الفصل الثالث

لم يكن حبًا ولكنه أحبني.



يوم حزين على قلبي.



من الممكن بأن خوفي عليه لأني للحظة شعرت به وبأنه مثلي، فبدأت الحيرة و التساؤلات في فكري تجول هنا وهناك وعندما تأخر إيقنت بأنه أنتحر وأقنعت نفسي بذلك، بكيت عليه رغم أنني لم أعرف عنه شيء، فبكل حزن فتحت صفحتي لكي أودعه للمرة الأخيرة، فأنصدمت عندما رأيت رسالة منه تظهر على الشاشة، فتحتها على الفور فوجدته قال:

معاذ: أنجديني من فضلك أنا أموت.

فرديت عليه بلهفه:

خلود: معاذ ماذا حدث لك؟ وإين كنت طوال هذه الفترة؟

فما وجدته رد على رسائلي فأكملت:


_ لا تقلق أنا هنا تكلم معي أنا استمع اليك مثلما وعدتك.

_ أخبرني كيف يمكنني مساعدتك، هل أتصل بسيارة الأسعاف تأخذك للمشفى؟

_أعطيني عنوان منزلك وسأبلغهم لكي يأخذوك للمشفى في القريب.


فقلت بغضب يستحبه خوف: لماذا تتأخر عليّ هكذا.
وصرخت عليه وقلت: تكلم مابك.


فأرسل لي رسالة وقال: أنا أنزف ولا أستطيع الحديث أكثر، سامحيني ف أنا متعب سأغلق الآن.


فقالت خلود وهي تقوم من على مكتبها: لا تغلق أنتظر، أنت هل من الممكن بأن تعطيني رقم هاتفك الآن؟ سأتصلت عليك.

فأرسل لي رقم هاتفه وأتصلت عليه بدون أن أفكر ففتح المكالمة وما كان يتحدث أيضًا.


كان يبدُ أنه منهك لدرجة كبيرة من صوت أنفاسه، بدأ يتكلم وأنا كنت أستمتع إليه بقلبي ليس بأذني، فأدركت أنه كان مرتبط بفتاة وستتزوج من شخص أخر وحاول تعطيل الفرح أكثر من مرة إلى أن جرح يده وحاول الأنتحار.


لا أدري لماذا؟ ولكني قلت بلهفه عندما كنت أسمعه: هل "منه".

هي الوحيدة التي خطرت ببالي على طول عندما أخبرني عن التي يحبها، وبالأخص ربطت الموضوع بأنها "منه" لأنها أجلت زفافها من قبل أكثر من مرة، فرغم إني معجبه بها وأحترمها، كيف تخيلتها فتاة سيئة؟ وكيف أشك بصديقتي على حساب شخص لا أعرفه؟


فقلت بهمس: أنا حقًا أثق بك "منه" أسفة.


فخرجت من شرودي وكل هذا الوقت ووجدته صامت لايتكلم، فأنا انتظرت ردًا منه على أنها منه لكنه لم يجيب، فنسيت الفكرة بأنه منه وقلت: أنا لم أسال مجددًا عن حبيبتك.


فحاولت إن أسانده قدر المستطاع وأنا بعيدة عنه، في الحقيقة أول يوم ما حاولت أعرف شيء عنه أنا فقط كنت أستمع لما يقوله وأرد عليه، في وقتها الشيء الذي كنت أعرفه عنه هو أسمه وعمره ولأشيء أخر، يومًا وراء الأخر بدأت أتسال عنه وعن معرفته لي من إين؟ وكيف كان يعمل عند والدي؟ أردت المزيد و المزيد عنه، لأني تقبلته فشخصيته كانت مقاربه من "منه"


عدى علينا أسبوع وحقًا ما شعرت بأنه أسبوع، فأنا وقفت بجانبه إلى أن تعافي جسديًا ونفسيًا في تحسن، لكني تعودت عليه وأخاف بأن يتركني، فقد كنت أُحادثة عندما استيقظ من نومي إلى أن أنام، وبقيت أنام على صوته أيضًا في الأيام التي أخاف بها بليل، أنام على صوته وهو يقرأ لي قرآن، شعرت بأنه مثالي أيضًا كمنه، لكني تعلقت به ك "منه" واكثر.

أستأذن مني معاذ بيوم وأخبرني بأنه ما سيفتح لأنه ذاهب لزيارة والدته بالمقابر، وقلت له: يرحمها الله، معاذ أنا أنتظر أتصالك بعدما تنتهي.

فرد معاذ: حسنًا.

ف كلمت والداي وأطمئننت عليهم ومن ثم خرجت قليلًا للطرقات لكي أستنشق بعض الهواء النقي، وفي أثناء تواجدي على الفيس بوك أرسلت لي منه رسالة وأخبرتني بأن غدًا موعد زفافها وذكرتني بوعدي، فشعرت بأني علي الذهاب لأني ورطت نفسي.


فدلفت لشراء بعض الأشياء التي سأحتاجها للزفاف من السوق وحضرت نفسي وحجزت بفندق مسبقًا للنوم به أذا تطلب الأمر وتأخرت كثيرًا، وبعدما ذهبت للمنزل أتصلت بمنه وأخبرتها بعنوان الفندق الذي حجزت به لكي أعرف أهو قريب ولا لا من مكان زفافها فقالت لي: أنه ممتاز للغاية وبالمناسبة فصاحبه صديق والدي، وأحسنتي بأنك فكرتك بكل شيء قبل مجيئك لكي ما تتعبي هنا، وأشكرك لوجودك بجانبي في يوم مثل هذا.


فذهب اليوم سريعًا مما أتخيل رغم أنني لن أحادث معاذ كل اليوم، لكن التحضيرات كانت متعبة كأنني أنا العروس، كنت أنظر لفستاني وأتشوق لكي ألبسه، فجلست على الفراش بجانبه وما حسيت بشيء إلى أن طلع النهار.


فأستيقظت وأهتميت ببشرتي قليلًا وأكلت شيء خفيف، وأخذت حمام ساخن ولبست سريعًا ووضعت القليل من الزينة، والقليل من المعطر أيضًا، عندما كنت على وشك الخروج، رن هاتفي فوجدت معاذ يتصل بي، واجبت في الحال وأنا أقول: مرحبًا.


فرد معاذ وهو يبتسم وينظر للأعلى: مرحبًا خلود، أنزلي أنا أسفل منزلك.


فقلت بتفاجيء: لمَ أنت هنا بالأساس.


فقال معاذ وهو متفاجيء ويشيح عينه للسيارة: ما هذا الرد، أنا جئت لكي أستحبك للزفاف.


تلبكت وما عرفت ماذا قلت؟ فتشجعت ونظرت من شرفتي ورايته يلوح لي بيده وهو يبتسم، وباليد الأخرى ممسك ورد، فأغلقت معه إلى أن أنزل، فأنتهيت سريعًا ونظرت للمرآة وأخذت نفس عميق وأنا أضع يدي على قلبي، فخرجت من منزلي وكان يقف إمام سيارته وينظر للأسفل، فكم كان جميل...؛ فهذه المرة الأولي التي يراني وأراه على الحقيقة.


هو حقًا أجمل من صورته التي كانت في صفحته على الموقع، عندما أقتربت منه أخذ باله بسبب صوت الحذاء العالي فنظر ورآني، ونظرت إليه و تطاولت النظرات بيننا، عندما شعرنا بطول الوقت خرج من صمته بتلبك و قال لي: وواوو...؛ فأنتي تبدين جميلة للغاية.


فابتسمت ومن ثم قلت: ماذا تفعل هنا أسفل منزلي؟

فرد وهو ما زال ينظر لعيني: إنتِ.


فكركت رأسي للأعلى وأنا أنتظره يكمل ومن ثم قلت: أنا لا أفهم.

فأجاب معاذ وهو يرجع للسيارة وحمل الورد وقدمه لي وقال: أسمعيني جيدًا أنتِ سبقَ وأخبرتني بأنك تُريدي حضور زفاف صديقتك، وأنك قلقه من الذهاب بمفردك لأنها تسكن بمحافظة ثانية وبعيدة عنك، عندها قررت الذهاب معكي للحفل، لكي تشعري بالراحة.

فقلت له بتفاجيء: إلى هذا الحد تقلقي بشأني.


فقال وهو يمسك يدي: أجل...؛ خلود أنا واجبي مساعدتك وأن لزم الأمر سأكون قريب منك للأبد.


فقلت وأنا أترك يده وأضعها على شعري: من الأفضل أننا نذهب لنتأخر بسببك.

فأجاب وهو يشعر بأني أحرجه وقال: معكي حق هيٰ.


فأخذت منه باقة الورد وفتح لي باب السيارة وركبت ومن ثم ذهبًا و قاد سيارته في البداية لاتجاه الفرح ولكنه كان أبطيء من القطار، هكذا سنصل بعد يومين أن أستمر الوضع بهذا الشكل، لكني كنت أنظر له بفرح وقلبي كان يخفق له بشدة وهو بجانبي، حاولت أن أتجنب الحديث معه لأقوم بشيء جنوني فعندما ما وجدني علقت على سرعة السيارة وأي شيء قال لي: هل تستمتعين بهذه السرعة.

فرديت عليه وقلت: لا سنتأخر أذا أستمرينا هكذا، اسرع رجاءًا.

فابتسم معاذ وقال: حسنا، ولكن أن......


فقاطعته وقلت: أنا متعبة ولن أنم بالشكل الكافي بالأمس أيقظني عندنا نصل إلى هناك.


ألقيت كلماتي وأنا كُلي خجل، فأغمضت عيني قبل أن يتكلم بكلمة واحدة، بعد لحظات عمت السيارة بالصمت التام، من الحين للأخر ينظر نحوي ثم ينظر أمامه، وشعر بأني لا ارتاح معه فقاد بسرهة 360إلى أن وصلنا سريعًا.

وعندما وقف بالسيارة قال: وها قد وصلنا إلى مكان الفرح يا أمي....


فرن هاتفه وما أكمل حديثه وأخرج الهاتف من بدلته وخرج من السيارة ليرد على المتصل وخرجت من السيارة وكنت سأتحرك في اتجاه الفرح فقال لي: أنتظريني فقط لثانية.

فوقفت بجانبه اسرق نظراتي عليه بدون أن يراني، إلى أن جاء طفل صغير وسالني عن شيء، فأنتبهت له وعندما ركض رجعت أنظر على معاذ وما وجدته، فقد اختفى عن نظري بالكامل.


فالأجواء أمام القاعة مزدحمة وهو تأخر عليّ وأحرجت من أن أقف بمفردي كثيرًا، فذهبت بمفردي وقبل أن أكمل طريقي للمنصة أمسك بيدي وكانت "منه" بالأعلى على المنصة تنظري لي وتبتسم، فنظرت على يدي وابتسمت له ومن ثم نظرت على منه، وعندما رأت منه ذلك أحرجت من فعلته وتركت يده وذهبت إليها مسرعة، فاحتضنتها وقلت لها: ها قد وفيت بوعدي، وأنا أحتضنك الآن مثلما وعدتك.

بملامح عابسة مع دموع قليلة تنزل من عين منه وقالت لي: لماذا يا خلود؟


فقلت لها وأنا أسلم على زوجها: ماذا يا يروحي؟


وما أجابة عليّ وأتجهت أتجاه معاذ فظننت بأن هذا من الفرحة بأني جئت فأردفت: تبدين كالملاك بهذا الفستان الأبيض.

فردت منه وهي تمسح الدموع من وجهها: لماذا جئتي؟
فقلت باستغراب: هل تقصديني؟ أم توجهي كلامك لشخص آخر.

فتطلعت للخلف ما وجدت أحد، فردت منه وهي تنظر لمعاذ بعينها: هل كنتِ تعرفين بأن هذا الذي يقف بجانبك خطيبي السابق؟

فقلت لها باندهاش وأنا أنظر على معاذ: لكن هذا معاذ ليس وائل ؟

فقال معاذ وهو يقترب من منه: حبيبتي تتزوج اليوم وبمن، بصديق عمري ولأنه أغني مني، وقد نسيت الحب الذي كان بيننا.

وكان في طريقة بأن يمشي، فأمسكت منه بيده وقالت: ليس الأمر كما تظن، فأنا حقًا أحببتك.


فرد معاذ عليها بغضب: ما كنت أعرف بأني في يوم سأراكِ عروس لشخص غيري، وهل بهذه السرعة نسيتي حبي لك؟

ففتحت فمها وأسكتها وقال: أنتي رخيصة يا منه لأنك سريعة للغاية.


فتحرك لكي يرحل وأمسكت يده مرة أخرى، وتركها دون أن ينظر عليها، فنظرت عليه وأنا مازلت مصدمة كالمعازيم التي تنظر ولا تفهم شيء، فرمقني رمقة ووجدته يغادر الحفل وهو منزعج والدموع بعينه.


في حينها تقلبت كل الموازين وصرخ زوج "منه" عليها، وأطفأت الموسيقي وبدأ يسمعون المعازيم كل شيء يدور بينهم، فقال زوج "منه" بصوت مرتفع: فقد اُلغيٰ الزفاف، أخبرتني بأنكِ تركتي للأبد، وهذه لن تكن المرة الأولي التي أشك بأنكم تتواصلان، ولمَ تتواصلي معه وأنتي على وشك الزفاف بأخر، هل هو هنا لإنك طلبتي منه المجيء لكي يفسد الزفاف؟ هل والدك أخبرك بأن تتزوجيني من أجل الديون؟ إليس كذلك، لكنك قلتي أضحي بنفسي لكي أكون أن الشخص السيء صحيح، حسين السيء الذي يأخذك من حبيبك، تكلمي.

فقالت منه وهي تبكي: ليس الأمر كذلك، أنا أحبك حقًا.

فصدمت من ردها، شعرت بأن أحد سكب عليّ ما مثلج.

فقال حسين وهو يطرد الجميع: أنتي أردتي أن تتركيني فأنا أتركك يا منه، أذهبي إليه، الجميع يذهب فالزفاف قد أُلغي.


يتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي