ضحكت بقوة تشعر بسعادة لوجود الشيكولاتة في فمها : جدا ، متقلقش دوقها بدل القهوة المرة كل شوية

ابتسم لاول مرة نصف ابتسامة ثم ارتشف قليلاً على طرف شفتيه من اجلها و لان حاسة السمع لديه عالية فكان يشعر بكل رشفة رقيقة لذيذة تلقمها شفتيها فتناول كوبه كله دون ان يدرك

اعطاها الكوب : تسلم ايدك يا ايلاف

وضعت الكوبان جانباً هاتفة : انا كدة هتغر بقا مرتين تقول اسمى يعنى

يود لو يقول لها الغرور هو من يجلس اسفل قدميكي سيدتى متوسلاً ان تتقبليه لكنه اقتضب حديثه : حقك ...ايلاف

همهمت مجيبة : همممم ...نعم

استراح بجسده على المقعد الطويل يشم رائحة المسبح مع الورود المتناثرة و الذي يطغى عليهم عطرها الهادئ : انا عايزك توصفيلي الليل بعيونك حاسس ان دى اول مرة هشوفهم و كأنى كنت اعمى عمرى كله

فعلت مثلما فعل ثم تنهدت ناظرة للسماء : حلو ...حلو اوى الليل ريحته هاديه سكون و الناس كلها بتتجمع في دفا بعضهم جوة بيوتهم بحب اما الليل هنا فيه هوا بارد لطيف ممزوج بريحة الورد و ريحقه و الريحان الصافي ، نسمة الهوا بتخبط في وشك بترد روحك و لون النجوم الصغننة اللى فوووق اوى دي ( كانت تشير بأصبعها رافعة ذراعها تجاه السماء ) بتلمع و كأنها بنت سمرا جميلة بتضحك و تنشر بهجة مع صوت المية اللى بتهزر مع تيار الجو

كانت تتحدث ثم اغمضت عيناها لتشعر بجمال اللحظة فسمعت صوته : و ايه كمان ؟

نهضت تفتح هاتفها على احد انواع الموسيقى الهادئة : حاول تحسها قبل ما تسمعها يا دكتور حمزة

هز رأسه متهكماً : ازاى بس ؟

سحبت كفه بين اناملها فنهض معها لتتعالى اصوات ضحكاتها تتراقص معه بخفة : كدة

احاط خصرها برقة كأنه يخشى كسرها بين ذراعيه ليدفع جسده بحركات راقصة يفعلها لاول مرة دون ان يرى فقط يشعر كما تحثه هى على فعل ذلك و مع انتهاء الموسيقى كانت اخر حركاتهم هى استمالة بنصف جسدها لاسفل بينما هو يعلوها شاعراً بانفاسها المتلاحقة و بصوت خفقان قلبها لا يعلم تحس به ام من حماس الرقصة فهمس بضعف امامها : ااا ايلاف اناااا....

____________________________________
__________________________

_ يضغط على جفنيه بقوة عارمة يحاول مقاومة الكابوس الذي يراوضه دائماً ، تلك الليلة و هذه الاحداث ...ذهابه ذلك اليوم ...روئيتها هكذا ..شعوره بالنفور و حبه لدمائها بين يديه كان اخر شئ يراه حمرة دمائها الدنس ثم بعدها ظلام فقط سواد مستمر قعر الغموض و التيه مجرد دوامة كاحلة انتحرت روحه في جوفها ليصبح الآن في جحيم منذ اشهر ، يكره حياته و نفسه و رجولته و صغيرته التي كانت اول اولوياته الصباحية تدليلها على قدميه بحنو ، فقد شهية الدنيا متمنياً الموت الى ان جاءت هي تقتحم كابوسه تحوله الى ازهار بين اجنحة فراشات ملونة ، نسيم ربيعي يتخلل نفسه دون ان يعلم ماهية الشعور تجاه امرأة شارفت اقدامها على الخمسين ربما فأحساسه تجاهها ليس امومى بالطبع لكن تُرى ما هو

استفاق من غفلته ليعتدل و هي بين يديه هامساً : انا ..انا تعبت عايز انام يا ايلاف ممكن توصليني فوق ؟

شعرت بالاحراج من وضعهما و تفهمت ذلك انه نفور منها بينما اجابت برقة : حاضر

_____________________________________

_ تحتضن دميتها القطنية الضخمة بسعادة بينما يلتهم فمها بعض الشيكولاه السكرية حيث تشاهد احد حلقات مسلسلها المصري المفضل على تطبيق ( اليوتيوب ) فأتاها اشعار على تطبيق ( الواتس ) ان احدهم ارسل رسالة ففتحت تقرأها لتجده حبيبها مراد

_ بتعمل ايه يا وحش

ابتسمت مجيبة

* بتفرج ع مسلسلي

_ اها ...ميرا انا محتاج اتكلم معاكي مخنوق اوي

انتفضت بقلق تكتب

* طبعاً ينفع

هاتفها صوتياً فاجابته : مالك يا مستر مراد فيك ايه ؟

اخفض صوته بمكر كاذباً : حاسس ان فيه شعور ملوش معني جوايا طول الوقت مشغول بيه ...حاسس ان روحي في مكان تاني بس معرفش فين ...تعرفي يا ميرا عمري ما حسيت بالوحدة الا دلوقتي

اسبلت اهدابها بخجل تقول : طب ليه بيحصل كدة ليك ؟

تنهد بقوة مردفاً : اميرة

همهمت متحدثة : همممم نعم

هتف بامتنان : شكراً انك استحملتيني في وقت متأخر و سمعتيني ، فعلاً حسيت بارتياح فظيع و احساس الوحدة اتطرد مني

ابتلعت ريقها بخجل : تصبح على خير يا مستر مراد

اضاف بخبث بصوت ناعس : و وو انن انتى مم من اهلي يا ميرتي

اغلق الهاتف مباشرةً مراهناً انها بين الاحلام الوردية الان ليضحك بصوت عالٍ زلزل جدران غرفته ساخراً من هذه الحمقاء و مشاعرها بينما المسكينة قفزت اعلى الفراش بشكل متكرر تصرخ : قالي و انتي من اهلي مش من اهله ده بجد ...بجد من اهله هو يعني احتمال معجب بيا طب طب ياللهوووي ده ده....

هتفت هاجر بحنق ناعس : نامي بقا يا اميرة حرام عليكي صحيتني و عندي امتحان بكرة

تكورت على نفسها في الفراش تغطي فمها بحرج و وجنتيها تلونا باللون القرمزي تردد كلمته بهمس حتى غفت على احلامها الوردية المهدومة على يد ذئب
_____________________________________

_ نسمتي حبيبي اصحي بقا يا عمري ...يحركها برفق من ذراعها

استفاقت تنظر له بحب ثم قبلت وجنته : صباح الخير يا حبيبي ..هي الساعة كام دلوقتي ؟

ربت على خصلاتها المجعدة ( كيرلي ) فهو يحبها كثيراً : انتي اتأخرتي على المدرسة يلا قومي عشان تلحقي الساعة ٨ و ربع

نهضت مسرعة الى المرحاض : يا خبر !!!! اللجنة الساعة ٩ معرفش الشغل امبارح في السنتر مع الاولاد هلكني محستش بنفسي في النوم

قبل ان تغلق باب المرحاض قالت متذكرة : هاا حنين مش سامعة صوتها

ابتسم لها بهدوء : متقلقيش صحيت و فطرتها و هلبسها دلوقتي اخدها لمامتك و انتي الحقي شغلك

ركضت تجاه بسرعة تحتضنه بعشق ثم عادت متحدثة : قلبي تسلملي

اغلقت الباب ليتنهد هو بسعادة فمن كان يصدق ان نوح يتيم الابوين يجد سعادته بين احضان امرأة عوضته العالم اكمل و جملت حياته بطفلته الصغيرة المشاكسة
_________________________

_ وضعت بعض الشطائر المحشوة بالجبن في حقيبة صغيرتها ثم هتفت بجهر : بت ياااا هااااجر خودي تعاللي

تحركت تجاه والدتها و هي تعقد خصلاتها على هيئة ذيل طويل ناعم : نعم يا ماما

اعطتها الحقيبة المجهزة ثم احتضنتها بحب : خلي بالك من نفسك يا هاجر و حلي كويس يا ماما و ركزي و كلى قبل الامتحان وو

اكملت حديث والدتها المعتاد : و بعد الامتحان و اما تخرجي متراجعيش مع حد اللي اتحل

اكملت اميرة من باب غرفتها ضاحكة : اتحل و مش راجع فمتوجعيش دماغك و خلى بالك و انتى بتعدي الشارع

رفعت والدتهما حاجبها بنزق : اتريقى ياختي منك ليها براحتكوا بكرة تبقوا امهات و تحسوا بيا شوية

ركضت الفتاتان تقبلا وجنتي امهمها بحب هاتفين : ربنا يحميكي لينا يا ست الكل

_________________________________

_ نظرت و هي تجلس على مقعد المرحاض لشريط المخصص لكشف الحمل لتجد انها تحمل صغير آخر لحبيبها و زوجها و اب طفلتها فتفجرت العبرات في مقلتيها بفرحة لا مثيل لها تتمني لو يرزقها الله بصبي هذه المرة يشبه حبيبها نوح كما رزقهما بفتاة تأخذ من ملامحها البريئة ، قبل كف يدها ثم لمست به رحمها الذي يعتنى بطفلها متمنية من الله اتمام التسع اشهر على خير ثم توجت الشريط الذي بيدها برابطة حمراء على هيئة ( فيونكة ) ووضعته في ظرف ملون صغير و كتبت عليه ( I'm here dad )
____________________________________

_ تسجل العبارات التي يأمرها ان تقوم بها مع بعض العملاء و يملي عليها تعليمات العمل اليومية كعادتهم ثم تكمل هي قراءة الملفات له حتي يعطي خطوطه العريضة بالمشروعات ، نعم يسمعها جيداً لكن هناك ثمة امراً ما يجعل صوتها متهدج هالك غير واثق ، نبرة حزينة او ما شابه لا يعلم تحديداً ود لو كان يرى في تلك اللحظة حتى يدقق النظر في ملامحها عله يفهم حقيقة الامر اما عنها تشعر يالخزي من نفسها فهي وعدت نفسها الا تخوض بأي عاطفة تجاه اي رجل و الآن تشعر بكل بساطة ان قلبها ينتفض بمجرد اقترابه منها و حروف اسمها من بين شفتيه هذا ليس عدلاً و هي لن تظل حمقاء كالسابق ، احساسها الكبير انه ابتعد فقط لانه علم تقبلها له و ارتياحها في وجوده يخجلها كثيراً

ناداها بهدوء : ايلاف

نظرت في فحميتاه العميقتان : نعم يا دكتور حمزة

لاول مرة يتجرأ بذلك و يرفع انامله الضخمة تحتوي وجهها الصغير الناعم ليلامس دمعة واحدة انتحرت عنوة عنها على احدى وجنتيها دون ان تشعر فهتف بقلق : بتعيطي ليه ...ارجوكي مش عايز اشوف دموعك دي بتنزل تاني لاي سبب من الاسباب ، فيه حاجة حصلت ؟

حركت رأسها بالنفي بين كفيه فأردف بتردد علها نفرت من حديثهما امس : ااا انا زعلتك ؟

انزلت كفيه بأصابعها الرقيقة : ابداً ، صدقني انا بخير ممكن ضغط الشغل بس

تنهد براحة يكمل : لو تعبتي خلينا ناخد بريك او ...

قاطعته بحزم : خلينا في شغلنا

تأكد حمزة انها غاضبة منه و من تصرفه الصبياني امس فلها الحق كيف تحب او تعجب برجل يضغرها بسنوات ليست بقليلة لكن نعومتها و شخصيتها المستقلة احبهما بها كثيراً فما ذنبه هو

_________________________________________

_ فرك بين عينيه بتعب عمل حقيقي سبب له ارهاق بدني كبير ثم بصر امامه وجدها تسترق النظر اليه بدفئ و حنو فأبتسم داخله بحنان لاول مرة لها دون مكر او خبث

تحدث بصوت متعب : ميرا النهاردة تعبنا اوي فأيه رأيك نكافأ نفسنا بسهرة حلوة و انتي ياستي اللي تختاري المكان

انكمش بين حاجبيها : سهرة ؟!!

تردد متحدثاً يخشى رفضها : اااا اقصد فسحة اممم خروجة طيب و لا ايه ؟

ضحكت بشدة من طريقته ليسرح في جمال برائتها : اممممم موافقة بس انا هختار بقا و متزعلش

ابتلع ريقه بخوف مصتنع : ايه هتودينا عند ابو لهب و لا ايه

ضحكت مرة اخرى على مزحته ليبادلها تلك المرة بقلب نقي ضحكة نابعة من صميم قلبه
_____________________________
_ نوح حبيبي انت خلصت شغل ...اردفتها بينما تحمل طفلتها على كتفها بعد ان اخذتها من والدتها

اجابها بتعب : لا يا نسمتي معلش يا حبيبي خودي حنين من عند طنط لانى هتأخر النهاردة جدا

ابتسمت بحب تحفزه : اخدتها يا قلبي خلى بالك من نفسك و ربنا معاك ...نوح انا هخرج مع حنين و البنوتة اللى كنت قولتلك عليها بدرسلها خصوصي

اجابها بموافقته : تمام يا نسمة بس متتأخريش برة

اوك ...هكذا اجابته ثم اغلقت هاتفها متجهة الى سيارتها التى تقبع بها هاجر في الخلف ثم قالت لها : هاجر قولتيلهم في البيت عشان ميقلقوش عليكي اننا هنقضي يوم سوا و نروح النادي

سعدت هاجر يأهتمام معلمتها الحنونة لها : ايوة قولت لاختي اميرة و استأذنت بما انه اخر يوم امتحانات ثانوية عامة وافقت

ادارت نسمة السيارة مبتسمة بسعادة تربت بيدها الاخرى على جنينها كأنها تقول له هيا لنحتفل اذاً يا طفلي
_________________________

_ قلبها ممزق لكن روحها التي انقسمت منذ زمن بسبب حزنها الاحمق اقسمت انها لن تكتئب مرة اخرى و لم تنظر خلفها ثانيةً ..لن تجعل اياً كان يطمر مزاجيتها بالالام المتكاثرة فنهضت عازمة على ارتداء سترة قرمزية قصيرة تصل الى ركبتيها بدون اكمام و فردت شعرها ثم وضعت مستحضرات التجميل الفاقعة و القاتمة معاً في مزيج اشبه بالسحر لتصبح انثى صارخة الجمال و مغرية ، اتجهت الى البهو الصغير بشقتها بينما خالتها تحضر العشاء اللذيذ ، اشعلت هاتفها على احد الاغاني الراقصة المصرية لتتمايل بخصرها اللين بكل اريحية محاولة طرد اية طاقة سلبية تؤرقها فيما بعد

استمعت خالتها لصوت رنين الباب فصرخت بها : ايلا افتحي يا بنتي ايدي مش فاضية
لكنها تغمض عيناها بأمتزاج مع الاغاني فامتعضت خالتها بحنق متجهة للباب تفتحه معللة انها قد تكون رفيقتها اميرة فهي اعتادت على ترتاد منزل ايلاف منذ ايام يتسامران معاً دون توقف

فتحت الباب و هى تسعل من رائحة الشطة بالطعام فلم تستطع رؤية القابع امام بابها و اتجهت تغسل اعينها قائلة : تعالي يا بنتي و اقفلي الباب وراكي

كاد يتحدث لكنها تركته مسرعة تحاول ازالة الالم عن مقلتيها فتحرك بعصاه الحديدية السوداء تجاه الصوت ليسمعها تغني بصوت جميل يغمره الشقاوة :

طب اسمع مني مفاجأة

كله هيخلص على فجأة

وبكرة ده كله يعدي

وأكتر من كده بكتير عدى

يا جبل مين هيهزك

ده احنا عايشين من عزك

ربي يا حبيبي يعزك

وتخليني أسعد واحدة

أنا رايقة وأنت رايق

ياللي ضحكتك بتضايق أيوه

والله بتسبب حرايق للي

كارهنا وحاسدنا

تحدث بهدوء محمحماً : ايلاف

انتفضت على صوته دون ان تعتدل عيناها جاحظة بقوة هل جنت على الاخر لتتخيله ثم تسمع صوته يناديها فصدر مرة اخرى : ايلاف انتى فين بالظبط

اعتدلت ترمقه بصدمة ثم وضعت كلتا كفيها بذعر على كتفيها مصدراً ترقعة في محاولة منها لأخفاء مفاتنها فقال بحرج : انا مش شايفك يا ايلاف متقلقيش روحي بقا غيري عشان عايز اتعشى برة ...معاكي

قالها مشدداً على كلمته الاخيرة فهو يود التحدث معها بشأن موضوع هام جداً ، هرولت الى غرفتها تحتمي بها من مشاعرها تجاهها التى تتكاثر دون توقف
___________________________

شعورها بالقلق ازداد كثيراً كلما تأخرت الساعة فهتفت في ابنتها الكبرى التى ترتدي ملابسها بسعادة : ايه البرود اللي فيكي ده ، اختك بقالها من الضهر برة و دلوقتي الساعة ٨ مفيش دم خاللص

وقفت امام والدتها تربط خصلاتها ذيل : متقلقيش يا ماما هي مع المس بتاعتها و بنتها بيتفسحوا و بتلعب في النادي سيبيها تفك عن نفسها ده كله يوم بس و هي طول السنة واكلة نفسها مذاكرة مش بتشوف بشر بعدين متخافيش هي كلمتني دلوقتي و قالتلي ساعة و هتروح يعني بخير اهي

داخلها ينتفض على صغيرتها لكنها حاولت طمأنت نفسها بكلام ابنتها علها محقة لا يجب كبتها حتى لا تظل حزينة : طيب يا شملولة و انتي راحة فين ؟

ابتلعت ريقها من سؤال والدتها فهي لاول مرة ستكذب عليها لكنها وعدت نفسها انها الاخيرة فقط يوم لا اكثر : هروح اخرج مع زمايلي ف الشغل نشم هوا

ربتت على شعرها بحنان : طيب يا بنتي خلى بالك من نفسك
قبلت والدتها بحب ثم اتجهت تهبط لاسفل الى حيث من ينتظرها بسيارته

فتحت باب السيارة لتجده يرتدي حلة رسمية : ايه ده اللبس ده مش هينفع للمكان اللي عايزة نروحه

تسائل بدهشة : هو احنا مش هنروح مطعم نتعشي ؟

امتعضت بطفولية : لا هنتعشي بس مش في مطعم احم يعنى انا ....

ضيق مقلتيه بمحاولة اخراج كلمات للفهم منها : هنروح فين يا اميرة ؟

ابتسمت له بوداعة : ملاهى ...نفسي العب اوى و ادخلها من زمان

بادلها الابتسام و حرك سيارته في الطريق محدثاً نفسه بسخرية : اخرتك يا مراد هتبقى حتة عيل مراهق بسبب حتة بت تافهة بس ماشي كله يهون لحد ما توقعى في فخى يا ميرا ههههههه

تنظر للطريق المعاكس بدهشة : ده مش طريق الملاهي يا مستر مراد

اوقف سيارته اسفل بناية فخمة قائلاً : عارف يا ميرتي بس ممكن تستنيني ٥ دقايق اغير هدومي و انزل و لا تحبي تيجي معايا عشان متزهقيش

اردفت بخجل منكمشة : لا هستنى هنا
___________________________

_ رحيق عطرها الآخاذ يستنشقه بأستمتاع تجلس امامه على المائدة الصغيرة في المطعم الذي اختاره ليتناولا طعامهما معاً ، لا يعلم من اين يبدأ حديثه و لا يعرف هل ستصدقه ام لا يخشى رفضها

قبض على كفها على المائدة : ايلاف ...عايز احكي معاكي و نفسي تسمعيني للأخر انا خلاص مش هينفع اخبي عليكي تاني و عارف اللى هقوله بمثابة صدمة محدش يصدقها و يمكن ترفضي بس عايزك تفكري في الاولو تتأني في الاختيار ، ايلاف ...مراد بعتلى ال DNA و انا عارف ان مهرة بنتى بس انا مش قادر اتقبلها ابداً و مش قادر احضنها او اقربها منى زى الاول االلى حصل و الحادثة مكنش سهل عليا لا كراجل او انسان او زوج ، يمكن صعب اقول قدام حد بس انتى بقيتى جزء منى من يومى من حياتى في فترة قصيرة اوى انا نفسي مستغربنى جداً ازاى ده حصل حتى مهرة بتشوفك مامتها و دى غريبة لان حتى جدتها مش بحس انها بتمتزج معاها زيك

شدد قبضة يده عليها بأرتجاف : انا راجل اعمى

صاحت برفض : متقولش ك...

قاطعها مكملاً : انا عارف عيوبي كويس و بقولهالك انا راجل اعمى و فرق السن كمان اللى بينا على الرغم اني مش حاسه و لا عامله اعتبار بس يمكن انتى تشوفي ان ده سبب ترفضيني ( ابتلع ريقه ) ترفضيني كزوج و راجل في حياتك

ادمعت عيناها بقوة لا تتخيلها ليرتعش كفها بين انامله لا تصدق هذه اللحظة فهى تحبه بينما يرفض قلبها الاعتراف خوفاً انها تتوهم كما فعل بها كاظم منذ سنوات فحاولت كتم احساسها لكن عليها تعزيز هذه المشاعر تجاهه

امتعض من ارتعاشها قائلاً : ايلاف انا محستش انى عايش الا لما سمعت صوتك و احساسي بأنفاسك جنبي كل يوم و لحظة و مساندتك معايا و عارف انك اكبر منى بس انا محتاجك معايا صدقيني و مش هحسسك بفرق السن خالص و مهرة كمان محتجاكى

ابتسمت بخجل فهو يظن انها امرأة مسنة فماذا حينما تخبره أنها اصغر منه احبته و اعجبت بهشاشة مشاعره و صدقها و رقتها فرغم ظنه انها خمسينية او اربعينية احبها لكن مهلاً هو لم يعترف بذلك هو فقط قال يحتاجك كزوجة و ام لطفلته حزنت كثيراً لطلبه الآن انما اقسمت داخلها انها ستكمل معه حتى يحبها من صميم قلبه و ان لم يحدث فهي كسبت رجل حنون عليها

كادت تخبره عمرها فسابق القول : انا هعمل العملية يا ايلاف ...ابتسم بإشراق ...هعملها عشان نفسي اشوفك انتى بس و تبقى اول حد عيونى تتملى بيه كل صبح في حياتى ...موافقة يا ايلافي ؟

_________________________________

_ التقطت علبة المثلجات الكبيرة من بين يداه تلتهمها بعدما ارهقا من اللعب و المزاح فهو يشعر بقلبه ينبض بتلك الطريقة العنيفة من قبل تجاه اى فتاة او امرأة ، وجهها الصغير الطفولى حينما تفرح او تبتسم او تحزن او تمتعض كل اشكالها و حركاتها تستميله يهواها هو بشدة و اليوم شعوره مختلف لا يعلم كيف اعادة اميرة الطفل المدفون بداخله منذ ان قتل في الثمانية من عمره

وضع علبة المثلجات من يده على المقعد و امسك ذقنها الصغير الباسم الذي انكمش بدهشة من حركته المفاجئة ناظراً داخل بحور عيناها الزرقاء قائلاً دون تفكير : اميرة ....بحبك
_______________________________

_ تقود سيارتها بسعادة و بجانبها كفلتها حنين النائمة بعمق من شدة لعبها و لهوها مع هاجر التى تجلس بالخلف سعيدة للغاية من هذا اليوم الجميل الذي لم تقضيه ابداً في حياتها تفكر في والدتها و شقيقتها التى اشتاقت لهما كثيراً و الآن ستعود لتنزع ثيابها و تحضر الفشار و تجلس معهما يشاهدوا فيلم عربي قديم او جديد ربما حسب ما يعرضه تلفازهم القديم الصغير ، مخططات و افكار جميلة و مذهلة و طفولية تحضرها لاجازتها الطويلة هذه تود تنفيذهم بينما الاخرى تملس على رحمها بسعادة تقود مسرعة لتصل هاجر منزلها و تعود لحبيبها حتى تراه و ترى فرحته بجنينهم القادم

لا تأتى الرياح بما تشتهي يا سادة فهناك لكل حدث حديث و الله يريد و يفعل ما يشاء حيث قاطتهم سيارة مليئة بالشباب الماجنين الذين يتجرعون الكحول يحاولون اغلاق الطريق عليهم ليناولهم كوجبة لملذاتهم القذرة

ذعرت هاجر صارخة : ايه يا ميس نسمة ده الله يكرمك سوقي بسرعة ابوس ايدك دول سكرانين وممكن يعملوا فينا حاجة


اخذت هاجر تبكي بقوة من خوفها و حنين ايضاً التى استيقظت على صوت احد الشباب : اركنى يا بت انتى ...انتوا بتوعنا الليلة

اخذوا يضحكون بقوة و مجون مما سبب خوف نسمة على الصغيرتان ثم اخذت هاتفها : رد ابوس ايدك يا نوح
( هذا الرقم مغلقاً او غير متاح )

اثناء انشغالها ما بين القيادة و الهاتف لم تعي في هذا الظلام الى السيارة الضخمة الحاملة للبضائع فصرخت هاجر : لاااااااااا خلى باااااالك لااااااااااااااا

صدمة ...ضربة ....تحطيم ....انحدار السيارة...تقلبها عدة مرات ...ألم و صرخات متتالية ....انقطاع انفاس .....دماء تتناثر من كل الجهات

خوف ...ذعر و اخر ما شعرت به هو صغيرتها المنقطع صوتها بين احضانها ، صوت اشتعال السيارة لتلمس بيدها المغطاة ببحور الدم رحمها المتألم تناجى طفلها ثم سقط ذراعها بضعف غائبة عن الوعي و قطرات الدماء تسقى الارض
____________________________
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي