الفصل ال4

تحت ضوء القمر كانت جولي تجلس على الأرض وتمسك الجيتار وتغني بصوتٍ رائع يكاد يملئ المكان بحنينه وهدوئه

"لَأّ تٌـبًعٌدٍ.. عٌنِيِّ..

سِـأّعٌطِيِّکْ.. کْلَ مًأّ عٌنِدٍيِّ

حًتٌـى.. لَوٌ کْأّنِ قُلَبًيِّ

لَکْنِ.. لَأّتٌـبًعٌدٍ عٌنِيِّ

عٌنِدٍ فُـرأّقُکْ.. عٌنِدٍ وٌدٍأّعٌکْ..عٌنِدٍ سِـلَأّمًکْ.. سِـتٌـتٌـحًطِمً.. حًيِّأّتٌـيِّ

تٌـأّخِـذ روٌحًيِّ.. تٌـغُمًضًـ عٌيِّنِيِّ.. تٌـجّـرحً قُلَبًيِّ.. عٌنِدٍ رحًيِّلَکْ

قُربً لَيِّ.. أّنِظُر بًعٌيِّنِيِّ.. سِـتٌـعٌرفُـ أّنِيِّ.. صّـأّدٍقُأّ بًحًبًيِّ

لَأّتٌـبًعٌدٍ"

توقفت عن الغناء واستمرت بالبكاء بحرقة وبأختناق

انزل ماثيو رأسه وعاد الى شقته وبقي واقفاً بقرب بابه دون حراك وعلى وجهه ملامح باردة جداً

في الجامعة وفي قاعة المسرح كان ماثيو مع مجموعة جولي ومايا وكارمن وبعض الشباب الاخرين

ناداهم ماثيو فتجمعوا حوله وقام بتقسيمهم على الالات الموسيقية وكانت حصة كارمن البيانو ومايا الكمان الذي تتقنه

وصل الى جولي وهي جالسة وقدم لها الجيتار وقال: ستكونين المغنية الرئيسية

تركها فوقفت قائلة: مالذي تفعله؟؟ ألم تسمعني من قبل؟؟ اخبرتك مئة مرة انني لا....

_لا اجيد الغناء.    (قاطعها واكمل وهي تسمعه)  ستكونين المغنية وستغنين والا سترسبين وسيرسب الجميع معك

تذمر الاخرين فقالت: لا تظن انني سأهتم لإحد، فليذهبوا الى الجحيم، وانا لن اغني حتى لو رسبت الف عام

_حسناً اذن اتفقنا، هيا ليستعد الجميع

كارمن: استاذ ارجوك هل ستعلق مصيرنا بها؟؟

_اجل اما ان تغني او لا نجاح لكم

ظلوا يرددون "هذا ليس عدلاً... لا شأن لنا بها.. لظاذا يفعل ذلك؟؟" 

ماثيو: اذا لم تغني لا دروس لكم

نظر اليها فرفعت حاجبيها وقالت:  لا دروس لا دروس

تركتهم وغادرت

اخذ ماثيو اغراضه وغادر قائلاً: الى اللقاء

بقي الاخرون يتكلمون فيما بينهم

كارمن: تلك المتعجرفة

مايا: الذنب ذنب الاستاذ اخبرته انها لا تستطيع الغناء لماذا يُصر على عكس ذلك؟؟

كارمن: سنوقع بيان الى الادارة ليتم تعليمه ان لا يربط مصائرنا بأحد وخصوصا المهووسة

مايا: اغلقي فمك وافعلي ماتريدين

غادرت مايا لتحلق ب(جولي)  ووصلتا الى ريك ومارو وروز وجلسوا جميعاً

جولي منزعجة: ذلك الحقير انه يزعجني

ريك: من هو عزيزتي؟؟

مايا: الاستاذ ماثيو، لقد اوقف مجموعتنا عن الدروس لأنه يريد ل(جولي) ان تغني

ريك: اتريدينني ان افصله من الجامعة؟؟

جولي بحدة:  اجل افعل ذلك وخلصني منه

بأبتسامة ماكرة قال: سيتم فصله اذن

جولي: اريد ان افصله بطريقتي، لكن ستساعدني

ريك: تحت امرك حلوتي

بعد ايام

دخل ماثيو الى مكتب مدير عام الجامعة ورأى جولي وريك واقفان امامه لكن الغريب ان جولي كانت ملابسها شبة ممزقة وشعرها غير مسرح تقريبا وعلى وجهها تعلو ملامح البرائة والحزن فقالت ببكاء: لماذا يا استاذ؟؟ لماذا؟؟

ماثيو: ماذا يحدث؟؟

المدير: استاذ ماثيو هذان الطالبان يتهمانك بالتعرض للفتاة بالتحرش ومحاولة الاغتصاب

رفع ماثيو حاجبيه

ريك: انه يزعجها طوال الوقت ويلمسها احيانا امام الطلاب

جولي باكية: لقد طلب مني الحضور في مكتبه دون علم احد وظننت انه سيحدثني بأمور الدراسة لكنه هجم عليّ دون رحمة واستطعت ان اهرب منه

ماثيو ببرود : هل هذا اخر ماتستطيعين فعله للتخلص مني؟؟

نظرت له بحدة

ماثيو: ماهو دليلكما على قصتكما هذه؟؟

اخرج ريك هاتفه واعطاه للمدير وجولي تقول: لقد شعرت ان هناك امر مريب فقمت بتشغيل كاميرا الهاتف ولكنها لم تصور بشكل جيد

اقترب ماثيو من مكتب المدير واخذ الهاتف منه قائلاً: عذراً سأراه بنفسي

شغل ماثيو الفيديو وكان فيه جولي وامامها شخص ما والتصوير قريب بعض الشيء وهما يتحدثان ثم فجأة نهض الرجل واقترب منها ودفعها على الاريكة وهنا لم يتم تصوير سوى الرجل من الخلف وهو يعتدي على جولي وهي تصرخ ثم دفعته واختطفت الهاتف وهربت

رفع ماثيو حاجبيه وقال: لاشيء يؤكد ان من في المقطع هو انا

ريك: شعره البني وملابسه التي ارتديتها منذ ايام

بقي ينظر الى المقطع ويقول: يمكنك وضع شعر مستعار بني وارتداء ملابس كملابسي والتمثيل معها

ريك صارخاً: ماذا؟؟ كيف تتهمنا بذلك؟؟

اوقف ماثيو الفيديو وقال: انظر الا يبدو هذا الوشم الذي على يد الرجل مألوفاً لك

نظر ريك وكذلك جولي وصورة يد فيها وشم

امسك ماثيو يد ريك: والان؟؟

صُدم الاثنان فقال المدير: كيف تفعلان هذا؟؟

رمى ماثيو الهاتف على جولي والتقطته

ماثيو: يمكنني ان ارفع قضية عليكما الان بتهمة التزوير والتشهير والنصب والاحتيال وغيرها، لكنني لن افعل وجدا شيء اخر لفصلي

تركهم وغادر فركضت جولي خلفه وخارج مكتب المدير صاحت به: مالذي تريده مني؟؟

اجابها وهو يمشي ويعطيها ظهره: اريدك ان تُغني

_في احلامك.        (صرخت)

ريك من خلفها:  ماذا سنفعل؟؟

وصرخت: تباً له

وبعيداً عن الجامعة وفي الشركة التي تعمل بها شيري بالذات

كانت تقف الاخيرة منزلة رأسها بأنزعاج وامامها يقف  مدير شركتها ويجلس خلفه روبرت صديق ماثيو

المدير منزعجاً: كيف تنسين كتابة اسم الاستاذ روبرت في قائمة الصفقة؟؟

_انا اسفة.    (مُحرجة)

روبرت: لا بأس لا بأس لكن عليك تعويضي في الصفقة القادمة وايضاً عليك ان تختار موظفيك بعناية يا جيف

نظرت له شيري منزعجة

المدير جيف: اعتذر منك حقاً.. لكنها موظفة جديدة

روبرت: لا بأس

المدير: غادري

غادرت شيري منزعجة

وبعد ساعة وبينما تهم بالدخول الى المصعد وجدت روبرت في المصعد وحده

وقفت بقربه بهدوء وتردد

اغلق باب المصعد عليهما وهي تنظر له بنصف نظرة وهو يقف بشموخ

فعبست وجهها وظلت تحركه وكأنها تقلد ماقاله امامها سابقاً

كان روبرت ينظر اليها من انعكاس صورتها على باب المصعد

التفت اليها وقال: هل انت بخير؟؟

نظرت له بحدة وقالت: ولماذا تسأل؟؟

اشار الى شكلها في باب المصعد وعندما رأت انعكاسها عرفت انه رأها وهي تقوم بحركات التقليد فأنزلت رأسها كثيرا من الحرج

ابتسم وقال: كوني حذرة في المرة القادمة

توقف المصعد وخرج روبرت منه وتركها مُحرجة



نزل ماثيو من سيارته متوجهاً الى مبنى السكن وكانت جولي وريك واخرين يلعبون كرة السلة امام المبنى مباشرة

تجاهلهم وهم يتصارخون مستمتعين ووصل الى الباب لكن كرة السلة اصابت رأسه من الخلف اسقطت الصندوق الذي كان يحمله بيديه

نظر الى اغراضه التي سقطت وسمع صوت جولي تصيح: اسفة انه خطأي

لم يلتفت لها واخذ كرة السلة ونظر لها وهي فتحت ذراعيها لتستلم منه الكرة

فرمى بالكرة بقوة اصابة دراجة ريك القريبة واسقطتها فصاح صاحبها: تباً، لا


ماثيو ببرود: اسفة انه خطأي

وعاد ليجمع اغراضه، جاءت له جولي ووقفت عنده وهي راكع يجمع اشياءه فقالت: لقد تعمدت ضرب الدراجة

_اذن تعمدتي ضرب رأسي

_لماذا لا تجمع كرامتك وتتركنا وشأننا؟؟

وقف امامها مباشرة ونظرا الى بعضهما فقال: لماذا لا تكونين شجاعة وتواجهين نفسك؟؟

_لو لم تكن الاستاذ الخاص بي لعرفت كيف ارد عليك

_اوه هل تقصدين انك ستلفقين لي تهمة مزورة اخرى؟؟

_لا، سألكمك واحطم وجهك المغرور هذا. (بحدة)

_لا اعلم لماذا يزعجك وجودي، لكن اعدك انك لن تتخلصي مني

حمل صندوقه وضرب كتفها وهو يسير ليصعد الدرج


في اليوم التالي جاءت جولي الى مكتب ماثيو في الجامعة

واشار لها بالجلوس وهي على اعصابها

نظر لها بهدوء وقال: ماذا قررتي بشأن الغناء؟؟

_وماذا تريدني ان اقرر؟؟ ابعدني عن المجموعة وحسب

_انت تقولين انك لا تجيدين الغناء اليس كذلك؟؟

_اجل. (بتعجرف)


سكت لثانية ثم اردف: جولي انا احاول مساعدتك، اريد ان تقومي بما تحبين وهو الغناء

شدت طريقة كلامه جولي وقال بشيء من عدم الامبالاة: كيف اجعلك تفهم انني لا...

_ماذا عن السطح؟؟ (قاطعها)

تفاجئت وانصتت له يقول: لقد سمعتك تغنين عند السطح، كان صوتك اجمل ماسمعت

بدأ الارتباك يدخل قلب جولي ولا زالت تستمع ل (ماثيو) يقول: لم اكن اريد ان اخبرك انني سمعتك تغنين خشيت ان تتوقفي عن الغناء على السطح وان لا اسمعك تغنين مجدداً

جولي منزعجة: انت مزعج حقاً، كيف تتنصت على الاخرين؟؟ هذا فعلٌ مُشين بحق استاذ مثلك


_انا لم اكن اعلم انه انتِ حتى سمعت غناءك واردت ان اسمعه كل ساعة..

وقفت جولي وقالت بأصرار: كلامك هذا لن يغير من الامر شيئاً، انا لن اغني امام احد

استدارت لتغادر فقال: انتظري

نظرت اليه

ماثيو: جولي المغنية المذهلة اعلم انك تختبئينها تحت غطاء جولي المتنمرة والمزعجة وسأفعل اي شيء لأجعلك تستمتعين بما تحبين دون الهرب منه

حدقت به جولي ثم تركته وغادرت

في اليوم التالي لم تأتي جولي الى الجامعة وجاء الطلاب الى ماثيو متذمرين من قرار تعليق نجاحهم ب(جولي) لكنه لا يزال مصراً واخبرهم ان يقدموا اعتراض ان لم يعجبهم الامر وحقاً هذا مافعلوه


وفي اليوم التالي تم الصاق اعلان على لوحة الاعلانات الخاصة بالجامعة بفصل ماثيو لعدم كفاءته

فبدأ يجمع اغراضه من مكتبه ليترك الجامعة

الا ان المدير العام جاء اليه وقال: استاذ ماثيو

نظر له الاخير

المدير: يبدو انك ستبقى فالطالبة جولي قررت ان تربط نجاح الجميع بها وانها ستغني مع المجموعة

صُدم ماثيو وقال: لم افهم

المدير: لقد راهنت ان تجعل مجموعة الغناءوالموسيقى افضل المجموعات في الجامعة واذا لم يحدث ذلك فسيتم طردك هذه المرة حقاً


تركه المدير يفكر بكلامه ثم توجه مباشرة الى قاعة المسرح حيث وجد جولي والمجموعة كلها موجودة ونظروا اليه


كارمن: اسفون استاذ لكن لو انها وافقت ان تغنيمنذ البدلية لمّا حدث هذا


ماثيو ينظر الى جولي: لا بأس لكن، هل ستغنين حقاً؟؟

جولي مرتبكة قليلاً ومترددة: اجل


صعدت المسرح وامسكت المايكروفون ونظرت للجميع

كانت مايا خائفة وماثيو ابتلع ريقه

شعرت جولي بالحزن الشديد وانزلت رأسها خشيت ان يرى الاخرين دموعها المحبوسة في مقلتيها

ثم اغمضت عينيها يقوة وفتحتهما لتبدأ الغناء بصيحة هادئة ومميزة تقشعر لها الابدان

جعلت الجميع يصاب بالذهول

ابتسم ماثيو واشار لهم ان يأخذ كل منهم مكانه

وبدؤوا يغنون معاً

شعر ماثيو بفخراً كبير وهو يستمع ل(جولي) تغني اخيراً
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي