الفصل 41
الفصل الواحد والأربعون
"اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك"
مرت أيام الاختباراترعلى خير ما يرام، كانت مرهقة
كثيرا لشدة صعوبتها، لكن الله كان مع المجتهد، وحان موعد ذهابهم لمدينة الأقصر الجميلة، وكان
الجميع يستعد للذهاب، كمان كان الجميع يخطط
لأمر به سعادة للجميع،
كانت الفتيات انتهت من الاختبار الأخير وفي طريقهم للخروج من الجامعة، ليدور الحوار بينهم في محاولة مستميتة لإقناع "جنى" في الذهاب معهم لتقضية العطلة عند جديها بالأقصر،
تتحدث هنا بمحاولة لإقناعها: يا جنى بالله عليكي هتتبسطي هناك والله، وبعدين حد طايل يزور الأقصر ويقول لأ، وبعدين مظنش مامتك هترفض يعني
تنظر رؤى لها بشفقة يسودها التعجب لما تعانيه هذه الفترة، فمنذ قدوم معتز لها وحديثه معها وهي تدرك التيه التي تشعر بها; حتى وإن لم تصرح به، واكتفت بما أخبرتهم إياه لكنها تدرك أن هنالك أمرا يؤرقها ولا تريد إخبارهم به، لتتحدث قائلة،
رؤى: جنى يا حبيبتي إنتِ باين عليكِ إنك مرهقة ومشتتة، خصوصا بعد موضوع هند، تعالي معانا غيري جو، وافصلي عن اللي حواليكي ياستي وليكي عليا اجي بنفسي اقنع طنط شمس لو ده يريحك
تنتفض سريعا بنبرة خائفة،
جنى: لأ... لأ متكلمهاش غنا هقول لها وهي مش هتعترض، أنا بس.. محرجة أجي معاكم.. يعني انتوا هتكونوا في وسط أهلكم، وأنا غريبة... بس كدة
نظرا لبعضهما البعض بتعجب شديد من ردة فعلها تلك، لماذا ارتبكت إلى هذه الدرجة عندما ذكرت رؤى أمر حديثها مع والدتها، ليحاولا بهدوء نفض هذا الأمر عن رأسهم مراعاة لمعاناتها مع والدتها،
هنا: خلاص يا جنى ملميها واحنا بإذن الله هنتحرك من هنا بكرة الساعة 10 كدة، جهزي نفسك بقى واحنا هنفوت عليكي
تجيبها بارتباك لم يختفي بعد: مفيش داعي... أنا هاجي لكم على هناك
رؤى: مالك يا جنى هتيجي لنا ازاي يا بنتي! مااحنا لازم هنفوت عليكي عشان انتي في الطريق، يعني بدل مترجعي احنا هنجيلك واحنا كدة كدة ماشيين!
تنظر لهما باستسلام،
جنى: خلاص ماشي هجهز واستناكم
لتكتفي بحديثها، ليتجها نحو البوابة في طريقهم للمغادرة، فكانت سيارة والد هنا بانتظارهم بالخارج، واستقلت جنى سيارتها وغادرت; لكن داخلها كانت نواقيس الحرب تضرب بكل قوة، لا تعلم ما يجب عليها فعله، قلق انتباها بعد استماعها لحديث والدتها الذي جعل الشك يتفاقم داخلها، وأصبحت تعلم أن والدتها كانت تعلم مسبقا عائلة رؤى، أو هنالك سر تخفيه عنها، وتأكد شكها عندما استمعت لمهاتفتها لوالد نادر ليلة أمس.....
" كانت قد أنهت مذاكرتها النهائية ومانت في طريقها لإعداد مشروب دافئ، لكنها توقفت بصدمة أمام الباب الخاص بوالدتها، صدمة ألجمتها عندما سمعت والدتها تتحدث بصوت عال نسبيا; اعتقادا منها أنها تجلس بغرفتها ولن تستمع لحديثها،
شمس: في إيه يا إسلام انت مش قادر على ابنك ولا إيه، كدة كلنا هنروح في داهية لو الماضي اتكشف
.................
شمس: بقلك إيه الكلام ده معرفوش، لازم نادر يتجوز جني، وإلا انا وانت هنشرف في السجن، انا مش عارفة كان لازم يظهروا في حياتنا ليه دلوقتي، لازم تتصرف سامع
.............
شمس: لا انا مش راضية ابين حاجة لها دلوقتي، مهو لو منعتها عنهم هتشك، خصوصا إني عمري ممنعتها عن حاجة قبل كدة خصوصا صحابها، هاجي دلوقتي امنعها
..............
شمس: طب خلاص ان اتصرف في هبل ابنك ده سامع، معنديش استعداد اخسر كل حاجة، يلا سلام
لم تدري وهي تعود نحو غرفتها سريعا تكتك فاها بيديها، خوفا من ان تصدر نفسا يجعل والدتها تعلم بما سمعته; رغم عدم سماعها للطرف الآخر إلا انها تاكدت من هويته، كانت سابقا ستسعد بهذا الحديث لكنها الآن أصبحت تبغض هذا النادر، هل سترغمها والدتها على الزواج منه وهي لا تريده!
لكن مايقلقها الآن هو موقف والدتها من كل من هنا ورؤي؟ وماهو الماضي الذي يرتبط بهن؟ وكيف سيودي بهن للسجن؟ علامات استفهام كثيرة مليئة بالتعجب تدور حول والدتها في هذه الفترة"
تفق من شرودها على صوت بوق من السيارة التي خلفها تحثها علي السير بعد فتح الإشارة، وعند وصولها للمنزل تجد والدتها تجلس في بهو المنزل غير عابئة بها إطلاقا، لم تتعجب فهي هكذا دوما، تمر بجوارها وهي تخبرها ببساطة
جني: ماما انا هروح مع صحابي اقضي الاجازة معاهم، نخرج من جو الامتحانات شوية، وهنسافر بكرة الساعة 10
لم تعرها اهتماما او حتى رفعت راسها عن الهاتف،
شمس: ماشي روحي، بس في موضوع مهم هنتكلم فيه لما ترجعي،موضوع كنتِ عاوزاه من زمان
تغادر دون اكتراث، خلاص مش عاوزاه
لكنها ابتعدت دون ان تستمع لها، لتعد حقيبتها تريد الهروب من هذا المنزل الذي اصبح يكتم انفاسها
✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
##########################################
كانوا لازالوا يعملون بجد يحاولون إنهاء العمل حتي لا يتراكم عليهم، لكن لم يستطيعوا، فالعمل لا ينتهي، دخل شريف من المنزل يحمل معه الأوراق التي تحتاج لإمضاء سريع، ليتعجب من هذه الربكة التي تحدث اليوم،
شريف: في إيه يا شباب! هو الشغل هيخلص في يوم ولا ايه!
يرفع محمد رأسه بابتسامة لرفيقه، فهو إلى الآن لم يخبره بأمر خطبته، خوفا من علاقتهم ان يصيبها الوتر،
محمد: لأ طبعا، بس احنا هنسافر عند جدي اليومين الجايين، وزي ما انت عارف الشغل هيتراكم، فبنحاول ننجز قدر الإمكان، وبعدين...
يصمت قليلا وهو ينظر نحو سليم بقلق، فسليم هو الآخر قلق من الامر، فقد علم انه كان يريد الزواج من رؤي; رغم غيرته الشديدة; إلا أن شريف أصبح رفيقه ولا يريد خسارته، ليتعجب من ترددهم فحتما هناك امر ما قلقون من إخباره به
شريف: مالكم يا شباب! بعدين ايه!
ينهض متجها نحوه: شريف انت مش بس صاحبي.. انت اخويا اللي اتربيت معاه، ويستحيل اخبي عليك حاجة مهما كانت، انا بصراحة طلبت هنا من عمي مصطفي.. والاكيد بامر الله إن الخطوبة تتم عند جدي صالح.. فزي ما انت عارف ان كل شيء نصيب و....
يقاطعه بابتسامة: وماله يا صاحبي الف مبروك، مش هنكر إني كان نفسي تتجوز اختي، لكن كل شيء نصيب، لكن زي ما انت قلت احنا اخوات وانا اتمني لك السعادة والله يا صاحبي
اطمئن محمد قليلا فهذه معضلة تم حلها، وبقيت الأخرى،
محمد : بجد يا شريف! يعني مش زعلان
شريف : محمد انت سخن هزعل ليه، ربنا يوفقك، بس شكل في حاجة كمان، عشان المعلم سليم ساكت كدة من اول مدخلت، منتظر مني أبارك لك أنت كمان يا كابتن
ينظر له بصدمة وهو يضع يده اعلى رأسه بإحراج: إحم هو في يعني انا كمان هخطب رؤي
شريف : ومالك بتلألأ كدة ليه يا ابني، لا حول الله الف مبروك عليكم انتوا الاتنين القفص يا شباب
سليم : يعني انت مش زعلان يا شريف!
شريف : لا أنا فرحان عشانكم والله يا صاحبي، طلبي زمان لجوازي مت رؤى كان عشان جميلة أختي، يعني كنت بحاول أنقذ علاقتها بمحمد عشان متخسرهوش، لكن انا طول عمري بشوف رؤى أختي الصغيرة اللي متربية معايا، فانت امسح اللي فات من دماغك بأستيكة، اللي حصل زمان أنا كأخ كنت بحاول انقذ أختي إنها تضيع راجل بجد من إيدها، لكن زي محمد مقال النصيب
ينظر له محمد بفخر، فهو إن وضع محله سيختار مصلحة أخته،
محمد : صح يا صاحبي، المهم دلوقتي انت لازم تيجي معانا عشان الخطوبة هتم هناك، وانت طبعا صديقي الصدوق، فلازم تيجي ده غير إن وجودك هيفرق كتير
سليم بتأكيد: أيوة يا شريف تعالي معانا هنقضي أجازة حلوة، وبعدين اصلا رؤي وهنا لسة ميعرفوش حاجة
شريف: نعم يا اخويا! فزورة دي
محمد بضحك شديد: لا مش كدة، احنا كنا قاعدين في يوم في المكتب، فلقينا عمي مصطفى ينده لنا
يكمل سليم: قوم إيه ابوك الحاج مصطفى يقول ايه جاي عرسان لهنا ورؤي، بس اخواتك ايه مدبات، آه والله مكناش نعرف انه مقلب، قو انا اتنفضت وقلت لا أنا اللي هخطب رؤي محدش تاني، رلما ادبيت محمد حب يفرملي، بسزانا ادبيت ودبسته معايا
لينفجرا ضحكا عليه وعلي تعابيره العجيبة،
محمد: شفت يا عم ادي المعلم ورطنا، بس تصدق كدة احسن الواحد حاسس انه كان عامل ذنب، بس ايه تشوف شكل سليم وهو بيتنفض من مكانه لما سمع اللي ابوه قاله، تقول الواد صابر غلب
شريف : لا يا محمد في دي عنده حق، لو أنا مكانه كنت طرت مش اتنفضت، رؤى تستاهل، أدب واخلاق ودين، في دي عنده حق
سليم: حبي يا ابو الصحاب، بس شكلك كدة بيقول إن قلبك لقى مرساته صح؟ ميغركش الهزار أخوك بيفهم اللي قدامه وبيقرأه كويس
شريف: صح يا صاحبي، بس لسة محتاج وقت انت عارف وضعي، المهم سيبكم مني دلوقتي، انتوا هتسافروا بكرة؟
سليم : هعديها بمزاجي يا شريف باشا، ايوة هنمشي بكرة الصبح البنات اتفقوا مع جنا صاحبتهم وهتيجي معاهم، هنروح لها وناخدها في طريقنا
شريف : قلت مين!
ينظر له بابتسامة خبيثة، ينقذه منها محمد: أيوة جنا صاحبتهم جاية معاهم هما عزموها تغير جو، والصراحة فرصة تكون جنبهم اليومين الجايين
شريف: إحم انا هاجي بس لما تحددوا يوم الخطوبة، هاجي قبلها بيومين كدة
سليم : قول والله!
شريف : حل عني انا ماشي سلام
ينفجرا ضحكا عقب خروجه، يحاولا إنهاء العمل المتبقي قبل ذهابهم
✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
####################################
تجلس وامامها الاوراق التي اعطاها إياها والدها، الإثباتات التي تعيد الطفلة المحرومة من حنان والدتها لأحضانها، لكن أي أحضان وحتي والدتها فارقت الحياة، فارقتها حتى دون أن تعلم بوجودها، كيف ستذهب وتخبرهم بما خفي لعشرين عاما! كيف ستخبرهم بما صنعه والدها، كيف يمكنها الذهاب وإخبارهم بالأمر، وهذه الفتاة ماذا سيكون رد فعلها، فهي إلى الآن لم تستوعب الامر، فكيف بهذه العائلة وهذه الفتاة... قطع تفكيرها هذا زوجها وهو يدخل الغرفة ليراها لازالت في خالة التيه تلك، يشفق لحالتها تلك; لكن يجب عليها تنفيذ الوصية حتى يرقد والدها براحة، يقترب منها محتضنا إياها من كتفيها، لتنهار باكية من الحزن والألم الذي ينخر قلبها، لا تدري ما ذا يجب أن تفعل،
إيهاب : هدى يا حبيبتي لازم تحاولي تفوقي عشان اللي والدك طلبه، ده غير إنه رد الحق لاصحابه، انتِ أكتر واحدة عارفة كدة، والدك محتاج لك دلوقتي، مش لازم تعذبيه بترددك ده، هو طلب منك طلب وواثق إنك قده وهتقدري تنفذيه
لازالت دموعها منهمرة بشدة على وجنتيها، لا تستطيع أن تتخيل هذا الأمر، ترفع رأسها بعيونها المليئة بالدموع،
هدى: مش قادرة يا إيهاب مش قادرة والله، صدمتي في اللي بابا عمله مش مستحملاها، تخيل والدي قدوتي يكون السبب في حرمان أم حتى إنها تعرف إن لها بنت، وكمان يكون السبب في بعدها عن أهلها، ده كوم وإني أعرف إنه خان أمي وعمل علاقة محرمة مع واحدة قذرة، مش قادرة افضح والدي بالطريقة دي يا إيهاب
ينظر لها بألم شديد لحالتها تلك، يعلم المعاناة التي تمزق مابين أضلعها، ليحاول تهدأتها،
إيهاب: هدى يا حبيبتي أنا جوزك وحاسس بيكِ والله، بس لازم تأدي الأمانة، أنا عارف إنك مش قادرة خصوصا إني عارف والدك بالنسبة ليكي كان ايه، بس لازم تعرفي إنه فاق في آخر الوقت، صح كان فات الأوان لكن حاول يصلح الغلط يا هدى، ولازم تفضل فخورة بيه حتى لو هتضطري تعملي كدة، بس ده دلوقتي بقى حملك يا هدى
تنظر له بضياع، تعلم أنه محق كما كان دائما،
هدى: عندك حق يا إيهاب، لازم اعمل اللي عليا، وهنزل مصر في أسرع وقت
ينظر لها بتشجيع،
إيهاب: دي سهلة يا حبيبتي أنا عندي مؤتمر في الأقصر ضمن مجموعة أطباء، اجهزي وهنروح مع بعض، المؤتمر ساعتين وبعدها نروح لهم، تكوني انتِ جهزتي شوية، إن شاء الله بعد يومين
هدى: حاضر، ربنا يقدرني على اللي أنا فيه ده
✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
######################################
سامحوني لتأخيري البرد كان مبهدل الدنيا والحمد لله بنتي خفت عن الأول بشكركم جميعا
"اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك"
مرت أيام الاختباراترعلى خير ما يرام، كانت مرهقة
كثيرا لشدة صعوبتها، لكن الله كان مع المجتهد، وحان موعد ذهابهم لمدينة الأقصر الجميلة، وكان
الجميع يستعد للذهاب، كمان كان الجميع يخطط
لأمر به سعادة للجميع،
كانت الفتيات انتهت من الاختبار الأخير وفي طريقهم للخروج من الجامعة، ليدور الحوار بينهم في محاولة مستميتة لإقناع "جنى" في الذهاب معهم لتقضية العطلة عند جديها بالأقصر،
تتحدث هنا بمحاولة لإقناعها: يا جنى بالله عليكي هتتبسطي هناك والله، وبعدين حد طايل يزور الأقصر ويقول لأ، وبعدين مظنش مامتك هترفض يعني
تنظر رؤى لها بشفقة يسودها التعجب لما تعانيه هذه الفترة، فمنذ قدوم معتز لها وحديثه معها وهي تدرك التيه التي تشعر بها; حتى وإن لم تصرح به، واكتفت بما أخبرتهم إياه لكنها تدرك أن هنالك أمرا يؤرقها ولا تريد إخبارهم به، لتتحدث قائلة،
رؤى: جنى يا حبيبتي إنتِ باين عليكِ إنك مرهقة ومشتتة، خصوصا بعد موضوع هند، تعالي معانا غيري جو، وافصلي عن اللي حواليكي ياستي وليكي عليا اجي بنفسي اقنع طنط شمس لو ده يريحك
تنتفض سريعا بنبرة خائفة،
جنى: لأ... لأ متكلمهاش غنا هقول لها وهي مش هتعترض، أنا بس.. محرجة أجي معاكم.. يعني انتوا هتكونوا في وسط أهلكم، وأنا غريبة... بس كدة
نظرا لبعضهما البعض بتعجب شديد من ردة فعلها تلك، لماذا ارتبكت إلى هذه الدرجة عندما ذكرت رؤى أمر حديثها مع والدتها، ليحاولا بهدوء نفض هذا الأمر عن رأسهم مراعاة لمعاناتها مع والدتها،
هنا: خلاص يا جنى ملميها واحنا بإذن الله هنتحرك من هنا بكرة الساعة 10 كدة، جهزي نفسك بقى واحنا هنفوت عليكي
تجيبها بارتباك لم يختفي بعد: مفيش داعي... أنا هاجي لكم على هناك
رؤى: مالك يا جنى هتيجي لنا ازاي يا بنتي! مااحنا لازم هنفوت عليكي عشان انتي في الطريق، يعني بدل مترجعي احنا هنجيلك واحنا كدة كدة ماشيين!
تنظر لهما باستسلام،
جنى: خلاص ماشي هجهز واستناكم
لتكتفي بحديثها، ليتجها نحو البوابة في طريقهم للمغادرة، فكانت سيارة والد هنا بانتظارهم بالخارج، واستقلت جنى سيارتها وغادرت; لكن داخلها كانت نواقيس الحرب تضرب بكل قوة، لا تعلم ما يجب عليها فعله، قلق انتباها بعد استماعها لحديث والدتها الذي جعل الشك يتفاقم داخلها، وأصبحت تعلم أن والدتها كانت تعلم مسبقا عائلة رؤى، أو هنالك سر تخفيه عنها، وتأكد شكها عندما استمعت لمهاتفتها لوالد نادر ليلة أمس.....
" كانت قد أنهت مذاكرتها النهائية ومانت في طريقها لإعداد مشروب دافئ، لكنها توقفت بصدمة أمام الباب الخاص بوالدتها، صدمة ألجمتها عندما سمعت والدتها تتحدث بصوت عال نسبيا; اعتقادا منها أنها تجلس بغرفتها ولن تستمع لحديثها،
شمس: في إيه يا إسلام انت مش قادر على ابنك ولا إيه، كدة كلنا هنروح في داهية لو الماضي اتكشف
.................
شمس: بقلك إيه الكلام ده معرفوش، لازم نادر يتجوز جني، وإلا انا وانت هنشرف في السجن، انا مش عارفة كان لازم يظهروا في حياتنا ليه دلوقتي، لازم تتصرف سامع
.............
شمس: لا انا مش راضية ابين حاجة لها دلوقتي، مهو لو منعتها عنهم هتشك، خصوصا إني عمري ممنعتها عن حاجة قبل كدة خصوصا صحابها، هاجي دلوقتي امنعها
..............
شمس: طب خلاص ان اتصرف في هبل ابنك ده سامع، معنديش استعداد اخسر كل حاجة، يلا سلام
لم تدري وهي تعود نحو غرفتها سريعا تكتك فاها بيديها، خوفا من ان تصدر نفسا يجعل والدتها تعلم بما سمعته; رغم عدم سماعها للطرف الآخر إلا انها تاكدت من هويته، كانت سابقا ستسعد بهذا الحديث لكنها الآن أصبحت تبغض هذا النادر، هل سترغمها والدتها على الزواج منه وهي لا تريده!
لكن مايقلقها الآن هو موقف والدتها من كل من هنا ورؤي؟ وماهو الماضي الذي يرتبط بهن؟ وكيف سيودي بهن للسجن؟ علامات استفهام كثيرة مليئة بالتعجب تدور حول والدتها في هذه الفترة"
تفق من شرودها على صوت بوق من السيارة التي خلفها تحثها علي السير بعد فتح الإشارة، وعند وصولها للمنزل تجد والدتها تجلس في بهو المنزل غير عابئة بها إطلاقا، لم تتعجب فهي هكذا دوما، تمر بجوارها وهي تخبرها ببساطة
جني: ماما انا هروح مع صحابي اقضي الاجازة معاهم، نخرج من جو الامتحانات شوية، وهنسافر بكرة الساعة 10
لم تعرها اهتماما او حتى رفعت راسها عن الهاتف،
شمس: ماشي روحي، بس في موضوع مهم هنتكلم فيه لما ترجعي،موضوع كنتِ عاوزاه من زمان
تغادر دون اكتراث، خلاص مش عاوزاه
لكنها ابتعدت دون ان تستمع لها، لتعد حقيبتها تريد الهروب من هذا المنزل الذي اصبح يكتم انفاسها
✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
##########################################
كانوا لازالوا يعملون بجد يحاولون إنهاء العمل حتي لا يتراكم عليهم، لكن لم يستطيعوا، فالعمل لا ينتهي، دخل شريف من المنزل يحمل معه الأوراق التي تحتاج لإمضاء سريع، ليتعجب من هذه الربكة التي تحدث اليوم،
شريف: في إيه يا شباب! هو الشغل هيخلص في يوم ولا ايه!
يرفع محمد رأسه بابتسامة لرفيقه، فهو إلى الآن لم يخبره بأمر خطبته، خوفا من علاقتهم ان يصيبها الوتر،
محمد: لأ طبعا، بس احنا هنسافر عند جدي اليومين الجايين، وزي ما انت عارف الشغل هيتراكم، فبنحاول ننجز قدر الإمكان، وبعدين...
يصمت قليلا وهو ينظر نحو سليم بقلق، فسليم هو الآخر قلق من الامر، فقد علم انه كان يريد الزواج من رؤي; رغم غيرته الشديدة; إلا أن شريف أصبح رفيقه ولا يريد خسارته، ليتعجب من ترددهم فحتما هناك امر ما قلقون من إخباره به
شريف: مالكم يا شباب! بعدين ايه!
ينهض متجها نحوه: شريف انت مش بس صاحبي.. انت اخويا اللي اتربيت معاه، ويستحيل اخبي عليك حاجة مهما كانت، انا بصراحة طلبت هنا من عمي مصطفي.. والاكيد بامر الله إن الخطوبة تتم عند جدي صالح.. فزي ما انت عارف ان كل شيء نصيب و....
يقاطعه بابتسامة: وماله يا صاحبي الف مبروك، مش هنكر إني كان نفسي تتجوز اختي، لكن كل شيء نصيب، لكن زي ما انت قلت احنا اخوات وانا اتمني لك السعادة والله يا صاحبي
اطمئن محمد قليلا فهذه معضلة تم حلها، وبقيت الأخرى،
محمد : بجد يا شريف! يعني مش زعلان
شريف : محمد انت سخن هزعل ليه، ربنا يوفقك، بس شكل في حاجة كمان، عشان المعلم سليم ساكت كدة من اول مدخلت، منتظر مني أبارك لك أنت كمان يا كابتن
ينظر له بصدمة وهو يضع يده اعلى رأسه بإحراج: إحم هو في يعني انا كمان هخطب رؤي
شريف : ومالك بتلألأ كدة ليه يا ابني، لا حول الله الف مبروك عليكم انتوا الاتنين القفص يا شباب
سليم : يعني انت مش زعلان يا شريف!
شريف : لا أنا فرحان عشانكم والله يا صاحبي، طلبي زمان لجوازي مت رؤى كان عشان جميلة أختي، يعني كنت بحاول أنقذ علاقتها بمحمد عشان متخسرهوش، لكن انا طول عمري بشوف رؤى أختي الصغيرة اللي متربية معايا، فانت امسح اللي فات من دماغك بأستيكة، اللي حصل زمان أنا كأخ كنت بحاول انقذ أختي إنها تضيع راجل بجد من إيدها، لكن زي محمد مقال النصيب
ينظر له محمد بفخر، فهو إن وضع محله سيختار مصلحة أخته،
محمد : صح يا صاحبي، المهم دلوقتي انت لازم تيجي معانا عشان الخطوبة هتم هناك، وانت طبعا صديقي الصدوق، فلازم تيجي ده غير إن وجودك هيفرق كتير
سليم بتأكيد: أيوة يا شريف تعالي معانا هنقضي أجازة حلوة، وبعدين اصلا رؤي وهنا لسة ميعرفوش حاجة
شريف: نعم يا اخويا! فزورة دي
محمد بضحك شديد: لا مش كدة، احنا كنا قاعدين في يوم في المكتب، فلقينا عمي مصطفى ينده لنا
يكمل سليم: قوم إيه ابوك الحاج مصطفى يقول ايه جاي عرسان لهنا ورؤي، بس اخواتك ايه مدبات، آه والله مكناش نعرف انه مقلب، قو انا اتنفضت وقلت لا أنا اللي هخطب رؤي محدش تاني، رلما ادبيت محمد حب يفرملي، بسزانا ادبيت ودبسته معايا
لينفجرا ضحكا عليه وعلي تعابيره العجيبة،
محمد: شفت يا عم ادي المعلم ورطنا، بس تصدق كدة احسن الواحد حاسس انه كان عامل ذنب، بس ايه تشوف شكل سليم وهو بيتنفض من مكانه لما سمع اللي ابوه قاله، تقول الواد صابر غلب
شريف : لا يا محمد في دي عنده حق، لو أنا مكانه كنت طرت مش اتنفضت، رؤى تستاهل، أدب واخلاق ودين، في دي عنده حق
سليم: حبي يا ابو الصحاب، بس شكلك كدة بيقول إن قلبك لقى مرساته صح؟ ميغركش الهزار أخوك بيفهم اللي قدامه وبيقرأه كويس
شريف: صح يا صاحبي، بس لسة محتاج وقت انت عارف وضعي، المهم سيبكم مني دلوقتي، انتوا هتسافروا بكرة؟
سليم : هعديها بمزاجي يا شريف باشا، ايوة هنمشي بكرة الصبح البنات اتفقوا مع جنا صاحبتهم وهتيجي معاهم، هنروح لها وناخدها في طريقنا
شريف : قلت مين!
ينظر له بابتسامة خبيثة، ينقذه منها محمد: أيوة جنا صاحبتهم جاية معاهم هما عزموها تغير جو، والصراحة فرصة تكون جنبهم اليومين الجايين
شريف: إحم انا هاجي بس لما تحددوا يوم الخطوبة، هاجي قبلها بيومين كدة
سليم : قول والله!
شريف : حل عني انا ماشي سلام
ينفجرا ضحكا عقب خروجه، يحاولا إنهاء العمل المتبقي قبل ذهابهم
✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
####################################
تجلس وامامها الاوراق التي اعطاها إياها والدها، الإثباتات التي تعيد الطفلة المحرومة من حنان والدتها لأحضانها، لكن أي أحضان وحتي والدتها فارقت الحياة، فارقتها حتى دون أن تعلم بوجودها، كيف ستذهب وتخبرهم بما خفي لعشرين عاما! كيف ستخبرهم بما صنعه والدها، كيف يمكنها الذهاب وإخبارهم بالأمر، وهذه الفتاة ماذا سيكون رد فعلها، فهي إلى الآن لم تستوعب الامر، فكيف بهذه العائلة وهذه الفتاة... قطع تفكيرها هذا زوجها وهو يدخل الغرفة ليراها لازالت في خالة التيه تلك، يشفق لحالتها تلك; لكن يجب عليها تنفيذ الوصية حتى يرقد والدها براحة، يقترب منها محتضنا إياها من كتفيها، لتنهار باكية من الحزن والألم الذي ينخر قلبها، لا تدري ما ذا يجب أن تفعل،
إيهاب : هدى يا حبيبتي لازم تحاولي تفوقي عشان اللي والدك طلبه، ده غير إنه رد الحق لاصحابه، انتِ أكتر واحدة عارفة كدة، والدك محتاج لك دلوقتي، مش لازم تعذبيه بترددك ده، هو طلب منك طلب وواثق إنك قده وهتقدري تنفذيه
لازالت دموعها منهمرة بشدة على وجنتيها، لا تستطيع أن تتخيل هذا الأمر، ترفع رأسها بعيونها المليئة بالدموع،
هدى: مش قادرة يا إيهاب مش قادرة والله، صدمتي في اللي بابا عمله مش مستحملاها، تخيل والدي قدوتي يكون السبب في حرمان أم حتى إنها تعرف إن لها بنت، وكمان يكون السبب في بعدها عن أهلها، ده كوم وإني أعرف إنه خان أمي وعمل علاقة محرمة مع واحدة قذرة، مش قادرة افضح والدي بالطريقة دي يا إيهاب
ينظر لها بألم شديد لحالتها تلك، يعلم المعاناة التي تمزق مابين أضلعها، ليحاول تهدأتها،
إيهاب: هدى يا حبيبتي أنا جوزك وحاسس بيكِ والله، بس لازم تأدي الأمانة، أنا عارف إنك مش قادرة خصوصا إني عارف والدك بالنسبة ليكي كان ايه، بس لازم تعرفي إنه فاق في آخر الوقت، صح كان فات الأوان لكن حاول يصلح الغلط يا هدى، ولازم تفضل فخورة بيه حتى لو هتضطري تعملي كدة، بس ده دلوقتي بقى حملك يا هدى
تنظر له بضياع، تعلم أنه محق كما كان دائما،
هدى: عندك حق يا إيهاب، لازم اعمل اللي عليا، وهنزل مصر في أسرع وقت
ينظر لها بتشجيع،
إيهاب: دي سهلة يا حبيبتي أنا عندي مؤتمر في الأقصر ضمن مجموعة أطباء، اجهزي وهنروح مع بعض، المؤتمر ساعتين وبعدها نروح لهم، تكوني انتِ جهزتي شوية، إن شاء الله بعد يومين
هدى: حاضر، ربنا يقدرني على اللي أنا فيه ده
✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍✍
######################################
سامحوني لتأخيري البرد كان مبهدل الدنيا والحمد لله بنتي خفت عن الأول بشكركم جميعا