الفصل، الثامن، والثلاثون
خرجوا من المطعم و استقلوا سيارته و كالعادة جلست راما بالمقعد الخلفي.. انطلق بالسيارة فسالته قائلة:
_ متي سأعود لبيتي فأنا تعبت كل يومين اتعلق بأشخاص لشهور و بهدوء اتركهم لأتعذب.. ما ذنبي انا بأمور عمل والدى و هل سأظل مستهدفة الا مالا نهاية؟!
طالعها زيد بمرآته الأمامية و قال بنبرة هادئة لطمأنتها:
_ بعدما اعترف الرجلان اللذان اعتقلناهما بغرفتك علي المدبر.. اختفي و نبحث عنه بكل مكان و حتي نجده ستظلي بخطر لذلك وجودك هنا أءمن لكِ.
طالعت الطريق و قالت بضيق:
_ بسبب انانية ابي في احتكاره لمنتجه.. ها أنا ادفع الثمن متنقلة كالغرباء من بيت لبيت.. و تأتي انت و تسألني هل انا مستعدة لترك حياة والدى.
اجابها زيد مسرعا:
_ ليست انانية و لكنها عملية.. والدك يزيد من حجم استثمارته كي يترك لكِ ما يعينك علي الحياة يا راما.
ابتسمت بسخرية و قالت و هي مازالت لا تتطلع اليه:
_ بل يزيدها من اجل ارتفاع اسهم اسمه وفقط.. من البداية و بمجرد ارتباط حياتي بشئ مادى كان عليه اختيار حياتي و فقط.
لاحظ عبوسها ومقتها فقال بتعقل:
_ في عالم المال لا تقاس الخطوات بالمشاعر يا راما.. فإن ترك والدك المناقصة لذلك المستغل كانت السلعة ستصبح طوق حول رقبة المستهلكين.
اومأت راما برأسها و قالت بفتور:
_ فتصبح رقبتي الثمن.
ضغط زيد مكابح سيارته فجاة فأصدرت صوتا عاليا.. و التفت الي المذعورة خلفه و قال بنظرات قاتمة:
_ لن يحدث لكِ اي مكروه و لو كلفني ذلك عمرى.
ثم طرق على رأسها بسبابته و قال بقوة:
_ ضعي هذا برأسك الابله يا بلهاء.. فهمتي.
اومات راما براسها و قالت بإنصياع:
_ فهمت.. ان لن اتحدث مجددا فقط اعدني لبيت خالتي احلام كما انا قطعة واحدة.
تعالت ضحكات زيد علي مزحتها و قال وهو يتفرس في ملامحها الرقيقة:
_ ضعي شيئا آخر برأسك اليابس هذا.. انتِ ملكي و لو بعد حين يا راما و ستكونين اماً لأولادى رغما عنكِ.. فهل تقبلين الزواج مني.
ذابت بعينيه التي لطالما كانت مصدر الآمان و الدفء لها و قالت:
_ اعطني فرصة للتفكير يا غنام اظن هذا حقي.
ادار السيارة مبتسما و قال براحة:
_ موافق و لكن سأراسلك طوال الوقت كي نعطي فرصة لأنفسنا بالتعرف علي طباعنا و هواياتنا ربما تعجبين بي.
ضيقت راما عينيها و قالت بعد تفكير:
_ سأسأل حازم و ان وافق سأراسلك بإذن الله.
رفع زيد طرف شفته و قال بتعجب:
_ ستسألين.. حازم.. عجبت لك يا زمن.
ثم التفت امامه و اكمل طريقه و هو يزفر بغضب.. اما راما فكانت تتابع حركاته بسعادة غريبة ارتسمت علي شفتيها بابتسامة خافتة.....
...........................................
في المساء و بعد عودة راما التي لم تتحدث معهم بأي شئ فقط شرودها كفيل بأن يتركوها و شأنها كي ترسو علي بر...
جلست الفتيات مع آية بغرفة مريم، اقتربت منها سجدة وسألتها بإبتسامة حانية :
_ كيف حالك الآن يااااا ؟! هل تشعرين ببعض التحسن ام اهاتف حازم ليحضر لكِ الطبيب مجددا؟
حاولت آية الجلوس فساعدتها مريم و وضعت وسادة خلف ظهرها.. اعتدلت بجلستها و قالت بهدوء:
_ لا لا تهاتفيه فانا لا اريد وجعا لرأسي.. لانني اشعر ببعض الراحة.
سحبت مريم كرسي مكتبها و جلست قبالتها و سألتها بفضول :
_ انتِ لستِ محجبة.. فهل أنتِ مسلمة او مسيحية؟!
هزت آية كتفيها وقالت بوهن:
_ لا اعرف.. و اي سؤال عني من قبل لن تجدون عندى اجابة له للأسف.
عقدت سجدة ذراعيها امام صدرها و قالت ببديهية :
_ مريم تطلعي بمعصمها لو كانت مسيحية ستجدين الصليب موشوما عليه كصديقتي عزة و ان لم تجديه ستكون مسلمة و انا ارجح انها مسلمة.
حملت مريم كفها و ادارته و طالعت يدها فلم يجدوا الصليب.. هزت مريم رأسها و قالت مؤكدة ما قالته سجدة :
_ معكِ حق انها مسلمة و ليست مسيحية.. ربما كنتِ كراما لا ترتدين الحجاب.
دثرتها سجدة جيدا بالغطاء كي تتدفأ وسألتها بتعجب :
_ اذا انتِ ياااا لا تتذكرين اي شئ علي الاطلاق؟!
سعلت آية قليلا ثم هدأت و قالت بضيق :
_ نعم انا لا اتذكر اي شئ مطلقا ربما يبدو ان الامر غريب و لكن هذا هو الواقع انا لا اتذكر اي شئ.
فقالت لها سجدة متأفأفة بتذمر غاضب:
_ لقد سأمت من مناداتك ب يااااا.. ما رأيك أن نختار لكِ إسما هذا سيكون افضل لكِ و لنا.
اومأت آية برأسها موافقة... فقالت لها مريم بحماس :
_ معكِ حق يا سجدة هذه فكرة رائعة.
ثم التفتت برأسها ناحية راما الجالسة تتابعهم في صمت و قالت:
_ وراما ستشاركنا بإنتقاء الاسم.
ابتسمت راما بخفوت و قالت:
_ حسنا سأختار معكم و انا من سيبدأ بطرح الاسامي لها كي تختار منهم جاهزة ياااااا.
ردت عليهم آية مستسلمة لحوارهم:
_ حسنا فلتبدأوا.
اعتدلت راما بجلستها و قالت بجدية:
_ ما رأيك ب نرمين او لميس او جنة او ريتاج.
لم تبدى آية أي تفاعل... ففكرت سجدة قليلا وقالت :
_ لم يجذبك اي اسم مما سبق.. حسنا سأقترح انا عليكِ بعض الاسماء ربما تختارى منهم واحدا.. مثلا.. رحمة او دينا او منه.. علياء.. رباب.
تابعوا حيرة آية فقالت مريم مسرعة:
_ ما رايك ب سلمي، فرح، شذى، آيات.
ضيقت آية عينيها عند اسم آيات بعدما شعرت بألفة بينها و بينه و قالت:
_ راق لي اسم آيات كثيرا.
صفقت سجدة بكفيها و قالت بسعادة :
_ اذا انتِ آيات و لن نقول يااا مجددا.
ضحكت آية و قالت بمداعبة:
_ هل انتم متأكدون أن حازم اخاكم فانا اشك بهذا الأمر؟!
تعالت ضحكاتهم لتقول راما وهي تهز رأسها بيأس:
_ ماذا بينك و بين حازم لهذا الكره المتبادل.. حازم شخص طيب و خلوق و كثير المزاح و لكن امامك ارى وجها له لا اعرفه.
ابتسمت آية بسخرية و قالت:
_ ربما هذا وجهه الحقيقي و انتم مخدوعون به.
لمست مريم جبهتها لتطمئن علي درجة حرارتها و قالت بعدما اطمأنت عليها بجدية:
_ حبيبتي آيات بما انك مسلمة فمن الأفضل لكِ إرتداء الحجاب أمام حازم و أمام اي رجل يا حبيبتي و أنا سأعلمك الصلاة كي آخذ ثوابك.
قالت سجدة مسرعة بفرحة :
_ و انا سأساعدك في حفظ بعض آيات من القرآن الكريم يا آيات.
التفتت آية برأسها ناحية راما و سألتها بمزاح:
_ و أنتِ لن تتطوعي بأي شئ للمساعدة هنا.
اشاحت راما بيدها و قالت:
_ اتركوني و شأني فأنا لست بمزاج جيد لمزاحكم هذا.
غمزت مريم لآية و قالت بمداعبة:
_ هذا اول درس لكِ بالحياة يا آيات.. اياكي و الوقوع بالحب فهذا ما ستأول اليه حالتك يا حبيبتي.
دخلت أحلام عليهم الغرفة وقالت بنبرة حازمة :
_ يا بنات الساعة اصبحت العاشرة.. وقت النوم هل نسيتم مدارسكم و كلياتكم.
وقفت سجدة و قالت لآية :
_ انا يا آيات بأهم عام دراسي بالعالم.. بالصف الثالث الثانوى و اختي مريم في كلية العلوم.
تطلعت اية براما و سألت سجدة بفضول:
_ وراما اليست هي الاخرى اختك؟!
ابتسمت سجدة و قالت بتلقائية:
_ لا راما ليست اختي من امي و أبي و لكنها أصبحت بمكانة مريم عندى و هي اكبرنا فقد انهت دراستها و تفرغت للرسم هوايتها المفضلة.
إبتسمت راما و طالعتها بحب.. تنهدت آية مطولا وقالت براحة:
_ أنتم طيبون للغاية.
نظرت لها أحلام بامومة وقالت بإبتسامة مشرقة :
_ ارتاحي يا حبيبتي فالادوية التي تتناوليها قوية و تحتاج للراحة فإن استمر حديثكم لن يتركوكي كي تنامي.
لفت سجدة كتفي احلام بذراعها و قالت:
_ لقد اختارنا لها اسم آيات يا امي من الآن فصاعدا اسمها آيات.
ضحكت أحلام بخفوت و قالت:
_ فلترتاحي قليلا يا آيات.. و انتِ يا راما ستنامين بغرفتي حتي تسترد آيات صحتها.
اومأت راما برأسها و وقفت و هي تقول بإنصياع:
_ حسنا يا خالتي فأنا اريد التحدث معكِ ربما ارتاح من هذا الثقل علي صدرى.
ثم التفتت لآية و قالت بإبتسامة هادئة:
_ تصبحين علي خير يا آيات.
_ و انتم من اهل الخير.
عاد حازم لمنزله بعدما أنهى عمله و التقي بزيد ليجد والدته كالعادة جالسة تقرأ القرأن بعد صلاة الفجر ...
إبتسم لها بهدوء وقال وهو يضع مفاتيحه علي الطاولة:
_ السلام عليكم يا أمي كيف حالك؟!
تركت المصحف من يدها و خلعت نظارتها الطبية و قالت:
_ وعليكم السلام يا حبيبى.. انا بخير حال و الحمد لله.
إقترب منها وقبل يدها وقال بخجل:
_ سامحيني يا أمي فانا كثير التنقل من مكان لمكان و اعذبك معي دائما.
ربتت احلام علي كفه و قالت بحنو:
_ المهم اننا بخير و معا يا حبيبي غير ذلك شكليات لا نهتم بها.
نظر حوله و جلس بجوارها قائلا بتوجس :
_ هل فعلت هذه الفتاة الحمقاء اي تصرف خاطئ و انا بالخارج؟!
فقالت له أحلام ضاحكة:
_ هل تقصد آيات؟ لا لم تفعل شئ فقد نامت بإنهاك من الادوية التي تناولتها.
ضيق حازم عينيه ونظر لها متعجبا وقال :
_ آيات من ؟!
فقالت له احلام ببديهية:
_ تلك الفتاة المريضة و التي اتت معك بالأمس.
إنتصب فى وقفته وقال متعجبا بتوجس:
_ هل تذكرت من هي و ما هو اسمها؟!
مصمصت أحلام شفتيها و قالت بأسى :
_ لا لم تتذكر اي شئ و لكن البنات هن من اختاروا لها هذا الإسم و سموها به.
إبتسم حازم بسخرية وقال بتثاؤب:
_ ليتهم سمموها و لا سموها كان هذا افضل للبشرية بأكملها يا امي.
طالعته احلام بلوم و قالت معاتبة:
_ لماذا تكرهها لهذا الحد يا حازم.. البنت قلبها ابيض كطفلة صغيرة و يبدو انها من عائلة محترمة و لطيفة للغاية.
قطب حازم حاجبيه وقال بتعجب :
_ لطيفة!! بمن تقصدين باللطيفة هذه البنت؟! أمي هذه اللطيفة تمتلك لسانا بإمكانها لفه كله علي جسدها من طوله و يتبقي منه.
ضحكت احلام بخفوت و اشارت له ان يخفض من صوته و سألته بترقب:
_ اخفض من صوتك يا حازم.. انت تظلمها علي اى حال و لكن قل لي هل سألت عنها بتلك المصحة التي قالت عليها؟!
طقطق عظام رقبته بألم و قال بهدوء:
_ نعم ذهبت للمصحة و سألت عنها و اكتشفت ان كل ما قالته صحيح للاسف و كادت ان تتعرض للاغتصاب او التحرش علي اقل تقدير لولا ان الممرضة اخرجتها من هناك بالوقت المناسب.
هزت احلام راسها بياس و قالت:
_ الحمد لله انها لم تمس.
حرك حازم كتفيه و سألها بضيق:
_ انتِ من طلبتِ احضارها الا هنا و بما انك عرفتِ انها لا تكذب ماذا ستفعلين بتلك المشكلة؟!
اجابته احلام ببساطة و ببديهية:
_ لن افعل اي شئ.. ستظل معنا كما هي الى حين يظهر لها احد من اهلها او معارفها وقتها نرد الامانة و نحن مرتاحون.
انتفض حازم واقفا و قال بغضب :
_ ماذا؟! و ان لم نجد لها اهلا او معارفا تظل معنا للأبد؟! انا دائما ما اثق بعقلك و رجاحته يا امي و هذا وضع لا يليق بوجودى على الاقل .
وقفت احلام هي الاخرى بتثاقل و قالت بهدوء متريث:
_ لا تقلق يا حازم ان لم يظهر لها اهل سنكون علي الاقل ساعدناها على ان تجد عملا مناسب و سكن آمن و سنتركها تعتمد علي نفسها.. و الا سنضعها بمصح نفسي من جديد و ربما تقع فريسة سهلة لأي طبيب آخر يطمع فيها و في جسدها و هي ما شاء الله جميلة للغاية.
نعم جميلة للغاية و فكرة انه ربما يطمع بها احد تضايقه لا بل تغضبه.. فزفر بحدة و قال بإستسلام :
_ حسنا يا امي كما تحبين و لكن هناك شرطا واحدا لبقاؤها هنا هو الا اراها امامي بأي وقت.. انا اترك لكم البيت طوال الوقت و لكن عند وجودى به تختفي تحت احد الأسرة كي لا أرى طيفها حتي.
كتمت احلام ضحكتها و قالت:
_ حسنا لن تراها ابدا.. و الآن هيا الا غرفتك كي تنام من المؤكد تحتاج اكبر قسط من النوم.
اومأ برأسه مؤكدا و قال:
_ نعم معكِ حق.. تصبحين علي خير يا غاليتي.
تركها و دلف لغرفته جهز منامته و ملابس نظيفه و خرج للذهاب للحمام فوقف قليلا متطلعا بباب غرفة مريم و التي تقبع خلفه تلك المجنون و سحب نفسا طويلا و زفره علي مهل و قال بشك:
_ انا علي يقين كبير انني رأيتها من قبل و لكن أين؟!
_ متي سأعود لبيتي فأنا تعبت كل يومين اتعلق بأشخاص لشهور و بهدوء اتركهم لأتعذب.. ما ذنبي انا بأمور عمل والدى و هل سأظل مستهدفة الا مالا نهاية؟!
طالعها زيد بمرآته الأمامية و قال بنبرة هادئة لطمأنتها:
_ بعدما اعترف الرجلان اللذان اعتقلناهما بغرفتك علي المدبر.. اختفي و نبحث عنه بكل مكان و حتي نجده ستظلي بخطر لذلك وجودك هنا أءمن لكِ.
طالعت الطريق و قالت بضيق:
_ بسبب انانية ابي في احتكاره لمنتجه.. ها أنا ادفع الثمن متنقلة كالغرباء من بيت لبيت.. و تأتي انت و تسألني هل انا مستعدة لترك حياة والدى.
اجابها زيد مسرعا:
_ ليست انانية و لكنها عملية.. والدك يزيد من حجم استثمارته كي يترك لكِ ما يعينك علي الحياة يا راما.
ابتسمت بسخرية و قالت و هي مازالت لا تتطلع اليه:
_ بل يزيدها من اجل ارتفاع اسهم اسمه وفقط.. من البداية و بمجرد ارتباط حياتي بشئ مادى كان عليه اختيار حياتي و فقط.
لاحظ عبوسها ومقتها فقال بتعقل:
_ في عالم المال لا تقاس الخطوات بالمشاعر يا راما.. فإن ترك والدك المناقصة لذلك المستغل كانت السلعة ستصبح طوق حول رقبة المستهلكين.
اومأت راما برأسها و قالت بفتور:
_ فتصبح رقبتي الثمن.
ضغط زيد مكابح سيارته فجاة فأصدرت صوتا عاليا.. و التفت الي المذعورة خلفه و قال بنظرات قاتمة:
_ لن يحدث لكِ اي مكروه و لو كلفني ذلك عمرى.
ثم طرق على رأسها بسبابته و قال بقوة:
_ ضعي هذا برأسك الابله يا بلهاء.. فهمتي.
اومات راما براسها و قالت بإنصياع:
_ فهمت.. ان لن اتحدث مجددا فقط اعدني لبيت خالتي احلام كما انا قطعة واحدة.
تعالت ضحكات زيد علي مزحتها و قال وهو يتفرس في ملامحها الرقيقة:
_ ضعي شيئا آخر برأسك اليابس هذا.. انتِ ملكي و لو بعد حين يا راما و ستكونين اماً لأولادى رغما عنكِ.. فهل تقبلين الزواج مني.
ذابت بعينيه التي لطالما كانت مصدر الآمان و الدفء لها و قالت:
_ اعطني فرصة للتفكير يا غنام اظن هذا حقي.
ادار السيارة مبتسما و قال براحة:
_ موافق و لكن سأراسلك طوال الوقت كي نعطي فرصة لأنفسنا بالتعرف علي طباعنا و هواياتنا ربما تعجبين بي.
ضيقت راما عينيها و قالت بعد تفكير:
_ سأسأل حازم و ان وافق سأراسلك بإذن الله.
رفع زيد طرف شفته و قال بتعجب:
_ ستسألين.. حازم.. عجبت لك يا زمن.
ثم التفت امامه و اكمل طريقه و هو يزفر بغضب.. اما راما فكانت تتابع حركاته بسعادة غريبة ارتسمت علي شفتيها بابتسامة خافتة.....
...........................................
في المساء و بعد عودة راما التي لم تتحدث معهم بأي شئ فقط شرودها كفيل بأن يتركوها و شأنها كي ترسو علي بر...
جلست الفتيات مع آية بغرفة مريم، اقتربت منها سجدة وسألتها بإبتسامة حانية :
_ كيف حالك الآن يااااا ؟! هل تشعرين ببعض التحسن ام اهاتف حازم ليحضر لكِ الطبيب مجددا؟
حاولت آية الجلوس فساعدتها مريم و وضعت وسادة خلف ظهرها.. اعتدلت بجلستها و قالت بهدوء:
_ لا لا تهاتفيه فانا لا اريد وجعا لرأسي.. لانني اشعر ببعض الراحة.
سحبت مريم كرسي مكتبها و جلست قبالتها و سألتها بفضول :
_ انتِ لستِ محجبة.. فهل أنتِ مسلمة او مسيحية؟!
هزت آية كتفيها وقالت بوهن:
_ لا اعرف.. و اي سؤال عني من قبل لن تجدون عندى اجابة له للأسف.
عقدت سجدة ذراعيها امام صدرها و قالت ببديهية :
_ مريم تطلعي بمعصمها لو كانت مسيحية ستجدين الصليب موشوما عليه كصديقتي عزة و ان لم تجديه ستكون مسلمة و انا ارجح انها مسلمة.
حملت مريم كفها و ادارته و طالعت يدها فلم يجدوا الصليب.. هزت مريم رأسها و قالت مؤكدة ما قالته سجدة :
_ معكِ حق انها مسلمة و ليست مسيحية.. ربما كنتِ كراما لا ترتدين الحجاب.
دثرتها سجدة جيدا بالغطاء كي تتدفأ وسألتها بتعجب :
_ اذا انتِ ياااا لا تتذكرين اي شئ علي الاطلاق؟!
سعلت آية قليلا ثم هدأت و قالت بضيق :
_ نعم انا لا اتذكر اي شئ مطلقا ربما يبدو ان الامر غريب و لكن هذا هو الواقع انا لا اتذكر اي شئ.
فقالت لها سجدة متأفأفة بتذمر غاضب:
_ لقد سأمت من مناداتك ب يااااا.. ما رأيك أن نختار لكِ إسما هذا سيكون افضل لكِ و لنا.
اومأت آية برأسها موافقة... فقالت لها مريم بحماس :
_ معكِ حق يا سجدة هذه فكرة رائعة.
ثم التفتت برأسها ناحية راما الجالسة تتابعهم في صمت و قالت:
_ وراما ستشاركنا بإنتقاء الاسم.
ابتسمت راما بخفوت و قالت:
_ حسنا سأختار معكم و انا من سيبدأ بطرح الاسامي لها كي تختار منهم جاهزة ياااااا.
ردت عليهم آية مستسلمة لحوارهم:
_ حسنا فلتبدأوا.
اعتدلت راما بجلستها و قالت بجدية:
_ ما رأيك ب نرمين او لميس او جنة او ريتاج.
لم تبدى آية أي تفاعل... ففكرت سجدة قليلا وقالت :
_ لم يجذبك اي اسم مما سبق.. حسنا سأقترح انا عليكِ بعض الاسماء ربما تختارى منهم واحدا.. مثلا.. رحمة او دينا او منه.. علياء.. رباب.
تابعوا حيرة آية فقالت مريم مسرعة:
_ ما رايك ب سلمي، فرح، شذى، آيات.
ضيقت آية عينيها عند اسم آيات بعدما شعرت بألفة بينها و بينه و قالت:
_ راق لي اسم آيات كثيرا.
صفقت سجدة بكفيها و قالت بسعادة :
_ اذا انتِ آيات و لن نقول يااا مجددا.
ضحكت آية و قالت بمداعبة:
_ هل انتم متأكدون أن حازم اخاكم فانا اشك بهذا الأمر؟!
تعالت ضحكاتهم لتقول راما وهي تهز رأسها بيأس:
_ ماذا بينك و بين حازم لهذا الكره المتبادل.. حازم شخص طيب و خلوق و كثير المزاح و لكن امامك ارى وجها له لا اعرفه.
ابتسمت آية بسخرية و قالت:
_ ربما هذا وجهه الحقيقي و انتم مخدوعون به.
لمست مريم جبهتها لتطمئن علي درجة حرارتها و قالت بعدما اطمأنت عليها بجدية:
_ حبيبتي آيات بما انك مسلمة فمن الأفضل لكِ إرتداء الحجاب أمام حازم و أمام اي رجل يا حبيبتي و أنا سأعلمك الصلاة كي آخذ ثوابك.
قالت سجدة مسرعة بفرحة :
_ و انا سأساعدك في حفظ بعض آيات من القرآن الكريم يا آيات.
التفتت آية برأسها ناحية راما و سألتها بمزاح:
_ و أنتِ لن تتطوعي بأي شئ للمساعدة هنا.
اشاحت راما بيدها و قالت:
_ اتركوني و شأني فأنا لست بمزاج جيد لمزاحكم هذا.
غمزت مريم لآية و قالت بمداعبة:
_ هذا اول درس لكِ بالحياة يا آيات.. اياكي و الوقوع بالحب فهذا ما ستأول اليه حالتك يا حبيبتي.
دخلت أحلام عليهم الغرفة وقالت بنبرة حازمة :
_ يا بنات الساعة اصبحت العاشرة.. وقت النوم هل نسيتم مدارسكم و كلياتكم.
وقفت سجدة و قالت لآية :
_ انا يا آيات بأهم عام دراسي بالعالم.. بالصف الثالث الثانوى و اختي مريم في كلية العلوم.
تطلعت اية براما و سألت سجدة بفضول:
_ وراما اليست هي الاخرى اختك؟!
ابتسمت سجدة و قالت بتلقائية:
_ لا راما ليست اختي من امي و أبي و لكنها أصبحت بمكانة مريم عندى و هي اكبرنا فقد انهت دراستها و تفرغت للرسم هوايتها المفضلة.
إبتسمت راما و طالعتها بحب.. تنهدت آية مطولا وقالت براحة:
_ أنتم طيبون للغاية.
نظرت لها أحلام بامومة وقالت بإبتسامة مشرقة :
_ ارتاحي يا حبيبتي فالادوية التي تتناوليها قوية و تحتاج للراحة فإن استمر حديثكم لن يتركوكي كي تنامي.
لفت سجدة كتفي احلام بذراعها و قالت:
_ لقد اختارنا لها اسم آيات يا امي من الآن فصاعدا اسمها آيات.
ضحكت أحلام بخفوت و قالت:
_ فلترتاحي قليلا يا آيات.. و انتِ يا راما ستنامين بغرفتي حتي تسترد آيات صحتها.
اومأت راما برأسها و وقفت و هي تقول بإنصياع:
_ حسنا يا خالتي فأنا اريد التحدث معكِ ربما ارتاح من هذا الثقل علي صدرى.
ثم التفتت لآية و قالت بإبتسامة هادئة:
_ تصبحين علي خير يا آيات.
_ و انتم من اهل الخير.
عاد حازم لمنزله بعدما أنهى عمله و التقي بزيد ليجد والدته كالعادة جالسة تقرأ القرأن بعد صلاة الفجر ...
إبتسم لها بهدوء وقال وهو يضع مفاتيحه علي الطاولة:
_ السلام عليكم يا أمي كيف حالك؟!
تركت المصحف من يدها و خلعت نظارتها الطبية و قالت:
_ وعليكم السلام يا حبيبى.. انا بخير حال و الحمد لله.
إقترب منها وقبل يدها وقال بخجل:
_ سامحيني يا أمي فانا كثير التنقل من مكان لمكان و اعذبك معي دائما.
ربتت احلام علي كفه و قالت بحنو:
_ المهم اننا بخير و معا يا حبيبي غير ذلك شكليات لا نهتم بها.
نظر حوله و جلس بجوارها قائلا بتوجس :
_ هل فعلت هذه الفتاة الحمقاء اي تصرف خاطئ و انا بالخارج؟!
فقالت له أحلام ضاحكة:
_ هل تقصد آيات؟ لا لم تفعل شئ فقد نامت بإنهاك من الادوية التي تناولتها.
ضيق حازم عينيه ونظر لها متعجبا وقال :
_ آيات من ؟!
فقالت له احلام ببديهية:
_ تلك الفتاة المريضة و التي اتت معك بالأمس.
إنتصب فى وقفته وقال متعجبا بتوجس:
_ هل تذكرت من هي و ما هو اسمها؟!
مصمصت أحلام شفتيها و قالت بأسى :
_ لا لم تتذكر اي شئ و لكن البنات هن من اختاروا لها هذا الإسم و سموها به.
إبتسم حازم بسخرية وقال بتثاؤب:
_ ليتهم سمموها و لا سموها كان هذا افضل للبشرية بأكملها يا امي.
طالعته احلام بلوم و قالت معاتبة:
_ لماذا تكرهها لهذا الحد يا حازم.. البنت قلبها ابيض كطفلة صغيرة و يبدو انها من عائلة محترمة و لطيفة للغاية.
قطب حازم حاجبيه وقال بتعجب :
_ لطيفة!! بمن تقصدين باللطيفة هذه البنت؟! أمي هذه اللطيفة تمتلك لسانا بإمكانها لفه كله علي جسدها من طوله و يتبقي منه.
ضحكت احلام بخفوت و اشارت له ان يخفض من صوته و سألته بترقب:
_ اخفض من صوتك يا حازم.. انت تظلمها علي اى حال و لكن قل لي هل سألت عنها بتلك المصحة التي قالت عليها؟!
طقطق عظام رقبته بألم و قال بهدوء:
_ نعم ذهبت للمصحة و سألت عنها و اكتشفت ان كل ما قالته صحيح للاسف و كادت ان تتعرض للاغتصاب او التحرش علي اقل تقدير لولا ان الممرضة اخرجتها من هناك بالوقت المناسب.
هزت احلام راسها بياس و قالت:
_ الحمد لله انها لم تمس.
حرك حازم كتفيه و سألها بضيق:
_ انتِ من طلبتِ احضارها الا هنا و بما انك عرفتِ انها لا تكذب ماذا ستفعلين بتلك المشكلة؟!
اجابته احلام ببساطة و ببديهية:
_ لن افعل اي شئ.. ستظل معنا كما هي الى حين يظهر لها احد من اهلها او معارفها وقتها نرد الامانة و نحن مرتاحون.
انتفض حازم واقفا و قال بغضب :
_ ماذا؟! و ان لم نجد لها اهلا او معارفا تظل معنا للأبد؟! انا دائما ما اثق بعقلك و رجاحته يا امي و هذا وضع لا يليق بوجودى على الاقل .
وقفت احلام هي الاخرى بتثاقل و قالت بهدوء متريث:
_ لا تقلق يا حازم ان لم يظهر لها اهل سنكون علي الاقل ساعدناها على ان تجد عملا مناسب و سكن آمن و سنتركها تعتمد علي نفسها.. و الا سنضعها بمصح نفسي من جديد و ربما تقع فريسة سهلة لأي طبيب آخر يطمع فيها و في جسدها و هي ما شاء الله جميلة للغاية.
نعم جميلة للغاية و فكرة انه ربما يطمع بها احد تضايقه لا بل تغضبه.. فزفر بحدة و قال بإستسلام :
_ حسنا يا امي كما تحبين و لكن هناك شرطا واحدا لبقاؤها هنا هو الا اراها امامي بأي وقت.. انا اترك لكم البيت طوال الوقت و لكن عند وجودى به تختفي تحت احد الأسرة كي لا أرى طيفها حتي.
كتمت احلام ضحكتها و قالت:
_ حسنا لن تراها ابدا.. و الآن هيا الا غرفتك كي تنام من المؤكد تحتاج اكبر قسط من النوم.
اومأ برأسه مؤكدا و قال:
_ نعم معكِ حق.. تصبحين علي خير يا غاليتي.
تركها و دلف لغرفته جهز منامته و ملابس نظيفه و خرج للذهاب للحمام فوقف قليلا متطلعا بباب غرفة مريم و التي تقبع خلفه تلك المجنون و سحب نفسا طويلا و زفره علي مهل و قال بشك:
_ انا علي يقين كبير انني رأيتها من قبل و لكن أين؟!