الفصل 36

ثم التفت متجه نحو الداخل ساحبا جين خلفه أسفل أنظار الجميع وقد بدأوا بالهمس ، ادخلها المكتب بدفعة ودخل مغلقا الباب خلفه ثم ألتفت ينظر إليه بعينين من نار الجحيم ، والذي اعتادت على النظرات في الفترة الأخيرة ، ولكن هذه المرة تشعر بالخوف الحقيقي منه ، فنظراته ويديه التي تقبض قبضتها بقوة حتى برزت أوردته لا توحي ألا بالقتل ، ازدردت لعابها بصوت مستمع وتراجعت للخلف حتى التصقت بالحائط وتتمنى أن تموت الأم لتتعفى من نظراته تلك ، جز على أسنانه وتحدث بفحيح مرعب :
-تقولين كل ما يدير بيننا لهذا المعتوه ؟! .. وقلت له أيضا أن زواجنا على الورق ؟!
قالت بصوت ضعيف من فرط التأثر :
-لا لم اقل له شيء كهذا ..
ثم أطرقت رأسها تبكي وقالت بألم :
-لقد أخذته صديقا ليس أكثر .. أنا استحق العقاب .. عاقبني حيث شئت أنا راضية بنيله
-حقا قاصر .. هذه غلطتي من البداية .. وافقت على الزواج من فتاة صغيرة لم يكتمل عقلها بعد
رفعت رأسها لتنظر إليه برؤيه مشوشة بفضل دموعها ، وقف أمام مكتبه مواليها ظهره قائلا بقسوة :
-أخرجي الأن يا جين وألا سأخذ قرار أندم عليه ما تبقى من عمري

ضمت يديها إليها تبكي بصوت مستمع متمته بالاعتذار له ثم خرجت ولم تذهب إلى المنزل ، بل وقفت بجوار إحدى السيارات تنتظر أن يهدأ ثم تعود إليه لتتحدث معه ، فيما جلس جوزيف واضعا رأسه بين يديه وعندما دخل أرنو أخبره أن يلغي مواعيده بأكملها وأيضا الشغل يتوقف اليوم لينفذ ما طلبه منه ، ثم تناول سيجارة ليدخنها شاردا في كل شيء حدث معه في هذه الفترة الصغيرة ، كل شيء انقلب رأسا على عقب ، وحبيبته الصغيرة نفعل أشياء كثيرة مزعجة


قامت بوني بفتح الباب إلى فيليب ليخرج وتساءل عن كيفين لتجيب عليه بحزن واضح :
-لقد دخل السجن .. بسبب الاعتداء على ابنة عمه بالضرب
أبتسم بخفه وهو يمسح يديه في بعضها البعض ثم قبض على عنقها ليصدم ظهرها في الحائط متسائلا بشراسة :
-أخبريني بكل شيء فعله زوجك وأنا في الداخل
تحدثت بصعوبة بالغة :
-لا .. لا استطيع التحدث
ليتركها فورا وانحنى ظهرها تسعل بقوة ثم استقام ظهرها تنظر إليه بحنق قائلة :
-لقد تم تنفيذ العكر باسم شركة كيفين
ضرب على الحائط بقبضة يده قائلاً بعصبية :
-جين .. فتاة حمقاء لقد جعلتني أخسر كل شيء يخص جوزيف
عقدت ذراعيها وابتسمت بخفة ثم قالت بلؤم :
-انتقم منها إذا
نظر إليها للحظات من التفكير ثم أومأ رأسه عدة مرات ، ثم غادر هذا المنزل واستقل سيارة أجرة إلى منزله ، واراح جسده على الأريكة وبعد لحظات جاء له اتصالا فعقد حاجبية ونهض ليسير خلف صوت الهاتف ، حتى دخل إلى غرفته وكانت انتهت المكالمة فتناول الهاتف ليرى عشرة مكالمات فائتة من نفس الرقم المجهول ، أعاد بالاتصال عليه ليجيب على الفور ليعلم من هو المتصل ، واستمع فقط له لدقائق معدودة ثم أنهى المكالمة بكلمة :

-حسنا .. كل شيء سيحدث حسب رغبتي


تجولت أديل مع ساره في جنينة المنزل ، وكانت ساره تدرب يدها برفع الأثقال الحديدية وهي تتجول معها ، ولفت نظر أديل الكثير من اللوح المرسومة بجوار الأشجار المتضخمة وأيضا في الداخل صور كثيرة معلقة على الحائط ، والفضول جعلها تساءل ساره :
-أنتِ تجدين التصوير أيضا ؟!
قالت وهي ترفع بيدها اليسار الثقل الحديدي :
-نعم .. أنا فتاة مجنونه أحب أجري كل شيء .. رسم تصوير رقص بالية
ثم توقفا عن السير وشردت أديل للحظات لتقول ساره بمرح :
-تفكرين في جان يا فتاة
لتبتسم أديل ابتسامة حزينة ثم قالت باشتياق واضح :
-اشتقت إليه كثيرا .. اود أن اطمئن عليه
قالت مداعبه :
-حسنا سأذهب إلى الشركة لأطمئن عليه ثم اطمئن قلبك
ثم جلست على مقعد أمام حمام السباحة ، فيما اتسعت ابتسامة أديل وجلست على مقعد مقابل لها قائلة بحماس :
-نعم هذا صحيح .. أنتِ تحبين التصوير .. أذهبي إلى الشركة وقدمي طلب للشغل معهم
ضحكت ساره ضحكة عالية ثم توقفت عن الضحك وقالت في دهشة :
-شركة j . j المعروفة أن اشتغل بها .. وأصور أغلفة المجلة العالمية ؟!
لتقول أديل بتأكيد :
-نعم .. تصويرك أكثر من رائع
فكرت ساره في الأمر للحظات ثم ابتسمت وهي تتخيل حياتها بعد أن اشتغل في الشركة ثم اندهشت قائلة :
-واو .. سيكون شيء رائع
-حسنا أذهبي وقدمي على شغل .. تستطيعي أن تحققي أحلامك وتعودي بأخبار جان
ضرب الاثنان قبضة النصر ثم تحدثت ساره بحماس :

-حسنا أديل .. سأجرب حظي


دلفت تالة إلى المكتب في العاشرة مساء بعد مغادرة الجميع ، لتجد جوزيف مددا على الأريكة يدخن سيجارة وينظر إلى السماء من النافذة ، فوقفت خلفه ثم قبلته على وجنته برقة ، لينظر إليها مقطب جبينه ثم نظر إلى الأمام وهو يتنهد متسائلا :
-ماذا تريدي يا تاله ؟!
جلست أمامه ماسكة بيده قائلة بنعومة :
-اود أن أتحدث معك فقط
زفر دخان السيجارة في الهواء ثم اطفأها ليضع ذراعه على عيناه قائلا :
-لا أريد أن أتحدث مع أحد الأن
سحبت ذراعه من على عيناه وقبلته على جبينه بحنان ثم وضعت وجنتها على صدره قائلة :
-حسنا لن أتحدث .. فقط سنسهر معا اليوم
ثم نهضت وغادرت المكتب لتعود بعد لحظات تحمل زجاجة خمر وكأسين وقامت بوضعهم أعلى الطاولة ، ثم جلست بجواره وهي تشير إلى الزجاجة قائلة :
-كثير من الكحول كثير من المرح
أبتسم ساخرا ثم رفع ظهره واضعا قدمه اليمين على الأرض والأخرى لا زالت على الأريكة ، ثم قال بجدية :
-والدي أخبرني أن والدتي أوصته أن يحظرنا من تناول الخمر .. و وفى والدي بوعده لها
زفرت يسأم ثم وضعت القليل داخل الكأس وتناولت على مرة واحده ثم تناولت الكثير من الزجاجة ، فتعجب جوزيف من تصرفها ثم سحب الزجاجة من على فاها قائلا :
-يكفي هذا يا تالة حتى لا تثملين
أحاطت عنقه بيديها ويبدو عليها على وشك الثمل قائلة :
-اود أن اثمل لأتحدث معك بكل وضوح .. أخبرك انني أحبك كثيراً يا جوزيف
تنهدت يسأم فيما مسحت تالة على جانب شعره ثم قبلته على ثغرة فابتعد عنها وضعها بخفة على وجنتها قائلة :
-هيا انهضي سأوصلك إلى المنزل

حركت رأسها بالنفي واستندت برأسها على صدره ، أما عن التي لا زالت واقفة ودلفت إلى الشركة وكلما صعدت طابق كانت تقف تفكر كيف تواجه فهو غاضباً منها حقا ، حتى وصلت إلى الطابق الذي يقع به مكتبه واتجهت نحوه بخطوات بطيئة ، حتى وصلت إلى الباب واضعة يدها على المقبض تبتلع لعابها بصوت مستمع ويديها ترتعش من كثرة توترها من مواجهته ، ثم فتحت الباب تنظر اتجاه المكتب لم تجده فنظرت إلى الأريكة ، لتتسع عيناها في دهشة عندما رأت تالة تقبله من شفاه ، شعرت بقشعريرة في جسدها بأكمله و وقفت كالصنم ، فيما ابتعد جوزيف عن تلك الوقحة ونهض وهو ينهضها معه قائلة :
-هيا تحركي .. سأوصلك إلى المنزل
ثم نظر اتجاه الباب وتفاجئ بجين فترك يد تالة لتسقط جالسة على الأريكة ، وجدت نفسها تبكي على حالها لكونها فتاة صغيرة وتتعرض لكل هذا ، لا زالت قاصر وتشعر بألم الخيانة الذي يقتل القلب ويجعلها تشعر أنها لا شيء بالنسبة له ، ثم شهقت بخفة وأغلقت الباب بهدوء ثم ركضت إلى الدرج فيما مسح جوزيف على وجهه ثم تقدم نحو ثلاجة صغيرة تقع في ركن المكتب ، وتناول منها زجاجة مياه كان يفتحها وهو يعود إلى تالة وألقى بالمياه الباردة على وجهها لتشهق بفزع تنظر إليه فأشار إلى الباب وهو يقول بعصبية :
-أذهبي من هنا حالا
***
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي