الفصل، السادس، والثلاثون
نظرت له والدته بلوم و هو يغادر .. ثم عادت بعيونها لآية التى فتحت عيونها بتثاقل ، و نظرت حولها بخوف و إنكمشت فى نفسها بذعر و هي تمرر عيناها علي وجوههم المتفحصة لها.. فقالت لها أحلام مسرعة لتطمئنها :
_ اهدأى يا ابنتي و لا تقلقي.. أنتِ بأفضل حال الآن و الحمد لله.
نظرت لها آية بتوجس وقالت متعجبة :
_ أين أنا؟! هل هذا منزل الخالة انعام اليس كذلك؟!
قطبت احلام حاجبيها بتعجب و قالت:
_ لا.. من انعام هذه؟! ولكن هذا بيتنا و انتِ به بأمان بعدما كنتِ مريضة.
ابتلعت اية ريقها بصعوبة و سألتها بوهن:
_ من انتم؟! ولماذا انا هنا و اين انا؟!
دخل حازم الغرفة وقال بغضب وحنق :
_ انتي ببيتي يا هانم.. و اخيرا استيقظتي.
طالعته اية بتعجب ثم نظرت له بغضب أكثر وقالت :
_ هذا انت!!! ماذا تفعل هنا؟! انا لا اريد رؤيتك مرة اخرى و لا اريد حتي سماع صوتك المقيت هذا.
تحولت انظار الجميع ناحية حازم الذى انتصب بوقفته المتحفزة و سار خطوتين ناحيتها و هو يقول بصياح:
_ الم تسمعي ما قلته؟! هل السمع عندك بعافية.. لقد قلت لكِ ان هذا بيتي.. بيتي وانتِ ضيفة ثقيلة به صراحةً.. هل سمعتني ام اعيدها مرة اخرى.
طالعته ببرود وقالت بكبريائها الذى يشعل النيران بصدره أكثر :
_ و ماذا افعل ببيتك يا طيب القلب .. الم تطردني من القسم الى الطريق دون ان تشفق علي حالتي.
صك على أسنانه من غضبه وقال بسخرية غاضبة :
_ خيرا تفعل شرا تحصد.. تسخرين مني يا عديمة الادب و التقدير بعدما اتيت بك لبيتي عندما وجدتك ملقاة بالطريق و تموتين من البرد.. اتيت لكِ بالطبيب وعاينك و اشتريت لكِ الأدوية ، و امي تلعب دور الممرضة منذ ساعات و هي تضع الكمادة علي رأسك كي تهدأ حرارتها و بالنهاية تسخرين مني.
اجابته اية مسرعة بتحدى:
_ انت من فعل هذا و انا لم أطلب منك شيئا كي تعايرني به يا حضرة الضابط.
تصنع الابتسام و قال بقوة:
_ يبدو أنكِ تحسنتي أسرع مما كنا نتخيل.. فأرجوا منكِ مغادرة البيت بأسرع وقت.
إلتفتت اليه أحلام وقالت له بلوم :
_حرامٌ عليك يا حازم فحالتها لا تسمح بهذا الشجار.. ادخل لغرفتك و نام المتبقي لك من الوقت، و نحن سنظل بجوارها حتي تستيقظ.
نظر لها بعيون تريد حرقها بنيرار قلبه التى أشعلتها صفعتها و كبريائها...
احتدت نظراتهما المتحدية... اذا فهى الحرب بين آدم وحواء، الصراع الأبدى الذى ينتهى دائما بإنتصار أحدهم .
نظرت له بغيظ من نظراته التى تفهمها فهذه ليست نظرات غضب وانما شيئا آخر تجهله حتي الآن...
ابتعدت بعينيها عنه وقالت موجهه حديثها لأحلام التى لمست بيها الطيبة والحنان :
_ بعد اذن حضرتك يا خالتي هل هذا هو ابنك؟!
نظرت له أحلام وابتسمت بإنتشاء وقالت بفخر :
_ نعم انه ابني حبيبي و رجل البيت ادام الله حسه و بارك لي فيه.
رفعت آية عينيها بملل وقالت متعجبة :
_ انتِ طيبة و حنونة للغاية.. و لكنه بصراحة قاسي و عنيد و لم تعرف الطيبة و الحنان يوما طريقا لقلبه لذلك اتعجب كيف له ان يكون ابنك؟!
مالت مريم علي راما و قالت بابتسامة رائقة:
_ هل تجدين سببا لذلك العراك.. يبدو ان هذه الفتاة مجنونة كليا.
تمالك حازم غضبه وضرب يديه ببعضهما وقال بصياح غاضب :
_ معكِ حق فانا من يستحق بعدما ادخلتك بيتي و عالجتك و حميتك من كلاب الشوارع، ليأتي لسانك هذا و الذى يحتاج قصه كليا من جذوره ليسبني.. تعرفين ما اريده الان.. ان اجذبك من شعراتك تلك و أنظف لأمي ارضية المنزل بأكمله بكِ كي ارتاح و تهدأ نيران غضبي.
مالت راما علي مريم و قالت و هي تكبح زمام ابتسامتها:
_ بل اخوكي هو المجنون.. الا ترين انفعاله الغير مبرر هذا.
وقفت أحلام قبالته و قالت بنفاذ صبر :
_ يا حازم يا حبيبي فلتذهب لغرفتك كي ترتاح قليلا و اتركها و شأنها الا تشفق علي حالتها تلك؟!
جذبته سجدة من ذراعه و قالت بجدية:
_ تعال معي يا أخي ساخرج لك منامة فلتغتسل وترتديها و بعدها ارتاح قليلا ان لبدنك عليك حق.
زفر حازم بضيق وتركهم وخرج، دلف غرفته و فتح شرفته و تطلع للسماء التى زينتها أشعة الشمس و هو يفكر فى هذه المجنونة المتطفلة....
نظرت أحلام لآية وقالت بحنو :
_ اعتذر منكِ يا حبيبتي فحازم لم ينم منذ الأمس لانه لم يتركك حتي استيقظتي.. عامة ما اسمك يا صغيرتي؟!
وضعت آية يدها على رأسها التي تؤلمها وقالت بوهن :
_ لا اعرف.
نزل جوابها عليهم جميعا كالصاعقة.. لتسألها مريم بتحفظ:
_ عذرا.. و لكن انتِ لا تعرفين ما هو اسمك؟!
اجابتها اية بنبرة خافتة:
_ نعم لا اعرف اسمي و لا من أنا.
جلست راما بجوارها علي الفراش و سالتها بتعجب:
_ ماذا تقصدين؟!
طالعت اية جمالها الساحر و اجابتها بتلقائية:
_ انا لا اعرف من أنا و بالمصحة شخص الطبيب حالتي علي انه شئ اسمه..... فقدان الذاكرة.
طالعت آية الدهشة البديهية علي وجوههم، تابعت حديثها قائلة بوهن:
_ فقدان الذاكرة هذا هو عبارة عن انني لا اتذكر من انا و لا اتذكر اسمي، عائلتي، معارفي، اي شئ قبل الحادثة انا لا اتذكره مطلقا.
اقتربت منها سجدة و قالت مستفهمة:
_ هل الندبات التي بوجهك تلك من آثر الحادثة.
أومأت آية برأسها و قالت:
_ نعم.. فانا لم يكن لوجهي ملامح من الأساس و لكن مع الوقت لم يتبقي سوى الآثار.
نظرت لها أحلام بتعجب وقالت :
_ حبيبتي حقا انتِ لا تتذكرين أي شئ مطلقا؟!
أشارت آية لرأسها وقالت بطفولة بريئة :
_ هذا الرأس فارغ تماما كحاوية قمامة تم تنظيفها.
تعالت ضحكات الفتيات علي مزحتها، بينما قالت أحلام بدهشة :
_ الامر يبدو كبير للغاية و البحث عن حلٍ له اكبر.. نامي الآن و ارتاحي و عندما تستيقظي سنتناقش مجددا بأمرك حبيبتي، و لا تقلقي من شئ انا سأظل بجوارك.
تدثرت آية بالغطاء ونامت علي الفور، نظرت لها أحلام بأسى، و أشارت للفتيات برأسها وخرجوا و تركوها ترتاح....
.........................................
جلست سهام بجوار والدتها علي الفراش و قالت بإرهاق:
_ يا امي ارجوكي كلي شيئا، لم اعد احتمل فأنا احتاج من يواسيني.
ازاحت الجدة الصينية من أمامها و قالت بضيق:
_ عندما اشعر بالجوع سأطلب منكم.. اتركوني وشأني اريد ان انام ربما يأخذ الله امانته و ارتاح.
حملت سارة الصينية و قالت بحزن:
_ انتِ مؤمنة و تعرفين ان كل شئ يحدث بتدبير من الله عز و جل يا جدتي و انا متأكدة ان آية ستعود قريبا.
تساقطت دموع الجدة بحزن و قالت برجاء بعدما رفعت عينيها للسماء:
_ يا رب يا جبار اجبر بخاطرى و اعد ابنتي لحضني مجددا و إحفظها بحفظك يا كريم، كما رددت يوسف ليعقوب قر قلبي بعودتها.
ربتت سهام علي كف امها المجعد و قالت بثقة:
_ ستعود و ستري يا امي.. فالله لن يرد دعائنا و سيستجيب لرجائنا و حينها سأحميها بكل قوتي و لن اجعل شيئا واحدا يؤثر عليها مهما كان.
استمعوا لصوت طرقات علي باب الغرفة.. فإنزلقت الجدة بالفراش و تدثرت و هي تقول بغضب:
_ لا اريد رؤيته و لا سماع صوته ابعدوه عني.
وقفت سارة و خرجت و اغلقت الباب ورائها لتجد مروان يقف مقابلا لها.. فقالت له دون ان تتطلع بوجهه:
_ جدتي لا ترغب بشئ منك و لا تريد رؤيتك فإخرج منها.
تهدل كتفي مروان و قال بضيق:
_ دعيني اتحدث معها ربما تسامحني كي اساعدكم بحملها انتِ و أمي فانا اترفق بكما كل يوم و انتم تحملوها بمفردكم صباحا و مساءً.
اجابته سارة ببرود بعدما اشاحت وجهها هربا من رائحته المنفرة:
_ اطمئن فهي تقريبا لا تأكل و ضعف جسدها و أصبحت بوزن طفل صغير.. ارتاح فانت لم تأذى آية بمفردها.
اغلق عينيه و هو يكظم غيظه منها و طرق الباب مجددا.. فتحت له سهام التي خرجت و اغلقت باب الغرفة علي امها و قالت له بحدة:
_ ماذا تريد يا مروان ؟!
ابتلع مروان ريقه و قال ببديهية:
_ اطرق علي باب غرفة جدتي.. من المؤكد اريد رؤيتها علها تسامحني كي ارتاح.
ابتسمت سهام بسخرية و قالت:
_ و هل ان سامحتك جدتك سترتاح يا مروان.. ستتخطي اختفاء آية و كأن شيئا لم يحدث و كانك لم تقتلها بأفعالك.
اجابها بصياح غاضب:
_ انا لم اقتل احد.. هي من هربت وتركتنا و لم تحسب حساب لكلام الناس عنا و لا لمشاعركم و الآن تحاكموني أنا.
تطلعت سارة بأمها و قالت بحدة:
_ انا سأدخل للمطبخ يا امي حتي يغادر قبل ان افقد اعصابي عليه.. لانني لم ارى شخصا انانيا و يفكر بحاله و فقط مثله.
تركتهم سارة و ابتعدت فتطلع مروان بأمه و قال معاتبا:
_ هل يروق لكِ افعال ابنتك يا أمي.. لقد احتملت منها مالا يمكن احتماله هل نسيت انني اخاها الكبير قبل ان اكون رجلا.
تنهدت سهام و قالت بأسي:
_ الرجل او الكبير كما قلت بالافعال و ليس بالاقوال يا مروان.. هل تطلب منها ان تحترمك و هي تراك كل يوم بهيأتك تلك.
اشاحت بيدها في وجهه و قالت بقنوط:
اصعد للشقة و نام ، ككل يوم تعود بالصباح برائحتك المنفرة تلك و تنام للمساء ليحلو لك السهر و الثمالة مع فتياتك متناسي ربك و ما ربيتك عليه.
تغاضي مروان عن كلماتها اللاذعة و قال بتصميم:
_ اريد مقابلة جدتي ولا يحق لكم منعي.
فتحت سهام الباب و اشارت له بذراعها و قالت ببساطة:
_ ادخل لها انا لا امنعك.. هي من تبغض وجودك حولها.
دلف مروان للغرفة التي تسبح بالظلام.. و سار حتي فراشها و وقف بجوار رأسها و قال:
_ هل تبغضين وجودى حولك يا جدتي.. لهذا الحد تكرهيني.
لم تجيبه.. فجلس علي طرف الفراش و قال بحزن:
_ الجميع يلومني و يحاكمني.. و لا يفكر بمشاعرى احد و كأنني غريب عليكم و لست ابنكم.
اتاه صوت الجدة و هي تقول بوهن:
_ انت لست ابني يا مروان.. كنت بيوم ما و الآن مجرد سماعي لصوتك كفيل بعلو ضغطي فاتركني و شأني.
وقف و قال بصياح غاضب:
_ لماذا يعاملني الجميع علي انني مجرم.. انا لم افعل شيئا لتلك المعاملة الجافة.. اتقوا الله بي هذا لا يصح.
نفضت الجدة غطائها عن راسها و حاولت الجلوس وهي تسحب خصرها الميت بصعوبة، قائلة بصياح لم يعهده احدا منها:
_ نتقي الله.. و هل امثالك يعرفون الله يا مروان.. من يأذي انسانة بريئة عشقته بكل حب و اخلاص يعرف الله.. من يشرب الخمر و المخدرات يوميا يعرف الله.. من يعاشر فتاة جديدة كل يوم دون رابط بينهما يعرف الله.
وقف مروان امامها كمن لسعته حية.. بينما تابعت كلماتها القاسية و قالت:
_ تطلع بمرآة نفسك يا باش مهندس مروان.. انت مجرد عربيد و زاني و ربما تتحول يوما ما لقواد تاتي بالفتيات لاصدقائك فمثلك اقذر من ان يذكر اسم الله علي لسانه.
اغلق عينيه بأسي فجذبته والدته من ذراعه و دفعته خارج الغرفة و قالت بإستهزاء و هي تطالعه بإزدراء:
_ يكفيك هذا القدر ربما تتوب وتعود لرشدك و تتخلي عن حبك لذاتك و تفكر بنا و لو لمرة واحدة بحياتك.
ودخلت و اغلقت بوجهه باب الغرفة.. وقف مشدوها ثم تركهم و صعد لشقته و كلمات جدته تخترق عقله بشكل مؤلم.....
....................................
تململت آية بفراشها و هى تشعر بطبول مزعجة تطرق و تطرق برأسها و ذلك الصوت البغيض يعود من جديد و كأنه يصيح بها من مكان بعيد و لكن وخزة مؤلمة بذراعها جعلتها تفتح عيناها بذعر لتراه أمامها منحنى ناحيتها بجسده و شعراته الناعمة تشاركه إنحنائته .. و هو يهدر بها بعصبية :
- أنتِ .. هيا إستيقظى .. أتمنى أن تنول الخدمة عندنا إستحسان سموك .. هل أنتى نائمة بفندق ايتها البائسة الحمقاء.
رفعت آية حاجبها بحدة و هى تطالعه بقوة و تحدى قائلة ببساطة :
- أنت!!! .. كيف سمحت لنفسك أن تدخل عليّ الغرفة و أنا نائمة .. ألم تتعلم الإستئذان من قبل .
زادت نوبة غضبه و مرر أنامله فى شعراته الطويلة و قال بنفاذ صبر و هو يحدجها بإزدراء :
- أنتى أكثر فتاة وقحة رأيتها بحياتى .. هل هذا منزل والدك مثلا و أنا لا أعلم كي تتحدثي معي بغرورك المقيت هذا.
همت بفتح فمها لتنهال به على رأسه ذلك المغرور الوسيم .. فدخلت مريم أخته و قالت بتريث لتهدئته :
- يا حازم يا حبيبى إهدا من فضلك .. هذه ليست طريقة حوار البنت اضعف مما تفعله بها.
لم يعر لحديث أخته أى إهتمام و إقترب منها أكثر و بنظرة الصقر نظر داخل عينيها ليرى صدقها من كذبها و هو يسألها بنبرة ثابتة :
- هل أنتى فاقدة للذاكرة فعليا ؟! ام تستغلي طيبة و براءة أمي ايتها المحتالة.
ظلت تنظر لعينيه بتحدى و إبتلعت ريقها و قالت بثقة :
- نعم انا فاقدة للذاكرة .. هل بها شيئا أيضا.. كم اتمني ان افقدها مجددا كي احذفك من امامي و من عقلي.
ضحك حازم ضحكة عالية و قال بسخرية :
- هل هذه كلمات فتاة فاقدة للذاكرة .. إنها تظننا حمقى لنصدقها .
إعتدلت آية فى نومتها .. و جلست نصف جلسة و قالت بوهن :
- لو لم تصدقنى فإسأل بالمشفى التى أرسلتنى للمصحة .. و التى بها ذلك الطبيب القذر و الذى كان ينتوى توقيع فحص عذرية علي .. و لكن الخالة أنعام ساعدتنى على الهرب قبل أن يأذينى .
إتسعت عينيه و قال بدهشة تلاها صراخ :
- ماذا قلتِ ؟! .. أنتِ بلهاء كليا و ربي .
إلتفت برأسه ناحية أخته و وجه لها حديثه قائلا بصرامة :
- إلى الخارج .. هيا .
خرجت مريم بوجه عابس بينما عاد هو بعينيه ناحيتها وقال بحدة :
- ألم تستمعى عن الحياء من قبل .. عن أى كشف عذرية تتحدثين أيتها الوقحة أمام أختى .
نظرت له آية بثقة بلهاء و قالت بغطرسة :
- و ما العيب بما قلته كي تسبني وتنعتني بالبلهاء ايها المتغطرس؟!
ضحك حازم بسخرية و هو يهز رأسه بيأس و قال بجدية :
- هل تعتقدين أننى مجنونا و سأصدق تلك التراهات .. ما إسم المصحة التى تتحدثين عنها و اين تقع؟!
قالت له على إسمها ، فطالعها بنظرة حادة و إقترب منها و وجهه قريب من وجهها و قال بنبرة محذرة شرسة :
- أتمنى من كل قلبى أن تكونى كاذبة .. لأننى حينها سأعلقك من ساقيكى كما نعلق الماشية وقت الذبح فى العيد .
لم تقل حدة نظراتها .. بل هامت بوجهه أكثر مستمتعه بجمال عينيه الساحرة .. و ملامحه الجذابة ..
إنفرجت شفتيها عن إبتسامة خافتة و قالت ببرود لتشعل غضبه أكثر بعدما أصبحت تستمتع به كثيرا :
- هدأ من نبرة صوتك قليلا فرأسى يؤلمنى وصوتك مثل بوق السيارة و ربما اكثر إزعاجا .
طبق يده بغضب حتى أن أظافره إنغمست بيده و قربها من وجهها و هو يقول بصوت متصلب :
- لو بيدى لكنت أطبقت على رقبتك و إعتصرتها حتى رأيتك و أنتِ تلفظين أنفاسك الأخيرة .. أيتها الوقحة .
لم تدرى لما هى مستمتعة من قربه لها لهذه الدرجة .. بعدما مالت معه شعراته الناعمة .. و عطره الآخذ الرجولى يداعب أنفاسها .. وعيونه التى تصبح أجمل حين يغصب .. تنهدت مطولا و هى تقول بداخلها :
- ماذا يأكل ذلك الحازم ليصبح بتلك الهيأة الساحرة .. رغم لسانه المتسلط إلا أنه قمر .. و ربى قمر .
تصنعت آية اللامبالاة و قالت بخبث لتزيد جمالهم :
_ معك كل الحق بأن تغضب مني و تكرهني لهذا الحد.. لا تنسي ان كفي مازلت تشعر به علي وجهك اليس كذلك يا حضرة الضابط؟!
_ اهدأى يا ابنتي و لا تقلقي.. أنتِ بأفضل حال الآن و الحمد لله.
نظرت لها آية بتوجس وقالت متعجبة :
_ أين أنا؟! هل هذا منزل الخالة انعام اليس كذلك؟!
قطبت احلام حاجبيها بتعجب و قالت:
_ لا.. من انعام هذه؟! ولكن هذا بيتنا و انتِ به بأمان بعدما كنتِ مريضة.
ابتلعت اية ريقها بصعوبة و سألتها بوهن:
_ من انتم؟! ولماذا انا هنا و اين انا؟!
دخل حازم الغرفة وقال بغضب وحنق :
_ انتي ببيتي يا هانم.. و اخيرا استيقظتي.
طالعته اية بتعجب ثم نظرت له بغضب أكثر وقالت :
_ هذا انت!!! ماذا تفعل هنا؟! انا لا اريد رؤيتك مرة اخرى و لا اريد حتي سماع صوتك المقيت هذا.
تحولت انظار الجميع ناحية حازم الذى انتصب بوقفته المتحفزة و سار خطوتين ناحيتها و هو يقول بصياح:
_ الم تسمعي ما قلته؟! هل السمع عندك بعافية.. لقد قلت لكِ ان هذا بيتي.. بيتي وانتِ ضيفة ثقيلة به صراحةً.. هل سمعتني ام اعيدها مرة اخرى.
طالعته ببرود وقالت بكبريائها الذى يشعل النيران بصدره أكثر :
_ و ماذا افعل ببيتك يا طيب القلب .. الم تطردني من القسم الى الطريق دون ان تشفق علي حالتي.
صك على أسنانه من غضبه وقال بسخرية غاضبة :
_ خيرا تفعل شرا تحصد.. تسخرين مني يا عديمة الادب و التقدير بعدما اتيت بك لبيتي عندما وجدتك ملقاة بالطريق و تموتين من البرد.. اتيت لكِ بالطبيب وعاينك و اشتريت لكِ الأدوية ، و امي تلعب دور الممرضة منذ ساعات و هي تضع الكمادة علي رأسك كي تهدأ حرارتها و بالنهاية تسخرين مني.
اجابته اية مسرعة بتحدى:
_ انت من فعل هذا و انا لم أطلب منك شيئا كي تعايرني به يا حضرة الضابط.
تصنع الابتسام و قال بقوة:
_ يبدو أنكِ تحسنتي أسرع مما كنا نتخيل.. فأرجوا منكِ مغادرة البيت بأسرع وقت.
إلتفتت اليه أحلام وقالت له بلوم :
_حرامٌ عليك يا حازم فحالتها لا تسمح بهذا الشجار.. ادخل لغرفتك و نام المتبقي لك من الوقت، و نحن سنظل بجوارها حتي تستيقظ.
نظر لها بعيون تريد حرقها بنيرار قلبه التى أشعلتها صفعتها و كبريائها...
احتدت نظراتهما المتحدية... اذا فهى الحرب بين آدم وحواء، الصراع الأبدى الذى ينتهى دائما بإنتصار أحدهم .
نظرت له بغيظ من نظراته التى تفهمها فهذه ليست نظرات غضب وانما شيئا آخر تجهله حتي الآن...
ابتعدت بعينيها عنه وقالت موجهه حديثها لأحلام التى لمست بيها الطيبة والحنان :
_ بعد اذن حضرتك يا خالتي هل هذا هو ابنك؟!
نظرت له أحلام وابتسمت بإنتشاء وقالت بفخر :
_ نعم انه ابني حبيبي و رجل البيت ادام الله حسه و بارك لي فيه.
رفعت آية عينيها بملل وقالت متعجبة :
_ انتِ طيبة و حنونة للغاية.. و لكنه بصراحة قاسي و عنيد و لم تعرف الطيبة و الحنان يوما طريقا لقلبه لذلك اتعجب كيف له ان يكون ابنك؟!
مالت مريم علي راما و قالت بابتسامة رائقة:
_ هل تجدين سببا لذلك العراك.. يبدو ان هذه الفتاة مجنونة كليا.
تمالك حازم غضبه وضرب يديه ببعضهما وقال بصياح غاضب :
_ معكِ حق فانا من يستحق بعدما ادخلتك بيتي و عالجتك و حميتك من كلاب الشوارع، ليأتي لسانك هذا و الذى يحتاج قصه كليا من جذوره ليسبني.. تعرفين ما اريده الان.. ان اجذبك من شعراتك تلك و أنظف لأمي ارضية المنزل بأكمله بكِ كي ارتاح و تهدأ نيران غضبي.
مالت راما علي مريم و قالت و هي تكبح زمام ابتسامتها:
_ بل اخوكي هو المجنون.. الا ترين انفعاله الغير مبرر هذا.
وقفت أحلام قبالته و قالت بنفاذ صبر :
_ يا حازم يا حبيبي فلتذهب لغرفتك كي ترتاح قليلا و اتركها و شأنها الا تشفق علي حالتها تلك؟!
جذبته سجدة من ذراعه و قالت بجدية:
_ تعال معي يا أخي ساخرج لك منامة فلتغتسل وترتديها و بعدها ارتاح قليلا ان لبدنك عليك حق.
زفر حازم بضيق وتركهم وخرج، دلف غرفته و فتح شرفته و تطلع للسماء التى زينتها أشعة الشمس و هو يفكر فى هذه المجنونة المتطفلة....
نظرت أحلام لآية وقالت بحنو :
_ اعتذر منكِ يا حبيبتي فحازم لم ينم منذ الأمس لانه لم يتركك حتي استيقظتي.. عامة ما اسمك يا صغيرتي؟!
وضعت آية يدها على رأسها التي تؤلمها وقالت بوهن :
_ لا اعرف.
نزل جوابها عليهم جميعا كالصاعقة.. لتسألها مريم بتحفظ:
_ عذرا.. و لكن انتِ لا تعرفين ما هو اسمك؟!
اجابتها اية بنبرة خافتة:
_ نعم لا اعرف اسمي و لا من أنا.
جلست راما بجوارها علي الفراش و سالتها بتعجب:
_ ماذا تقصدين؟!
طالعت اية جمالها الساحر و اجابتها بتلقائية:
_ انا لا اعرف من أنا و بالمصحة شخص الطبيب حالتي علي انه شئ اسمه..... فقدان الذاكرة.
طالعت آية الدهشة البديهية علي وجوههم، تابعت حديثها قائلة بوهن:
_ فقدان الذاكرة هذا هو عبارة عن انني لا اتذكر من انا و لا اتذكر اسمي، عائلتي، معارفي، اي شئ قبل الحادثة انا لا اتذكره مطلقا.
اقتربت منها سجدة و قالت مستفهمة:
_ هل الندبات التي بوجهك تلك من آثر الحادثة.
أومأت آية برأسها و قالت:
_ نعم.. فانا لم يكن لوجهي ملامح من الأساس و لكن مع الوقت لم يتبقي سوى الآثار.
نظرت لها أحلام بتعجب وقالت :
_ حبيبتي حقا انتِ لا تتذكرين أي شئ مطلقا؟!
أشارت آية لرأسها وقالت بطفولة بريئة :
_ هذا الرأس فارغ تماما كحاوية قمامة تم تنظيفها.
تعالت ضحكات الفتيات علي مزحتها، بينما قالت أحلام بدهشة :
_ الامر يبدو كبير للغاية و البحث عن حلٍ له اكبر.. نامي الآن و ارتاحي و عندما تستيقظي سنتناقش مجددا بأمرك حبيبتي، و لا تقلقي من شئ انا سأظل بجوارك.
تدثرت آية بالغطاء ونامت علي الفور، نظرت لها أحلام بأسى، و أشارت للفتيات برأسها وخرجوا و تركوها ترتاح....
.........................................
جلست سهام بجوار والدتها علي الفراش و قالت بإرهاق:
_ يا امي ارجوكي كلي شيئا، لم اعد احتمل فأنا احتاج من يواسيني.
ازاحت الجدة الصينية من أمامها و قالت بضيق:
_ عندما اشعر بالجوع سأطلب منكم.. اتركوني وشأني اريد ان انام ربما يأخذ الله امانته و ارتاح.
حملت سارة الصينية و قالت بحزن:
_ انتِ مؤمنة و تعرفين ان كل شئ يحدث بتدبير من الله عز و جل يا جدتي و انا متأكدة ان آية ستعود قريبا.
تساقطت دموع الجدة بحزن و قالت برجاء بعدما رفعت عينيها للسماء:
_ يا رب يا جبار اجبر بخاطرى و اعد ابنتي لحضني مجددا و إحفظها بحفظك يا كريم، كما رددت يوسف ليعقوب قر قلبي بعودتها.
ربتت سهام علي كف امها المجعد و قالت بثقة:
_ ستعود و ستري يا امي.. فالله لن يرد دعائنا و سيستجيب لرجائنا و حينها سأحميها بكل قوتي و لن اجعل شيئا واحدا يؤثر عليها مهما كان.
استمعوا لصوت طرقات علي باب الغرفة.. فإنزلقت الجدة بالفراش و تدثرت و هي تقول بغضب:
_ لا اريد رؤيته و لا سماع صوته ابعدوه عني.
وقفت سارة و خرجت و اغلقت الباب ورائها لتجد مروان يقف مقابلا لها.. فقالت له دون ان تتطلع بوجهه:
_ جدتي لا ترغب بشئ منك و لا تريد رؤيتك فإخرج منها.
تهدل كتفي مروان و قال بضيق:
_ دعيني اتحدث معها ربما تسامحني كي اساعدكم بحملها انتِ و أمي فانا اترفق بكما كل يوم و انتم تحملوها بمفردكم صباحا و مساءً.
اجابته سارة ببرود بعدما اشاحت وجهها هربا من رائحته المنفرة:
_ اطمئن فهي تقريبا لا تأكل و ضعف جسدها و أصبحت بوزن طفل صغير.. ارتاح فانت لم تأذى آية بمفردها.
اغلق عينيه و هو يكظم غيظه منها و طرق الباب مجددا.. فتحت له سهام التي خرجت و اغلقت باب الغرفة علي امها و قالت له بحدة:
_ ماذا تريد يا مروان ؟!
ابتلع مروان ريقه و قال ببديهية:
_ اطرق علي باب غرفة جدتي.. من المؤكد اريد رؤيتها علها تسامحني كي ارتاح.
ابتسمت سهام بسخرية و قالت:
_ و هل ان سامحتك جدتك سترتاح يا مروان.. ستتخطي اختفاء آية و كأن شيئا لم يحدث و كانك لم تقتلها بأفعالك.
اجابها بصياح غاضب:
_ انا لم اقتل احد.. هي من هربت وتركتنا و لم تحسب حساب لكلام الناس عنا و لا لمشاعركم و الآن تحاكموني أنا.
تطلعت سارة بأمها و قالت بحدة:
_ انا سأدخل للمطبخ يا امي حتي يغادر قبل ان افقد اعصابي عليه.. لانني لم ارى شخصا انانيا و يفكر بحاله و فقط مثله.
تركتهم سارة و ابتعدت فتطلع مروان بأمه و قال معاتبا:
_ هل يروق لكِ افعال ابنتك يا أمي.. لقد احتملت منها مالا يمكن احتماله هل نسيت انني اخاها الكبير قبل ان اكون رجلا.
تنهدت سهام و قالت بأسي:
_ الرجل او الكبير كما قلت بالافعال و ليس بالاقوال يا مروان.. هل تطلب منها ان تحترمك و هي تراك كل يوم بهيأتك تلك.
اشاحت بيدها في وجهه و قالت بقنوط:
اصعد للشقة و نام ، ككل يوم تعود بالصباح برائحتك المنفرة تلك و تنام للمساء ليحلو لك السهر و الثمالة مع فتياتك متناسي ربك و ما ربيتك عليه.
تغاضي مروان عن كلماتها اللاذعة و قال بتصميم:
_ اريد مقابلة جدتي ولا يحق لكم منعي.
فتحت سهام الباب و اشارت له بذراعها و قالت ببساطة:
_ ادخل لها انا لا امنعك.. هي من تبغض وجودك حولها.
دلف مروان للغرفة التي تسبح بالظلام.. و سار حتي فراشها و وقف بجوار رأسها و قال:
_ هل تبغضين وجودى حولك يا جدتي.. لهذا الحد تكرهيني.
لم تجيبه.. فجلس علي طرف الفراش و قال بحزن:
_ الجميع يلومني و يحاكمني.. و لا يفكر بمشاعرى احد و كأنني غريب عليكم و لست ابنكم.
اتاه صوت الجدة و هي تقول بوهن:
_ انت لست ابني يا مروان.. كنت بيوم ما و الآن مجرد سماعي لصوتك كفيل بعلو ضغطي فاتركني و شأني.
وقف و قال بصياح غاضب:
_ لماذا يعاملني الجميع علي انني مجرم.. انا لم افعل شيئا لتلك المعاملة الجافة.. اتقوا الله بي هذا لا يصح.
نفضت الجدة غطائها عن راسها و حاولت الجلوس وهي تسحب خصرها الميت بصعوبة، قائلة بصياح لم يعهده احدا منها:
_ نتقي الله.. و هل امثالك يعرفون الله يا مروان.. من يأذي انسانة بريئة عشقته بكل حب و اخلاص يعرف الله.. من يشرب الخمر و المخدرات يوميا يعرف الله.. من يعاشر فتاة جديدة كل يوم دون رابط بينهما يعرف الله.
وقف مروان امامها كمن لسعته حية.. بينما تابعت كلماتها القاسية و قالت:
_ تطلع بمرآة نفسك يا باش مهندس مروان.. انت مجرد عربيد و زاني و ربما تتحول يوما ما لقواد تاتي بالفتيات لاصدقائك فمثلك اقذر من ان يذكر اسم الله علي لسانه.
اغلق عينيه بأسي فجذبته والدته من ذراعه و دفعته خارج الغرفة و قالت بإستهزاء و هي تطالعه بإزدراء:
_ يكفيك هذا القدر ربما تتوب وتعود لرشدك و تتخلي عن حبك لذاتك و تفكر بنا و لو لمرة واحدة بحياتك.
ودخلت و اغلقت بوجهه باب الغرفة.. وقف مشدوها ثم تركهم و صعد لشقته و كلمات جدته تخترق عقله بشكل مؤلم.....
....................................
تململت آية بفراشها و هى تشعر بطبول مزعجة تطرق و تطرق برأسها و ذلك الصوت البغيض يعود من جديد و كأنه يصيح بها من مكان بعيد و لكن وخزة مؤلمة بذراعها جعلتها تفتح عيناها بذعر لتراه أمامها منحنى ناحيتها بجسده و شعراته الناعمة تشاركه إنحنائته .. و هو يهدر بها بعصبية :
- أنتِ .. هيا إستيقظى .. أتمنى أن تنول الخدمة عندنا إستحسان سموك .. هل أنتى نائمة بفندق ايتها البائسة الحمقاء.
رفعت آية حاجبها بحدة و هى تطالعه بقوة و تحدى قائلة ببساطة :
- أنت!!! .. كيف سمحت لنفسك أن تدخل عليّ الغرفة و أنا نائمة .. ألم تتعلم الإستئذان من قبل .
زادت نوبة غضبه و مرر أنامله فى شعراته الطويلة و قال بنفاذ صبر و هو يحدجها بإزدراء :
- أنتى أكثر فتاة وقحة رأيتها بحياتى .. هل هذا منزل والدك مثلا و أنا لا أعلم كي تتحدثي معي بغرورك المقيت هذا.
همت بفتح فمها لتنهال به على رأسه ذلك المغرور الوسيم .. فدخلت مريم أخته و قالت بتريث لتهدئته :
- يا حازم يا حبيبى إهدا من فضلك .. هذه ليست طريقة حوار البنت اضعف مما تفعله بها.
لم يعر لحديث أخته أى إهتمام و إقترب منها أكثر و بنظرة الصقر نظر داخل عينيها ليرى صدقها من كذبها و هو يسألها بنبرة ثابتة :
- هل أنتى فاقدة للذاكرة فعليا ؟! ام تستغلي طيبة و براءة أمي ايتها المحتالة.
ظلت تنظر لعينيه بتحدى و إبتلعت ريقها و قالت بثقة :
- نعم انا فاقدة للذاكرة .. هل بها شيئا أيضا.. كم اتمني ان افقدها مجددا كي احذفك من امامي و من عقلي.
ضحك حازم ضحكة عالية و قال بسخرية :
- هل هذه كلمات فتاة فاقدة للذاكرة .. إنها تظننا حمقى لنصدقها .
إعتدلت آية فى نومتها .. و جلست نصف جلسة و قالت بوهن :
- لو لم تصدقنى فإسأل بالمشفى التى أرسلتنى للمصحة .. و التى بها ذلك الطبيب القذر و الذى كان ينتوى توقيع فحص عذرية علي .. و لكن الخالة أنعام ساعدتنى على الهرب قبل أن يأذينى .
إتسعت عينيه و قال بدهشة تلاها صراخ :
- ماذا قلتِ ؟! .. أنتِ بلهاء كليا و ربي .
إلتفت برأسه ناحية أخته و وجه لها حديثه قائلا بصرامة :
- إلى الخارج .. هيا .
خرجت مريم بوجه عابس بينما عاد هو بعينيه ناحيتها وقال بحدة :
- ألم تستمعى عن الحياء من قبل .. عن أى كشف عذرية تتحدثين أيتها الوقحة أمام أختى .
نظرت له آية بثقة بلهاء و قالت بغطرسة :
- و ما العيب بما قلته كي تسبني وتنعتني بالبلهاء ايها المتغطرس؟!
ضحك حازم بسخرية و هو يهز رأسه بيأس و قال بجدية :
- هل تعتقدين أننى مجنونا و سأصدق تلك التراهات .. ما إسم المصحة التى تتحدثين عنها و اين تقع؟!
قالت له على إسمها ، فطالعها بنظرة حادة و إقترب منها و وجهه قريب من وجهها و قال بنبرة محذرة شرسة :
- أتمنى من كل قلبى أن تكونى كاذبة .. لأننى حينها سأعلقك من ساقيكى كما نعلق الماشية وقت الذبح فى العيد .
لم تقل حدة نظراتها .. بل هامت بوجهه أكثر مستمتعه بجمال عينيه الساحرة .. و ملامحه الجذابة ..
إنفرجت شفتيها عن إبتسامة خافتة و قالت ببرود لتشعل غضبه أكثر بعدما أصبحت تستمتع به كثيرا :
- هدأ من نبرة صوتك قليلا فرأسى يؤلمنى وصوتك مثل بوق السيارة و ربما اكثر إزعاجا .
طبق يده بغضب حتى أن أظافره إنغمست بيده و قربها من وجهها و هو يقول بصوت متصلب :
- لو بيدى لكنت أطبقت على رقبتك و إعتصرتها حتى رأيتك و أنتِ تلفظين أنفاسك الأخيرة .. أيتها الوقحة .
لم تدرى لما هى مستمتعة من قربه لها لهذه الدرجة .. بعدما مالت معه شعراته الناعمة .. و عطره الآخذ الرجولى يداعب أنفاسها .. وعيونه التى تصبح أجمل حين يغصب .. تنهدت مطولا و هى تقول بداخلها :
- ماذا يأكل ذلك الحازم ليصبح بتلك الهيأة الساحرة .. رغم لسانه المتسلط إلا أنه قمر .. و ربى قمر .
تصنعت آية اللامبالاة و قالت بخبث لتزيد جمالهم :
_ معك كل الحق بأن تغضب مني و تكرهني لهذا الحد.. لا تنسي ان كفي مازلت تشعر به علي وجهك اليس كذلك يا حضرة الضابط؟!