الفصل 35

ليكمل جان بدلا منها ولكن بحده :
-و لويز كانت تتمنى الشر لوالدتي وتسببت في وفاة شقيقتي .. أفهم هذا جيداً ..
ثم تساءل بحنق :
-لماذا رفض جدي زواج عمي من لويز ؟!
ازدردت لعابها واضعه يدها على عنقها ثم قالت بحزن :
-لويز !.. يهودية
حدق بها بصدمة وهو يومئ برأسه على أنه فهم كل شيء بمجرد أن أجابت على هذا السؤال ، وأكمل بصوت غاضب يشبه الفحيح :
-لهذا كانت تكره والدتي وكانت خائفة علينا من بعد رحلينا .. أن تؤثر لويز علينا بديانتها .. ولكن والدي قام بطردها بعد وفاة والدتي وعادت ونحن شباب نفهم كل شيء
-ابنتي الغالية كان شرطها أن الخادمات يكونن مسلمين مثلها وهذا ما فعله دانييل .. كانت تجهل ديانة لويز ولكن علمت عندما جاءت الخادمة الخاصة بها تعمل في القصر .. ولهذا تشاجرت مع والدك وكانت تود العودة إلى الوطن .. هذا حدث بعد وفاة شقيقتك والحزن ضعف قلب والدتك لينتشر المرض في جسدها وتترك الحياة

ثم نهضت وقبلته على رأسها بحنان ثم ضمته إلى صدرها ليشعر بالحنان وأمان والدته ، ثم قال بترجي :

-عودي معي إلى فرنسا .. أحتاجك هناك و جوزيف أيضا ينتظر عودتك معي


كان يفحص جوزيف ملف القضية الذي رفعة على كيفين ، ليجد أن جين لابد أن تعترف بكل شيء ومن المحتمل أن تتعرض لعقاب قانوني ولهذا أغلق الملف وتنازل عن القضية ، أخذ أرنو الملف و هون عليه ثم غادر وكل الموظفين غادروا الشركة ، وظل وحده كعادته كل ليلة منذ اليوم اللعين ويدخن سجائر كثيرة ..

رن هاتفه فنظر إلى شاشته التي تضيء باسم جين ليوفر دخان السيجارة بنفاذ صبر ، ثم تناول الهاتف وأجاب عليها لتندهش جين من ردة عليها ، ثم تنهدت بهدوء وقالت :
-لماذا لم تأتي عندما تنتهي من عملك ؟!
تحدث بصوت عنيف :
-جين من فضلك لا تتحدثي معي هذه الفترة .. حسنا ؟!
ثم أنهى المكالمة قبل أن يستمع إلى حديثها ، فنظرت إلى الهاتف بحزن واضح وبكت في صمت ، حقا اشتاقت إليه كثيراً ، اشتاقت لحديثه لمشاكسته لها لمداعبته لها ، لكل شيء فكاهي كان يقوم به ، مددت على الأريكة تضم الوسادة إليها وتذكرت كل شيء مرح قضيته معه ، ابتسامته حديثه الرائع ، عناقه حنانه كل شيء ، أغمضت عيناها لتهبط دمعه على وجنتيها هامسة :
-اشتقت إليك

فيما تحدث جوزيف مع صديقة وتكلم مع جدته المشتاق إليها ، وعقب انتهاء المكالمة أراح جسده على الأريكة ليغلبه النعاس من كثرة الإرهاق ويذهب إلى النوم ، ليمضي الليل سريعاً ويأتي الصباح ..
امتلأت الشركة بالموظفين وكل منهم تابع عمله ، جاءت جين على أمل أن تتحدث معه ، ودخلت المكتب تنظر اتجاه مكتبه لم تجده فألقت نظره على المكان بأكمله لترى نائم على الأريكة ، فأغلقت الباب بهدوء وتقدمت نحوه لتجلس بجواره وأخذت تمسح على وجه بلطف ، ثم قبلته على وجنته ثم استندت برأسها على صدره ، أستيقظ جوزيف وهبط بعدسة عيناه ليرى رأسها فتنحنح بخفة لترفع رأسها بلهفة وتنظر إليه باشتياق واضح ، فيما نهض جوزيف متجه نحو الحمام الخاص بالمكتب لتنهض راكضة إليه وتقف أمامه قائلة دون تردد :
-اشتقت إليك .. افتقدك حقا .. لقد أجبرت على الزواج بك ولكن كان أجمل إجبار حدث لي
كلما يرى وجهها كلما يتذكر حماقتها وإرسال أسرار الشغل إلى فيليب ، هذا الذي كان سيرفع من الشركة وكانت ستكون نقلة مربحه ، جين دمرت كل شيء وأيضا خطة الشغل القادمة قامت بتدميرها ، جعلها تتنحى جانبا بدفعها بظهر يده بخفة ، وتابع السير قائلا بحده :
-أخبرتك لا تتحدثي معي هذه الفترة
ثم دلف إلى الحمام مغلقا الباب خلفه بقوة وأخرج هاتفه من جيب سرواله وتحدث مع أرنو وطلب منه أن يجلب له ثياب أخرى ، فيما بكت جين للحظات ثم مسحت دموعها وخرجت إلى العمل ، قامت بارتداء ثياب جديدة وفتاة وضعت لها مساحيق التجميل المناسبة لتزيد جمالا ، ثم خرجت إلى البهو الخاص بالشركة ليتوقف الجميع عند التصوير يصفقون لها كعادتهم ، و وقف ينظر بيير إليها بحب وابتسامة واسعة ، فيما استمع جوزيف صوت التصفيق ونهض من مكانه و وقف أمام النافذة ينظر إليهم ثم نظر إلى بيير الذي مد يده إلى جين وأمسك بيدها الناعمة ، ثم أوقفها في مكانها المناسب والتقط لها أول صورة ، فيما عاد الجميع إلى عملهم ، ثم وقف بيير خلفها واضعا يديه على خصرها يعلمها كيف تقف ، ضرب جوزيف على الحائط بقبضة يده بغيظ ، وشعر بالغيرة أكثر عندما تبسمت جين والذي لم يعلم ماذا قال لها لتضحك ولكن شعر أنه يغازلها ، وحقا شعور صحيح فأخبرها بيير أنها تبدو جميلة ولهذا تبسمت متمته بالشكر ، ثم وقف يلتقط لها عدة صور ، ثم تقدم نحوها مجدداً و وقف بضبط وجهها وشعرها خلف أذنيها ..

لم يتحمل جوزيف هذا والدماء تركض في أوردته كالبركان الذي على وشك الانفجار ، وترك مكتبه ليكون في البهو بعد لحظات ، كان بيير يلتقط صورة أخرى ثم وقف أمام جين وأحاط عنقها بيديه ينظر في عيناها بحب واضح ، وقال بجدية :
-حقا تبدين رائعة .. قلبي محق على الجنون بكِ
حملقت به في تذمر وهمست بحده :
-اتركني وقم بالتصوير فقط يا بيير
لاحت ابتسامة على شفتيه ثم قبلها على وجنتها برقة لتتسع عيناها في ذهول ، ورأت جوزيف يقترب منهم كالأسد الذي يهجم على عدوه ليضعه بين أسنانه الشرسة ويضغط عليه غيظا حتى يموت بين يديه ، لأنه تجرأ واقترب من زوجته الذي لا يطيق أن الهواء يبعث بين خصل شعرها الحريري ، قبض على معصمه بقوة ليلتوي في يديه وهو يديره لينظر بيير إليه بحده بفضل الألم الذي تسبب جوزيف به ، ولم يعطي فرصة للحديث فقد شدد له لكميتين متتاليتين في وجهه بقوة ثم ترك معصمه بدفعه وكاد أن يسقط ولكن تمالك نفسه ، فيما قبض جوزيف على معصم جين ليجذبها إليه واضعا إياها خلف ظهره وتحدث بعصبية بالغة :
-كيف تتجرأ وتقبل زوجتي يا حقير
ليلفت أنظار الجميع فيما وقف بيير في مواجهته بتحدي وكأنه لم يفعل شيئاً وأشار إلى جين وهو يقول بصوت جهوري :
-زوجتك حقا ؟! .. تقسوا عليها وتتجاهل الحديث معها .. كانت خائفة عليك من الحبس وأنت قاسي أناني
حدقت جين في بيير لأنه أفصح له على ما كان سر بينهم ، فيما صدم جوزيف من حديثه ثم نادي على أرنو بعصبية بالغة ليركض واحدا من إحدى المصورين إلى الداخل ينادي أرنو الذي خرج على الفور ، فأشار إلى بيير باشمئزاز قائلا :
-اعطى له ما تبقى من حسابه ويترك الشغل
-ولكن يا جوزيف ..
صاح بعصبية مقاطعا حديثه بحزم :
-نفذ ما قلته لك
***
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي