الفصل 33

جلست أديل على المقعد تبكي قائلة :
-ولماذا عن جان .. لقد وعدته أننا نظل قاربين
لتقول جدتها بصوتها الضعيف :
-هذا الصح يا أبنتي .. دعي يذهب إلى زوجته وعائلته
ساعات من كثرة البكاء وهي تومئ برأسها موافقة على حديث جدتها مضطرة ، فأنهضتها كير وضمتها إليها لتتشبث أديل في ثيابها بقوة وتقول قهرا :
-أحبه كثيرا يا كير .. ليتنا في زمن غير الزمن .. يا الله عوضني خيراً
وجدت كير نفسها تبكي متأثره بها ثم شجعتها على الذهاب لتدخل أديل الغرفة و وضعت أغراضها في الحقيبة وأيضا جدتها ثم ودعت ابراهام بالعناق و اوصته على عائلتها ليقول :
-لا تقلقي سنكون معك دائما .. وسنأتي إليك ولكن عندما تهدأ الأمور قليلا
حركت رأسها بخفة ثم غادرت مع كير ، ليغلق ابراهام المنزل بالقفل الحديدي وغادر هو الأخر ، ما مضى على مغادرتهم ألا ربع ساعة و وصل جان إلى المنزل و وقف يدق الجرس ولم يستقبل رد ، فمسح على الباب ولفت نظره القفل الحديدي فأمسك به وفكر أن أديل قد غادرت ، فأخرج هاتفه من جيب سرواله واستقل سيارته وهو يرن عليها ، مسحت أديل دموعها بكلت يديها ثم فتحت سحابة الحقيبة لتأخذ الهاتف وبمجرد أن رأت أسم جان ازدردت لعابها بصوت مستمع ، ثم فتحت المكالمة لتضعه على أذنها واستمتعت إلى معاتبته وحديثه الحاد :
-لم توفي بوعدك لي يا أديل .. قلتي انك لن تبتعدي مجددا حتى إذا انفصالنا .. لماذا تفعلين بي هذا ؟!
شهقت من البكاء فنظرت كير إليها بحزن ثم انتبهت إلى الطريق ، فيما أغمضت أديل عيناها وقالت ببكاء :
-أسفه جان .. المجتمع والعائلة رافضين حبنا .. كيفين يا جان لم يتركني ومن المحتمل أن يقتلك
اتسعت عيناه بحده تشبه صقر غاضب يبحث عن فريسته وقال بصوت جهوري :
-تعتقدين انني غير قادر على حمايتك من ذاك المعتوه .. أنتِ مخطئه يا أديل
-فراقي ليس بسبب كيفين فقط يا جان
رخى أعصابه وقد هبطت دموعه على وجنتيه وهو يقول بنفاذ صبر :
-نعم علمت الأن .. تخلقين ألف حجة للفراق .. أنتِ لم تحبينني يوماً ما .. الحب هو أن نظل معا لتخطي الصعاب .. أنا أعطيتك قلبي وحبي وكل شيء يا أديل وأنتِ بسهوله تتركيني .. ندمت الأن على كل كلمة نطقت لكِ بها ..كرا أديل على جرح قلبي التي تسببتِ به .. أنتِ طالق
ثم أنهى المكالمة ليحدق في الفراغ بصدمة بالغة ثم هبطت دموعه الساخنة على وجنتيه في صمت ، ثم شغل محرك السيارة ليغادر واغمض عيناه لوهله لتهبط دموعه كالشلال ثم انتبه إلى الطريق ، فيما ظلت أديل واضعة الهاتف على أذنها محدقة في الفراغ بصدمة ، لم تصدق ما سمعته من جان الأن ، كان قاسي عليها حقا بحديثه ، فجأة تركت الهاتف يسقط على قدميها لتبكي بصوت مستمع واضعة يدها على صدرها الذي يؤلمها ، حتى أنفاسها تؤلمها ، فشعرت جدتها بالقلق عليها ومدت يدها إلى الأمام لتضعها على ذراع أديل تمسح عليه ، فيما صفت كير السيارة جانب الطريق لتضمها إليها وتقبلها على رأسها ، تعالت شهقات أديل وشعرت برعشة في جسدها قائلة :
-جـ جان .. يـ آآ قول أأآءه ننـ ني لم أ آآ أحبه .. و و طلقني
مسحت على شعرها بحنان و هونت عليها ثم فتحت لها زجاجة مياه ، لتضع أديل المياه على وجهها وعيناها التي ورمت من كثرة البكاء ، فيما عادت كير للقيادة قائلة :
-كل شيء مر سيمضي

ثم استندت أديل برأسها إلى نافذة السيارة تنظر إلى الطريق شاردة في حياتها ، التي كانت كبستان زهور وهي الفراشة المدللة ، إلى جحيم وبكاء وألم وفراق ، حقا دنيا مؤلمه ، عليها النعاس لتذهب إلى نوم عميق ، وبعد ساعة تقريبا وصلت كير إلى منزل ، ودخلت من البوابة بالسيارة ثم صفت السيارة أمام المنزل ، وايقظت أديل بهدوء ، ثم ترجلن من السيارة ودلفن إلى المنزل ، فنظرت أديل حولها فيما دخلت كير و وقفت أمام غرفة واسعة مقفولة من باب زجاجي باللون البني الداكن متخذه من البهو ، وقفت خلف الزجاج أن إلى تلك الفتاة الجميلة التي ترفض بالية باحترافيه ، فابتسمت كير ثم دقت على الزجاج لتنظر الفتاة إليها ..

توقفت عن الرقص وقامت بفتح الباب لتعانق كير باشتياق قائلة :
-اشتاقت إليكِ كثيرا كير
بادلتها بالاشتياق ثم أخذتها وعرفتها على أديل وجدتها ثم قالت :
-هذه أديل الذي حدثت عنها .. أديل هذه ساره صديقتي المقربة


ساره فتاة بملامح جذابة بيضاء البشرة ، شعر أسود براق وعيون زرقاء صافيه ، درست في الفنون الجميلة وتعمل مدربة رقص البالية ورقص لزومبا في إحدى النوادي المعروفة


وصل المنزل واغلق الباب بظهره مغمض عيناه بإرهاق واضح ، هبطت أوجيني الدرج مسرعة و وقفت تنظر إليه بسعادة وشغف ، ففتح عيناه لينظر إليها ثم تقدم خطوتين فركضت إليه لتعانقه بشدة قائلة :
-جان اشتقت اليك كثيرا
رفع يده دون تردد ليضعها على خصرها وشرد متسائلا :
-هل ستتركين حبيبك يوما ما ؟!
تبسمت وقبلته على عنقه وأخذت تمسح على شعره من الخلف قائلة :
-مطلقا .. الذي يحب لا يهاجر حبيبة أبدا .. والعشاق معا لتخطي أصعب الظروف لينتصروا في النهاية
أخرج تهنيده قوية من صدره وهو يومئ برأسه بالإيجاب ثم ضمها إليه أكثر ، ثم ابتعدت عنه وأمسكت بيده وصعدا إلى الغرفة فدلف إلى الغرفة الصغيرة وقام بتبديل ثيابه بإرهاق وعقب خروجه ألقى بجسده على الفراش وقال :
-سنعود إلى القرية غدا
مددت بجواره وهي تحرك رأسها بالموافقة ، وأخذت تفكر في حياته مع أديل وما الذي حدث بينهم ولكن مترددة ، أخذت قرار نهائي وهو أنها لم تتحدث معه عن أديل حتى لا يتذكرها ، لم تعلم أنها تسكن في قلبه ولا يفكر في غيرها وقلبه لم ينبض سوى لأديل ، رفعت يدها لتضعها على شعره فأغمض عيناه ليتخيل للحظة أنها يد أديل وليكتمل الشعور وضع راحته على أنفه يستنشق عطرها الذي وضعه على راحته ، ثم قبلته أوجين على وجنته واستندت برأسها على صدره ..

ليجد نفسه يضمها إليه وابتدأت حياتهم الزوجية معا ، ليمضي عليهم نصف ساعة ونهض جان ثم خرج إلى الشرفة ليضع يديه على السور ضاغطا عليه بقوة حتى برزت أوردته ، ثم رفع رأسه ينظر إلى السماء والنجوم المتناثرة بعمق ، ليتذكر شيئاً ما في الماضي ..

كان يتجول في جنينة المنزل ماسكا بيد والدته مرتدية عباءة طويلة بيضاء فضفاض ، وتشير إلى النجوم بابتسامة بشوشه وتقول بصوت هادئ :
-لا زالت النجوم تلمع .. إذا الدنيا بخير
تبسم جان الصغير فيما شعرت والدته بألم أسفل ظهرها فجلست على الأرض معقدة ذراعيها واجلست جان على قدميها تضمه إلى صدرها وقالت :
-صغيري اتمنى أن تحافظ على مبادئك .. وأيضا لا تتأثر بالأشخاص هنا .. الكثير منهم يفعل أخطاء تغضب ربنا
ثم مسحت على شعره ورفعت عيناه إلى السماء بخوف واضح قائلة :
-أنت مسلم لقد ربيتك أنت وشقيقك وشقيقتك على ديننا .. حافظ على دينك يا بني
ثم هبطت دموعها على وجنتيها ، التفت جان ليرى دموعها فقام بمسحها بيده الصغيرة متسائلا :
-لماذا تبكين ؟!

فاق من ذكرياته معقد حاجبية ، وسأل نفسه لما كانت والدته تبكي هذا اليوم ، دخل الغرفة وتناول ستره يرتديها على جسده العاري ثم تناول هاتفه وخرج من الغرفة ليدخل غرفة ثانية واتصل على شقيقة ، الذي يدخن سيجارة وفي مطفأة السجائر العديد من السجائر المدخنة ، تناول هاتفه المزعج لينظر إلى شاشته ليجيب على الفور بمجرد أن رأى أسم شقيقه..
***
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي