رواية قطار العمر

Rihamahmed`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-03-31ضع على الرف
  • 20.3K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل25

انقلب كل شيء ضد عزت الذي ظن أنه لم يحب شهد ولم يهتم بها. الآن بعد أن سقط وأنهار. اكتشف أنه يحب شهد فعلاً ولم تكن مجرد نزوة عابرة في حياته وفتاة لم يكن لها أي تأثير خاصةً بعد أصرار والدة مروان علي الانفصال وتركه .
قرر اللعب علي الورقة الرابحة وهي شهد التي يمكن أقناعها بعد الانفصال عنه فهو يعرفها من البداية ويعرف كيف أقناعها تعود له؟ لا يمكنه كيف يكون بمفرده ؟ لا يحتمل أن يرفضه الجميع من أصعب الشعور عند الرجال أقناع نفسه بانه منبوذ وحيد مشرد خاصةً كان نرجسي مثل عزت.
رفض عزت أقناع نفسه بأنه غير مرحب به ومشرد بين امرأتان. بعد أن كانت معه امرأتان الآن من جديد يكون بمفرده ولا أحد معه. لا يمكنه الاقتناع بهذا الشعور خاصةً بسبب نرجسيته الزائدة عن الحد. من الصعب أن يقنع بذلك ويستسلم لهذا الشعور.
مضي الكثير من الوقت حتي عادت شهد معهم من القاهرة. جاء عزت يريد رؤيتها وجلس مع عائلته وأخبرت الجميع أمامه أنها ترفض الاستمرار معه في هذا الزواج حتي لو مضي وقت قليل علي هذا رغم رفض الجميع من حولها لهذا الشعور والقرار الأ أنها لم تعبأ بهم وأصرت علي الانفصال .
جاهد معها عزت جهاد شديد في أقناعها بالبقاء معه عوضاً عن البقاء بمفرده. لم يتغير موقفها منه. هو بالنسبة لها غادر وخائن دمر كل ما بينهم بسبب أكاذيبه عليها وأنها تعبت معه لا يمكنها الاستمرار في هذه العلاقة وتمثيل دور الحب مثلما كان يفعل هو.
يتكلف ويتصنع الاهتمام هو ليس لديه قلبه كل مخاوفه سبب هاجس واحد ألا يقضي شيخوخته بمفرده . ظن بهذه الطريقة يمكنه أن ينعم بزوجة جميلة صغيرة في السن لا تتركه لأنها تحب وأهمل أنه لابد أن يكون هو من يحبها أولاً قيل أن تحبه هي.
ظن أنه يمكن أن يكون هناك بديل للحب وهو الزواج حتي يبقي الحب للأبد ببقاء الزواج. لم يذهب بذهنه أنه يمكن أن تكتشفه شهد وترفض هذه الحياة بكل ما فيها مهما قدم لها. الحياة شديدة القسوة والجرح أو ربما القاطنين لهذه الحياة هم الأشد قسوة منها بكثير.
جروح شهد غائرة وشديدة التقيح والألم. رجل نرجسي مثل عزت لن يشعر ويفهم ما تمر به شهد من حالة داخلية أثرت عليها وحالة نفسية سيئة للغاية. بعد أن اجتمعت عائلة شهد وقررت الانفصال عنه. لم يبقي أمام عزت أي خيارات غير الانفصال من كلا المرأتان بعد كل ما حدث.
وقفت شهد تفكر بأنه ستذهب تأخذ كل ما لها من ملابس وأشياء أخرى. اتفقت مع أحمد أن يذهب لهناك وبالفعل ذهبت لهناك تجمع أشيائها ومعها أحمد الذي انتظرها بالأسفل حتي تأتي لأنها سوف تأخذ وقت في جمع الأشياء الخاصة بها.
صعدت بالمصعد لهناك تدير المفتاح في الباب ودلفت بخطوات راسخة للداخل واجتذبت حقيبتها وفتحتها لتضع بها كل ما يخصها. وفجئت بأنها ليست بمفردها هناك وعزت بالشقة جمد الدم في عروقها حين رأته لم يمهلها أن تخرج هاتفها وتهاتف أحمد فحاول الاقتراب منها.
رفضت ذلك دفعته بعيداً عنها اعتبر ذلك أهانه لها ولكبريائه كرجل نرجسي. فأمسك بيدها ودفعها علي الفراش بكل قوة فصرخت فلم يعبأ بها نهضت تحاول الهروب منه بسرعة فلم تستطيع. اجتذبها من يدها بسرعة وزجها علي الفراش مرة أخرى. عاودت الصراخ وهم بين كل هذا كان أحمد يدق علي هاتفها وجاء مروان يطمئن علي أبيه. كانت هي وقتها تمكنت من الحركة وفتح باب الشقة. أخذت تصرخ بقوة فاجتذبها من الحجاب وخصلات شعرها فكان أخيها أحمد صاعد لها ومروان لأبيه.
أمام صرخاتها وعنف يده التي امتدت عليها وتركت أثارها علي وجهها من صفعات قوية جداً، وجروح في يديها من أثار يده عليها حين أمسك بها، خرج الجميع من الجيران وأغلبهم من أبناء الطبقات الراقية جداً. الكل يصيح ويتعجب من يفعله بها خاصةً بعد رؤيتهم للدماء التي تنهمر منها بشدة.
الجميع يتحدث: عيب يا دكتور هذا لا يصح .
لم يعبأ بأحد مما هم حوله حتي رأي أبنه مروان وأحمد الذي اشتبك معه بالأيدي وأخذ شهد وذهب بها لأقرب مشفي وعمل تقرير طبي بحالتها. وذهب لقسم الشرطة ليحرر فيه محضراً بالاعتداء بالضرب علي زوجته بهذا الشكل وبالفعل وصلت للقسم بعد أن كسرت ريدها وعلقت برقبتها وكذلك الشاش حول رأسها وعيناها تورمت وأنفها التي نزفت الكثير من الدماء.
فتح الضابط محضراً: س ما سبب تواجدك في هذا المكان؟
شهد:ج ذهبت لأجل أن أجلب الكثير من الأشياء الخاصة بي هناك.
الضابط: س أي أشياء هذه؟
شهد: ج الأشياء الخاصة بي كالذهب والملابس وغيرها من الأشياء الخاصة بها.
الضابط : س ما دليل ما حدث انه هو ؟
شهد : ج الجيران وأحمد وابنه مروان .
خرجت شهد ودخل أخيها أحمد.
الضابط: س ما رأيك فيما حدث هل كنت متواجد معها في أثناء حدوث ذلك؟
أحمد : ج كنت متواجد لكن لم أكن معها بالشقة هي صعدت وأنا انتظرتها بالأسفل لنها تأخرت صعدت لها وجدت عزت يضربها وشكلها بهذه الهيئة والدماء تعلو ملامحها.
الضابط: س لماذا تركتها تصعد بمفردها ؟
أحمد : ج أعلم أنها ستأخذ وقتاً طويل ..فالنساء يأخذن أوقات في كل شيء.
خرج أحمد وتم استدعاء مروان وبعض الجيران وعزت وبالفعل جاء الجميع. دلف عزت للتحقيق معه.
الضابط: س ما رأيك في التهم المنسوبة إليكَ؟
عزت: ج لا أعرف عنها شيء. هم يدعون علي الباطل لأنني أرفض الطلاق.
الضابط: س لكن كل الشهود شهدوا ضدكَ.
عزت : ج يكذبون لا شأن لي بها من الأساس فلتذهب تبحث عن من فعل بها هكذا. بل سأرفع عليها قضية بالادعاء الباطل علي ولو ثبت خيانتها وأن عشيقها فعل ذلك بها حتي لا أكتشف أنا ذلك سوف ارفع عليها قضية رد اعتبار.
جاء مروان للتحقيق وشهد بكل ما راءه ودلل ذلك علي أن والده علي درجة عالية من التعب النفسي عوضاً أن يلوث سمعة فتاة بريئة بالكذب. شهد كل الجيران معها لا النسائية بعد ما فعله والدها. القصة الثانية كانت قصة شهد أخبرتهم بكل ما حدث بكل دقة وشفافية. تعاطفت الكثيرات معها خاصةً الذين تعرضوا لهذا النوع من العنف.
لم تصدق مريم كل ما قالته شهد وتشاجرت معها أمام الجميع ،ولكن حين جلست تفكر لم تترك أمر ألا وفكرت به فوجدت شهد صادقة في كل ما قالته وحين جاء مروان لزيارتها أكد لها كل حديث شهد ومدي صدقها. بل أخبر أخته أنه حينما طلبت الانفصال اتهمها وطعن في شرفها وأهلها أقسموا ألا يتركوه بعد أن تنتهي هذه القضية خاصةً بعد افتراءه عليها بالباطل.
لم تعرف تتعاطف مع شهد أم تتعاطف مع والدته فهي الأخرى ضحية لوالدها. الأدهى أن لا أحد يصدق أن الأستاذ الجامعي عزت يخرج منه كل هذا. بعد سلاسل الحب التي كان يرتلها علي مسامعها ليل نهار يتحول إلي هذا الشكل. نرجسية عزت كادت تتلف كل ما بناه في حياته لم يعد أحد يستطيع التعامل معه بعد كل ما قاله وفعله. لم يعد قابل لئن يسمع وينصت ألا لصوته هو فقط.
من الصعب التعامل مع أحد من فصيل عزت النرجسي لأنه بلغ أقصي درجات الغرور. فلا صوت يعلو فوق صوته مهما كان عالياً ومدوياً فهو لا يسمع ألا صوته. لم يعد المكان الذي نقيم فيه مشفي نفسي بل كان أقرب لاستراحة نفسية نستريح فيها من كل ما نتعرض له لضغوط الحياة وهو تابع لأحد الجمعيات النسائية.
اجتمعن حول مائدة الطعام نتناول الطعام في مزاح وضحك بعيداً عن كل ما يدور حولهن من رجال هم السبب في كل ما يحيط بهم من أحزان وشقاء وتعاسة لم تصل يوماً أحدنا بذهنا أن يكون هذا الرجل ذاته هو من يأخذها لكل هذا الجحيم والحزن الذي نعاني لم نكن نعلم أنهم سبب ذهابنا لمحكمة الأسرة وقضايا الخلع والنفقة والحضانة.


الفصل ٢٦.
توالت الأيام ونحن نحاول إخفاء الأمر علي الجميع. فلم يعلم أحد انها داخل مصحة نسائية بالقاهرة. بعيداً عن الصعيد بكل من فيه وخوفاً إن يعترض عزت طريقها من جديد خاصةً بعد تحول الصراع لقضية بالمحكمة والجميع ينتظر الحكم.
صمدت شهد لتحاول تجاوز هذه المحنة التي كانت نتيجة سؤ اختيارتها. وحاولت إن لاتسقط فريسة وصيد سمين لعزت. تحول الأمر معها من مجرد قصة حب إلي قصة خلاص وانتقام من هذا الحب. هل هذا هو عزت الذي تحبه وأحبته؟ كانت تحاول إن تستقر في حياتها. منذ دخول عزت فيها وقد نزع الاستقرار منها تماماً. لم يكن هناك توافق بينه وبين الاستقرار الذي لم يدوم طويلاً في حياتهما. لم يكن علي علاقة بفتاة عابرة ولم تكن نزة بل كانت زواج وأبناء في مقتبل العمر.
اقتربت منها مريم تتحدث إليها وتستفسر منها عن كل ما حدث أخبرتها بأن كل ما في جسدها من أصابات وجروح بسبب والدها وهمجيته ولم يكتفي بذلك فقط. بل طعن في شرفها وقال ما لا يصح قوله أبداً حفاظاً حتي علي ما كان يوماً بينهما.
تأثرت مريم بها وجاءت والدتها تطمئن عليها وتقص قصتها التي لم تكن مجهولة بالنسبة لشهد التي عاشت كل مافيها من الم وقهر مر عليها يمزق روحها.
لم تكن تعرف شهد من أي طريق تبدأ رحلتها مع الحياة التي كانت في أشدّ الحاجة إلي إن تقف وتعود لحياتها وتتجاوز كل ما مرت به والأهم إن تقف وبعدها كل شيء يكون قابل للحل. رغم اشتداد ما يمر بها إلا انها على يقين تام أنها سوف تمضي هذه الفترة القاسية من حياتها ولن تنسي وتسامح وتغفر لكل من وقف ضدها وحاربها وخاصةً عزت الذي لم يراعي أي مما كان بينهما.
من العسير عليها تجاوز ذلك، ولكن ليس مستحيل تجاوزه خاصةً بعد تعرقل كل طرق الصلح بينهما. لم تعد هناك جسور تصلح لئن تمتد بينهما وتحافظ علي ما كان أو علي أقل تقدير تبقيه علي قيد الحياة.
نرجسية عزت وغروره أفسدت عليه كل الطرق فلم يعد هناك طريق واحد يمكن إن يصل به لنتيجة تذكر مع أي من أطراف هذه الأزمة. تدهورت امور عمله وتم تحويله للتحقيق بسبب الاعتداء علي أحد تلاميذه الذين اختلفوا معه بالضرب المبرح وتحول الأمر حتي كبر وتطور ووصل لعميد الجامعة. واصبحت قضية أخرى عليه.
لن ينفذ عزت من كل هذه القضايا بسهولة مهما كانت علاقاته متشعبة ومع رجال مهمين. كان يمكن حل الأمر أن لم يصل للقضاء، ولكن ما إن وصل لهناك فقد سبق السيف العزل.
مر كل ما حدث في حياة شهد أمام عيناها كشريط فيلم سينمائي. رأت فيه خطر وخطورة اختيارها الذي أتلف مستقبلها وبتر زهرة شبابها من جذورها فلا هي تستطيع الموت ولا تذبل بأكملها فجذورها مازالت تنبض بالحياة.

لا تعرف كيف تخرج من هذا المعترك الوعر الذي دلفت له بمحض أرادة لقلبها وعقلها. قبل إن تتزوج عزت رسمت بداخلها سنوات وسنوات من الحب والسعادة واختارت أسماء صغارها وحلمت ببيت دافيء يجمعهما وكأنها اختارت إن تعيش في الجنة وليس في الجحيم.
تحولت الأحلام لكابوس مضجر لها يورق ليالها. فلا نوم يريحها فتري في النوم كل ما مرت به من صدمات نفسية شديدة مع عزت. وفي اليقظة تتذكر ذكريات الحب البائد والحطام وذكرياته‍ا المتهدمة كالأطلال. لم تنسي من كل ما مضي حرف أو كلمة قالها عزت لتستقظ على حقيقة كذبه المفجعة.
كل ما كان بينهما من ذكريات كان كذب. شعوره كذب، وحديثه كذب، وصمته كذب، وعوده كذب، وعهوده كذب، وحتي اللحظات التي قضتها معه كذب في كذب. طفت أكاذيبه علي سطح حياتها فلم يعد هناك بريق صدق واحد ما أكد داخلها كل هذا ما فعله معها من اعتداء وحشي عليها.
حاولت إن تتناسي كل ما حدث معها لم تستطيع. جاء وقت جلست العلاج وجلسوا متحلقين حول المرأة التي جاء عليها الدور في إن تروحي قصتها. كانت هذه المرأة تدعي سامية. امرأة جميلة انيقة في عقدها الرابع تضع فيونكة علي رأسها في قالب صغير تجمع به خصلات شعرها في مكان واحد من رأسها وترتدي بدلة سوداء وأسفلها بلوزة مزركشة بألوان متعددة وغطاء حول جيدها ملتف جيداً يظهر مدي نقاء جسدها.
جسدها رشيق ممتلي بض يظهر مدي انوثتها الفائقة فهي تستحق كل حرف في كلمة امرأة.
ملامح وجهها بريئة هادئة علي درجة من الثقافة والرقي والمستوي العلمي والخلقي. بدأت تقص ما حدث معها وهي تدعي سامية سليم صاحبة سلسلة محلات ثياب غالية ورثتها عن أبيها تزوجت وهي في الجامعة أحد من أبناء رجال الأعمال. فالمال يجذب المال بأي شكل تزوجت من شاب يدعي حسام لم يكن يحبها هي في الحقيقة كان يحب اموالها التي ترثها خاصةً انها وحيدة والديها.
فكل تلك الأموال حتماً ستقع في يدها وتكون هي المتحكمة فيها تماماً. بدأنا حياتنا كأي ثنائي مصري في رفاهية ورغد من العيش بحكم انتماء للطبقة تمتلك من الثراء ما يجعلها لا تذوق الفقر يوماً. تزوجني حسام طمعاً في أملاك أبي الذي توفي في حادث طريق بعد؟ زواجنا بقليل بعدها بدأ حسام يفرض سطوته وتحكمه وأخذ المال والسفر والاستمتاع. لم اكن أراه لفترات طويلة ومتباعدة خاصةً بعد كل ما امتلكه من مال وقتها كنت أحمل في داخلي منه طفل وهو منغمس في ملذاته ولهوه مبتعد عن الحياة ولا فيها من مسئوليّة.
لم يظهر ذلك منه من قبل وجاء وقت الوضع وضعت طفلي الأول خالد. وقد كنت علي فراش الموت ولم اجده بجواري وهاتفه كان مغلق دائماً. ولا يمكنني الوصول إليه. تباعدنا كلما اقتربت شبراً ابتعد ذراعاً. فلم يشغلني سوي الاهتمان بخالد واتصال جاء فجأة من البنك يفيد بأن المحلات قد نفذ كل ما لها من مال في البنك. فقد كان والدي يصنع لها حساب مفتوح ننفق به عليها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي