الفصل 39

قبض قبضته بقوة وارتفع إحدى حاجبية بمكر قائلا :
-حسنا .. سأعلم كل شيء من أوجيني
ثم وقف بعيداً عنها مما شعرت لويز بالخوف على ابنها توماس ثم جلست على إحدى المقاعد تفرك في يديها ، بعد نصف ساعة خرج الدكتور لينظر جان إليه بلهفة وتساءل عن حالة زوجته ، ليخبره بكل أسف أنها فقدت الجنين ، فتنهد والدها بحزن فيما وضعت لويز يدها على فاها تبكي ..

دخل جان الغرفة و وقف بجوارها ينظر إليها بأسف ، وحزن كثيراً على فقد الجنين الذي طالما حلمت به ثم مسح على جبينها بحنان ، ثم انحنى ليقبلها على جبينها بلطف ثم خرج ليجلس في الخارج ، فيما سحب اثنان من الممرضات الفراش وادخلوها إلى غرفة ثانية ، وجلست لويز جوارها لوقت ليس قليل واستيقظت أوجين تتأوه بصوت منخفض فنظرت لويز إليها بلهفة ثم نهضت تقبلها على رأسها وجبينها ، ثم قالت :
-عزيزتي أنتِ بخير
تساءلت بوهن :
-وطفلي يا أمي ؟!
مسحت على شعرها بحنان وقالت مبتسمه :
-سيعوضك يا ابنتي .. لا تقلقي
شهقت من البكاء متمته بالحسبان على شقيقها توماس ، فقالت لويز خوفا على ابنها :
-لا تخبري أحد بما حدث .. لقد أخبرتهم أنكِ سقطتي من أعلى. الدرج
حدقت بها في دهشة ثم تحدثت بعصبية :
-لقد قتل طفلي
قالت محاولة تهدئتها :
-أوعد ألا يقترب منك ثانية .. ولكن لا تخبري أحد .. من المحتمل أن يقتلوه أو يقضي عمره في السجن
تلاشت النظر إليها وهي تومئ برأسها موافقة فقبلتها على جبينها لتشعر أوجين بالاشمئزاز ، ثم خرجت لتخبر جان أنها بخير ، فدخل الغرفة وبمجرد أن رأته مدت يدها إليه تبكي ، فأمسك بيدها وجلس أمامها على حافة الفراش وقبلها على جبينها بلطف ثم نظر إليها وقال :

-كل ما يحدث لنا خير .. اطمئني

***
بعد مرور عدة أيام عاد جوزيف إلى الشركة وأخذ يقلب في صورة جين على الحاسوب الشخصي ، حتى دخل أرنو المكتب و وقف أمام المكتب متسائلا بتردد :
-أأأ .. جوزيف .. هل ستضع صورة جين على غلاف المجلة ؟
أغلق شاشة الحاسوب وتنهد بعمق ثم قال :
-نعم .. لقد وعدتها بوضع صورتها على المجلة دائما .. حتى لو لم تكن معي
تنهد وهو يومئ برأسه ، ودخلت المساعدة لتخبر جوزيف أن فتاة ما تود مقابلته فأذن لها بالدخول ، فخرجت فيما جلس أرنو على المقعد المجاور للمكتب فيما دخلت ساره بابتسامة واسعة مشرقة ، و وقفت تصافح أرنو ثم مدت يدها إلى جوزيف ليصافحها ثم تحدثت بشغف :
-أنا ساره أعمل في مجال التصوير منذ ثلاثة سنوات .. وجئت لأقدم الملف خاصتي
نظر نحو أرنو متعجبا ثم عاد بالنظر إليها قائلا :
-ولكن نحن لم نطلب موظفين
اختفت ابتسامتها فجأة وشعرت بالحزن ، ولكن قال أرنو على الفور :
-جوزيف ستكون بدلا من بيير .. لنجربها
-نعم هذا صحيح ..
ثم مد يده يطالب بالملف لتعطي له ساره على الفور وقام بفحصه سريعا ، ثم شاهد الصور التي قامت بتصويرها ثم نظر إليها قائلاً :
-حسنا ساره .. ستعملين لمدة شهر فقط كتجربة وإذا أنجزت عملك سيكون لكِ عقد عمل هنا
صفقت بمرح متمته بالشكر فتبسم جوزيف ، وعندما دخلت تالة اختفت ابتسامته فجأة ، تنحنح أرنو وخرج ثم استأذنت ساره لتغادر ، و وقفت تالة تنظر إليه بحزن ثم قالت :
-أسفه يا جوزيف .. لم أقصد ما حدث بينك وبين جين
-تالة أرجوك ركزي في شغلك فقط
حركت رأسها بالنفي تقول بنبرة بكاء :
-لن اركز في شيء طالما أنت غاضباً مني
ليقول بسأم :
-ليت غاضباً منك .. كنتي ثملة
ضغطت على شفتيها ثم قالت بابتسامة خفيفة :
-لا تحزن يا جوزيف .. هي من خسرتك .. وأنا معك
نهض من مكانه بكل هدوء ثم تحدث بحده :
-تالة .. لا تحاولي أن تقتربي مني .. أنا أحب جين حتى لو لم تكن معي .. جين هي من جعلت قلبي يعشق
ثم جلس مكانه وفتح الحاسوب ينظر إلى صورتها الذي وضعها خلفية ، فضربت الأرض بغيظ ثم خرجت مغلقة الباب خلفها ، فيما مسح جوزيف على صورتها وقال بجدية :

-اشتقت إليك يا صغيرتي

***
في الفترة الأخيرة كانت جين تحمل مسؤولية كل شيء بعد فقدانها لوالدها لتثبت له وللجميع أنها تستطيع أن تفعل كل شيء ، ودرست عن طريق النت وأيضا عادت إلى صديقتها المقربة وأخبرتها أنها لم تحب بيير أبدا ، بالرغم من مساعدة بيير لها في هذه الفترة وساندها كثيرا ولكن لم تفكر سوى في جوزيف والذي اشتاقت له أيضا ..

تابعت جين شغل والدها بأكمله وذهبت إلى المزرعة مع صديقتها جوليا لتتابع كل شيء بنفسها ، وكان بيير هناك لتقابله جوليا بكل هدوء ولم يعد يفرق معها ، بعد أن اطمأنت على كل شيء همت بالمغادرة ، واستقلت السيارة ثم فتحت قلادة معلقة على مرآة السيارة لتلقي نظرة على صورة جوزيف ثم قبلتها ثم أغلقت القلادة وغادرت ..

في منتصف الطريق كانت سيارة تتابعها وبدأت تقترب منها فشعرت جين بالخوف وهدأت سرعة السيارة قليلاً ، ليلحق بها قائد السيارة و وقف أمام سيارتها فضغطت على المحابك متشبثة في محرك السيارة بقوة حتى وقفت ، وأخذ صدرها يعلوا ويهبط برهبه شديدة ، وتفاجأت بصاحب السيارة وهو فيليب ، اتسعت عيناها بصدمة وهو يقترب منها ثم فتح الباب وقبض على شعرها من الخلف لتتأوه ثم وضع منديل على أنفها لتغشي عليها ..

ثم حملها على ذراعه و وضعها داخل سيارته ثم جلس أمام المقود ليذهب سريعاً حتى وصل إلى مكان بعيد عن المناطق السكنية ، يشبه جزيرة ممتلئة بالأشجار ، ثم أخرجها من السيارة و وضعها على الأرض برفق ، ثم أخرج من حقيبة السيارة مرآة عريضة قليلا وطويلة كعرض حقيبة السيارة ، ثم علقها على إحدى فروع الشجرة ثم عاد إلى السيارة وتناول متفجرات وضعها أسفل الشجرة ، ثم جلس على الأرض مستند بظهره إلى شجره يدخن سيجارة وينظر إلى غروب الشمس ، وسيجارة تليها سيجارة حتى غربت الشمس تماماً وحل الليل ، فنظر إلى جين الذي تحركت متأوه ثم استندت على الأرض براحتي يدها تنظر حولها معقدة حاجبيها ، ثم رفعت يدها اليسار تدعك عيناها ثم نظرت حولها مجدداً لتشعر بالخوف والرهبة ، فيما أطفأ فيليب سيجارته ثم نهض من مكانه وقبض على شعرها لينهضها فصرخت جين متأوه ، ثم أوقفها أمام المرآة يحيط عنقها بذراعه ثم تساءل :
-ترين نفسك جيدا
اتسعت عيناها وعي تومئ برأسها على أنها لم ترى شيئا ، فالظلام الدامس جعلها لا ترى فأخرج هاتفه من جيب سرواله وأضاء المصباح لينير على وجهها ، فأغمضت عيناها ثم فتحتهما ببطء حتى تعودت على الضوء ، وقال فيليب بعصبية :
-تبلغين كيفين عني ليسجنني .. ويسرق وصفة عطر جوزيف مني .. حسبتي انني لم أخرج يا حمقاء
قالت وهي تحاول تحرير جسدها من يده :
-لقد فعلت ذلك لحمايتي .. والأن اتركني فأنا وجوزيف انفصالانا و بسببك
ضغط عنقها بذراعه لتتألم وتكف عن محاولة تحريرها من قيده ، وقال من بين أسنانه :
-لا بل بسبب حماقتك .. كيفين من ارسل الصور إلى زوجك وليس أنا ..
ثم نظر إليها في المرآة بجنون قائلا :
-والأن ودعي ذاك الوجه لأنك لم تري مجددا .. لأنكِ ستموتين هنا وحدك .. وإذا لم تموتي من الانفجار سيتغير وجهك ولن تري مجددا .. هيا يا صغيرة ودعي وجهك
أغمضت عيناها بقوة وصدرها يعلوا ويهبط برهبه شديدة تترجى أن يتركها وقد امتلئ وجهها بالبكاء ، فضحك ضحكة شيطانية ثم دون تردد ضرب وجهها في المرآة بقوة عدة مرات لتصرخ متأوه بفضل ألم حاد أخترق جسدها فجأة مع قشعريرة قوية ، ودمائها ملئت المرآة ولم يتوقف قط ، بل ظل يضرب أكثر ثم ضغط على رأسها من الخلف بقوة ويحركها يمينا ويساراً ثم تركها تسقط أرضاً تصرخ من الألم ، ثم ضغط على زر خاص بالمتفجرات لتبدأ بالعد ، ثم تركها وذهب بسيارته ، أخذت جين ترتعش بقوة وتصدر صوت من فاها يدل على مدى ألمها ، كأن جسدها سقط في بحر من الزجاج ليشعرها أن الموت أقترب منها ..
أخذت تسحف على الأرض وشفاها المجروحتين ترتعش بقوة ، ثم توقفت عن السحف عندما تذكرت أن الحقيبة لا زالت ترتديها ، فرفعتها من فوق عنقها ثم فتحتها وأدخلت يدها تبحث عن الهاتف حتى وجدته ، وحاولت فتحه بصعوبة بفضل الدماء الذي هبطت على عيناها ولم تعد ترى بوضوح وتمكنت من جلب رقم بيير واتصلت عليه ، ليجيب عليها بقلق متسائلا :
-جين .. أين أنتِ ؟!
قالت بشفتين ترتعشين :
-لا .. لا أعلم
***
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي