سر الختمة الحلقة الثانية

أخذ عزيز يدخن السيجار بشراهة أكثر و الذكريات تمر أمام عينيه كشريط سينمائي



(حظيرة ماشية)
محمود سر الختمة رجل في الثلاثينات من العمر متوسط القامة قوي البنية وذات شوارب طويلة.. تتدلي للأسفل وثلاث رجال ملثمين يرتدون الجلاليب حاملين البنادق ينزلون من على خيولهم .. يقتحم محمود ورجلين زريبة المواشي ويسحبون ما بها من جاموس وبقر وخيل .. ، و في الخارج زميلهم الرابع يأمنهم ويشير لهم أن يسرعوا..
................................

إعتدل عزيز في جلسته... ضارباً مؤخرة السيجار بظفر إصبع إبهامه... مسقطا طفأ السيجار في مطفأة السجائر. لتأخذه الذكريات الليلية إلى ..

(منزل شيخ الخفر "طوسون" )

منزل صعيدي فخم على الطراز الشعبي وبه عمدان وله باحة ، يجلس فيها شيخ الخفر على قعدة عربي مرتديا جلباب فوقه عباءة، وقبعة طويلة بنية اللون..، وبجانبه إثنان من الخفر يحملون السلاح ...
كان طوسون رجل في أواخر الثلاثينات قصير القامة يمتاز بالمكر، والميوعة في الكلام ... محمود منصور يدخل وخلفه الثلاث رجال الذين سرقوا معه الحظيرة .. كان طوسون سعيد برؤيتهم ومتهللا .. أخذ محمود منصور أكياس النقود من أيدي رجاله ، وتابع إلقائها في حجر طوسون الذي تبسم إبتسامة لاهثة، وأخذ يداعب شفتيه السفلي بلسانه... بينما محمود منصور ينظر له بحقد ..
رفع طوسون عينه لمحمود وأحنى له رأسه في تحية ، ومحمود يغير ملامحه بإبتسامة مصطنعة
......................................
نفخ عزيز باشا دخان سيجاره ليشكل له ذكري نهارية لشارع بجانب أرض زراعية ظهر فيها محمود منصور يباغت أحد الرجال من الخلف ويذبحه بسكين كبير، ثم يجره ناحية أرض مزروعة بأشجار الرمان
.. كانت جثة الرجل تجر بأيدي محمود الختم على التراب محدثة غبار ... نُزع على أثرها أحد حذائي الرجل أثناء الجر ( تدعي بلسان أهلنا القدماء بُلغة )
قام محمود الختم بتفتيش جيوب جلباب القتيل ، ثم أخرج من الصديري حافظة كبيرة بها كثير من العملات الورقية والفضية.
..... ...... ...... ....... ........ ...............


أخذ عزيز باشا أباظة يسعل دون توقف بعد تصوير خياله لذكرى مشهد قتل محمود منصور الختم للرجل المسكين..
ثم أخذ منديل وبصق فيه ..وسرعان ما عاد يتابع بخياله ذكريات قرية دُرُنكة...

دخل محمود منصور على طوسون الجالس في حقله مفترشا الأرض بجانب ساقية ... وأخذ يدخن الجوزة البلدي النحاسية ، ويُخدم عليه أحد خفره ..أشار طوسون لمحمود أن يجلس وأعطاه الجوزة ، ثم قام يخرج قطعة كبيرة من الحشيش ويقضمها ...، ويضع قطعة منها لمحمود على الجوزة ويربت على كتفه مبتسماً ، ثم أشار له أن يشرب ..

أخذ محمود يدخن الجوزة بينما كان ينظر له طوسون في إنتظار ...

كان محمود ينظر لنار الجوزة ثم يتبع ذلك بلفظ الدخان وهو يخرج حافظة النقود من داخل جلبابه معطياً إياها لشيخ الخفر وهو مستمر في النظر لنار الجوزة متعمداً تجاهله ، في حين أخرج طوسون ما بالحافظة من مال ملهوفاً عليه ككلب جائع .
....................................

عزيز يضغط على ذر الجرس الذي أمامه على المكتب ، يدخل العسكري الضخم مؤديا التحية وبصوته الجهوري ..
_أفَندم يا عزيز باشا.

_ هاتلي كوباية ميه .... ساقعة ... تلج .. أوام ... بسرعة .

_تمام يافَندم .

يعظم العسكري للباشا عزيز ..، ويخرج مسرعا ... يسترسل عزيز سرحانة مع ذكريات قرية درنكة .
..........................................


(منزل عائلة سر الختمة)
يدخل محمود منصور ليجد والده يجلس على مصطبة( سلم كان عادة ما يصنع من الحجر ، أو الأسمنت ، أو الطين المخلوط بالقش مخصص للجلوس والأكل وشرب الشيشة )..

وهناك كانت فضة تضع جلباب غير مكوي يخص إبنها محمد فوق الفرن..، وتضع فوق الجلباب مرتبة صغيرة مترهلة يخرج منها القطن وتقوم بتنسيقها على الجلباب.

محمود منصور:
_سالخير.

تجاهل منصور الرد

محمد :
_مسالنور يابا.

فضة :
_تسلم يا خويا من كل شر .. عِندك تحت الدكة كوز السمن ..، سيبهولك من عشية.

كان الشيخ منصور يسبح على يديه وقد خلع عمامته ناظرا في إتجاه أخر متجاهلا محمود .. ولا يبدو عليه أي رد فعل..
خلع محمود عمامته..، وذهب ناحية زير ماء بجانبه قطعة خشبيه عليها أكواب نحاس ،وبعض الأطباق ، ووابور جاز وطبق نحاسي ضخم (طشت) يستخدم في غسيل الملابس ..
تناول محمود الختم صفيحة السمنة البلدي ..، وأخذ يشرب منها كالتائه الملهوف في صحراء جرداء الذي وجد بئراً للماء.. بينما كان السمن يتساقط على فمه ..، وشواربه ، فأخذ يمسحها بأحد أكمام جلبابه.

فضة لمحمد:
_هِم يا أبو العيون الزُرج عشان تنام وتصحي بكير .. تلبس چلابيتك مفرودة ومهَندمة .
"محمد هز كتفه لا يريد أن ينام ثم بغضب نظر في أعين فضة":

_لاه ماليش كيف أنام دلوكيت.

الشيخ منصور (بهدوء):
_نام يا محِمد يا ولدي.

هنا هدئ محمد ..، وأومئ برأسه بالموافقة وجري بسرعة يقفز فوق الفرن البلدي بكل طاقته.. واضعا يده اليمني تحت خده لينام ... بينما توجه محمود نحو أبيه منصور ليتحدث معه مستعطفاً إياه.


محمود(بخضوع):
_ ما بترُدش عليا ليه يا بوي .

يحاول تقبيل يد منصور فينزعها ، ثم يقف منتصبا ومشيح بوجه عن محمود

الشيخ منصور(بغضب) :
_إوعاك تلمسني طول مانته على غيك..، وأوعي تتعامل معاي بأسلوبك المتلون الملعون..، وتاكلني في دوكة.. چرايمك كلها شايفها ، وشاممها من جبل ما تچيني .

نظر له محمود ( بثقة وإصرار):
_ والله يا بوي كان بجالي يومين عِند أبو السع...

قاطعة الشيخ منصور بسرعة بينما فضة تترقب .

منصور (بتهديد ولوم):
_ إوعاك يا واطي تچيب سيرة المولى على لسانك المنافج ... لسانك إللي بينجط كذب كيف سم الحية.

كان محمد يراقب الحديث وهو متأثر بكلام جده جداً ... بينما قام محمود ليخرج ويجلس أمام باب منزلهم في وضع القرفصاء، ثم أخرج كيس دخان وورق بفره(ورق لف سجائر) وقام بلف سيجارة .. كانت أمامه الأراضي الزراعية مظلمة كما كان حال روحه ..وصوت الضفادع الذي كان يملأ المكان كان أشبه بتسبيح ،واستغفار كان ينكره محمود داخله ..
خرجت عليه زوجته فضة بالطعام وبراد الشاي تحمله على صينية نحاس تضعها بجانبه وأخذت تداعب رأسه لتخفف عنه ...
كانت فضة رغم قوتها وبئسها أنثي ضعيفة فقط أمام محمود ، كانت لا تحب أن تفعل شيئا إلا أن تحنو فقط عليه وتمده بطاقتها ، وقوتها في هيئة مشاعر ودلال (عجيب أمرها تلك الفضة!!!)

آتاهم صوت الشيخ منصور يرعد ويبرق :

_وكلية يا فضة ... إتزود يا محموُد يا حبيب أبوك ..، وخلص على الحليبة والرايبة ، مهي چنتك يا ولدي على الأرض وبس.

سرح محمود الختم في كلام أبيه وأرجع رأسه للخلف واضعاً إياها على الحائط الذي يستند عليه .... أخذ نفس من السيجارة وزفره بهدوء ...

كان كلام منصور بالنسبة لمحمود ليس إلا أصوات سماوية مرعبة خالية و لا يتبعها من المطر شيئا ..

كان محمود يسمعها بأُذنه ، لكن لو سمعها يوما بقلبه لوجدها غيث من الله ورحمه...


أخذت فضة تنظر له وهي تسمع كلمات منصور ، وتقضم بأسنانها على شفتها السفلى في مضض تضامنا مع حالة حبيبها .
........................

أسند عزيز باشا رأسه على الكرسي ، وأخذ ينفخ بهدوء دخان السيجار وهو يتخيل الحالة التي كانت عليها عائلة الشيخ منصور سر الختمة في تلك الليلة المزعجة ليحضره منظر لبيوت القرية المتواضعة المصنوعة من الطين أثناء الليل + داخل منزل الشيخ منصور



كان منصور في صالة المنزل جالساً القرفصاء على المصطبة... فاتحا المصحف على ضوء لمبة جاز يرتل القرآن في صمت.. يحرك رأسه في صوفية .. ، والطفل محمد فاتحا عيناه وهو مضجع فوق الفرن مراقبا منصور .
هناك في الغرفة المجاورة كان محمود منصور غارقا في نومه . مرتديا كلسون ، وسديري فقط فاتحاً فمه مُصدراً صوت الغطيط ( الشخير ) وبجواره فضة نائمة.


الشيخ منصور (بصوت عذب):

_ وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبة جهنم ولبئس المهاد.

هنا أخذ الطفل محمد يحاول أن يفتح عينيه التي كانت تُغلق رغُما عنه كأنه باب جرار ثقيل لا يستطيع صاحبه إغلاقه إلى أن غلبه النعاس تماماً... ليغرق الطفل في نوم عميق !


............................

أخذ عزيز أباظة يفرك عينيه لا يريد أن ينام ...، يخشي من منامه فزعة كابوس، أو جاثوم يطبق فوقة فيضيق عليه صدره .... فالتفكير في الذكريات بإرادته أفضل كثيرا من صور ومواقف مرعبة ممكن أن يصورها له عقلة الباطن الذي بات مشوشا جراء تلك القضية !

فذهب بالذكريات مرة أخرى إلي قرية درنكة .. إلي خارج وداخل منزل سر الختمة .

أمام المنزل عربه كارو بدون حمار موضوع عليها حطب( أوراق وأفرع نبات الذرة الصلبة وبعض أوراق كرنب قديمة صفراء وقش ) وبجانبها نقلة خرط طمي(عبارة عن طين مجرف صلب ومتكتل يستخدم كفرش وبطانة في حظائر المواشي) ، وكان هناك حماراً يقف مربوط في شجرة توت يأكل بعض أوراقها بجانب المنزل ... كان الحمار مربوط في الشباك الحديدي الخارجي لشباك المنزل الخشبي ..

كان إبراشي كبير خفر طوسون يركب فرسا حاملاً على كتفه البندقية ..يقف خارج المنزل ينادي على محمود سر الختمة..

الخفير إبراشي:
_ يا .. سر الختمة ....محمود يا.. سر الختمة .

داخل المنزل محمود عليه أثار النوم حافي الأقدام يمشي في باحة المنزل وهو يهرش في بطنة بكلتا يديه من تحت الصديري رافعا الصديري بعض الشيء يفتح عينيه بصعوبة ، ثم يفتح الباب والضوء يسبب له الضيق .
يهرش بيد واحدة فقط ثم يتوقف عن الهرش يخرج يده من تحت الصديري وهو يتحدث للخفير (مستفسرا في ضيق وآثار النوم لم تفارقه):
_خبر إيه؟
_الشيخ طوسون عاوزك في التو.

محمود منصور (بقرف وهو يشير برأسه ويغلق عيناه):
_جوله چاي أهاه.

_متعوجش زي عوايدك يا سر الختمة.

محمود (بضيق شديد يميل لبداية غضب):
_ ما ترطمش كَتير يابراشي ..وخلي يومك يفوت ، هلبس خلجاتي وهحُصُلك.

الإبراشي(في فخر) وإبتسامة لامبالاة يستدير بفرسه ..ويرحل ، ثم يغلق محمود الباب .
............................................


(دوار طوسون)
جلس طوسون ، وإبنه الصغير ذات الخمس عشر عام (نسيم) وحوله رجاله مدججين بالسلاح ...وهم العصابة التي يعمل معها محمود ومعهم إبراشي وخفير أخر يدخل محمود منصور عليهم

محمود منصور:
_ إصباح الخير يا شيخ.

(طوسون ينظر بطرف عين وبإبتسامة يداعب بها محمود قائلا "بميوعة" ):
_خبر إيه يا حودا نموسيتك كحلي ولأيه ..... الشاي التَجيل يابراشي بسرعة لسر الختمة عشان يوزن راسه .... تعالي أُجعُد يا محموُد چاري.

إبراشي في حزم :
_أوامرك يا شيخ.

إبراشي يذهب مسرغعا ليحضر الشاي ومحمود يجلس بجانب طوسون.

طوسون (بمحلسة ومكر وكهانة ):

_الليلة يا سر الختمة عوزين زيارة لصوامع الخواچة بولص الإنچليزي منتا عارفه ... تصدج بالله المفتري داهون افترى على الناس الغلابة ..تعرف الواطي بيلم الغلة برخص التراب من الفلاحين ، ويبعها بسعر الدهب الظالم... عاوزينك توجف المهزلة دي في أسرع وجت .. ها إيه جولك يا واد عمي .

أخذ محمود يداعب شواربه .. وبنبرة تحدي
‏ قال :

_بجولك إيه يا شيخ طوسون الرچالة معدش عچبهم المعلوم دا مستجلينه .. إكسر عينهم يا شيخ.

(يغمز محمود بعينه أثناء ما ينهي جملة الأخيرة مستحضرا نفس اسلوب طوسون لكن دون ميوعة).

طوسون(بكهانه ومكر):
_مين جال إكده؟ ورحمه مَرتي الغالية إن إخواتي وحبايبي عمرهم ما يطلع منهم إكده أبدا.

أصبح جميع الرجال مشدودين لحديث طوسون ومحمود... دخل إبراشي ليضع الشاي أمامهم .. طوسون وقد أدار رأسه ناحية الرجال وقد ضغط السبحة كلها داخل كفه ثم أخذ يقذفها ويمسكها بخفة ثم استرسل قائلاً في عنف :

_حد يارچالة طلب فلوس وأنا جولت لاه ؟ ولا أني عمري إتأخرت عليكم في أيتها حاچة ؟

أصاب الصمت العصابة ..كان بعضهم مبهوت ..، وأخرين منهم بدى عليهم التذمر.

أكمل طوسون حديثة (وهو ينظر في عين محمود) :

_ إستعيذ بالله يابن الناس من الشيطان الرچيم متخلوهشي يوجع بينا، وبين إخواتنا ، وينسيهم فضلي عليهم وعليك إنت التاني .. دا لولا حماية العبد الفجير لله كان زمانكم مشرفين فمنأباد من زمن فات .. جوم جوم يا محموُد خد إخواتي معاك ..، وهاتولي الغلة من الخواچة إبن الظالمة دهون.

( كان طوسون يضع يده على صدره) مرة تلو الأخرى وهو يتحدث عن نفسه أمام العصابة في تباهي غريب .

رد محمود (مستفسراً):
_يعني داه أخر حديتك يا طوسون.

طوسون في ميوعة ومعاتبة يغمز بعينه ويرجع ظهره للوراء :

_ طوسون حاف يا محموُد !! ، وماله ياخوي مجبولة منيك .... وبَرديك مفهش عِندي حديت غيرو يا حودا.

(أخذ طوسون "يهز رأسه" وهو يقول مفهش عِندي حديت غيرو).

قام محمود واقفاً ، وبنبرة هادئة وصوت أجش قوي:

_تمام ....تمام جوي يا شيخ .

أشار محمود للرجال فتبعوه .. وأشار طوسون خلسة لإبراشي ليتبع محمود بينما كانت نظرات الغل في عين طوسون وإبنه نسيم الذي كان يُتابع الحديث مثل الجرو الصغير الماكر.
..........................................

إنطلق عزيز باشا بسيارته نحو الأراضي الزراعية البعيدة .... عله يجد في تغيير جو المكتب ما يبعد ذكريات القضية القديمة عن رأسه ... نزل من سيارته ... أشعل السيجار الكوبي الضخم الذي يفضل ، وأخذ يستمتع بمنظر السماء والسحب...، وجدها لوحه فنية ترسم كل يوم بشكل جديد بيد الخالق عز وجل ... أخذ عزيز باشا يتابع أسراب الحمام التي تغدو ، وتروح أعلى الأبراج ، ثم تهبط لتلتقِط حبات القمح فعادت به مخيلته إلى (شونة الخواجة بولس الإنجليزي) في قرية دُرُنكة..

لافتة أعلى باب الشونة مكتوب عليها بالإنجليزية و بالعربية في الاسفل
Paul's grain stroe

شونة غلال بولس

"وشونة أجران القمح هي أرض فضاء بها سور وباب بداخلهم (الصوامع) وهي عبارة عن غرف من الحجر أو الطين تخزن بها الغلال ، والحبوب.. وبها بعض الغرف الإدارية وما تحويه من الدفاتر والخزنة ."

كان محمود ورجاله ملثمين يأمنون المكان، و يتابعون المراقبة على إثنين من خفر الصوامع الجالسين في ظلام دامس إلا من ضوء النار التي أوقدوها ليصنعوا بعضا من أكواب الشاي.. فليل الخفرة لا يمضي بسهولة دون احتساء الشاي ... ومزاولة لحكايات زمان ، وأهل زمان "ونس" لا يستطيع أي غفير الإستغناء عنه ...

‏دخل محمود سر الختمة على أحدهم وكشف عن وجهه وهو ذاهب ...

محمود :سلام عليكم يارچالة ألاجيش ولعة للسُچارة .

أحد الغفر:
_من عنيا يا بوي.

أخذ الخفير الثاني يصب الشاي بينما كان يخرج الغفير الأول لمحمود الكبريت ويشعل له السيجارة .. ينير وجه محمود فيشير إبراشي للرجال الملثمين معه أن يستعدوا للهجوم .

_ إبراشي ومعه رجل ملثم يدخلون على الغفير الذي يصب الشاي ،والرجل الملثم يقيد الغفير وإبراشي يجز رأسه بالسكين ... بينما الغفير الأخر ينتبه لما يحدث .... يُباغته محمود الختم بطعنه مطواة في عينه .. يصرخ الرجل ويسدد له محمود بعدها عده طعنات فيرديه قتيلا .....

يدخل رجال محمود بعربات كارو ويضعون شكائر القمح على العربات...

محمود يتسلل ومعه رجلين إلي طريق طويل داخل الشونة ينتهي إلي غرفة الخزينة .. يلمحهم أحد الغفر التابعين لطوسون وابراشي..، فيُلفت الخفير إنتباه إبراشي إليهم .

داخل غرفة في أخر طريق الصوامع بها لمبة جاز مشتعلة صوب محمود بندقيته نحو يد الخزينة... ، وأطلق عليها طلقة ففُتحت وأخذ ما بها من أموال و وضعها في جيوبه ... ثم خرج ، بينما قام مساعديه الإثنان بإلقاء زجاجات المولوتوف بعد إشعالها بالثقاب على غرفة الخزينة المسروقة ....
أخذ الحريق يمتد لتشتعل الشونة شيئا فشيء ...

خرجت العربات الكارو محملة بالقمح والرجال .... والنيران تلتهم الشونة بأكملها...

قفزة زمنية

بعد عدة ساعات وقد إنفجر ضوء الفجر في سماء القرية ... كان أهل درنكة مجتمعين والخواجة بولس أمام الشونة يبكي بحرقة وبجانبه طوسون ، والغفر بالمشاعل قد كونوا دائرة كردون حول الشونة ، كان طوسون يُظهر الحزن ويحاول أن يُهدئ من روع الخواجة المنهار.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي